قبل أيام من عيد الفطر المبارك تقاطرت عليّ كما غيري، بطاقات التهنئة والمسجات والواتس أب وغيرها من وسائل التعبير، مهنئةً بعيد الفطر المبارك وتملكتني الحيرة في التصرف تجاه ذلك. هل «أطنّش»، وهو ما يعتبر إساءةً لمن بادروا تقديراً منهم بإرسال التهاني والتمنيات، أم أرد حسب قول المتنبي:
عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيد بما مضى أم لأمرٍ فيك تحديد
أما الأحبة فالبيـداء بينهـم فليت دونـك بيداً بعدها بِيدُ.
والمعنى معروف. وقد امتنعت عن الرد وأنا مثل غيري يتابع حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة، ومجازر لا تقل عنها ضراوة في العراق وسورية على يد «داعش» وأخواتها، وكذلك الجيش العقائدي في سورية، وحرب الكتائب القبلية في ليبيا واليمن، وتفجيرات في عددٍ من الدول العربية، واستمرار آلة القمع العربية بذات الوتيرة حيث لا تعرف التوقف حتى أيام الأعياد.
تابعت ذلك عن قرب في وطني البحرين حيث المداهمات مستمرة، ومحاكمات الناشطين والمعارضين، وإجراءات الحصار على المناطق السكنية والحواجز، والعقاب الجماعي والغازات السامة، وحملات الكراهية والتخوين. هل هناك ما يفرح أو يسر القلب ويشي بعيدٍ قادم؟
بل إن أحداث العالم نذير شؤم، وتمثلت في إسقاط الطائرة الماليزية في شرق أوكرانيا ومقتل جميع ركابها الـ 300، مع احتدام المعارك في أوكرانيا، وعبث «جماعة بوكو حرام» في غربي إفريقيا، ومذابح المسلمين في الصين وبورما، وسقوط الطائرة الجزائرية في مالي ومقتل جميع ركابها، وغيرها وغيرها من الأحداث الدامية. كل هذه الأحداث سرقت الفرح منا.
ثم ماذا أقول إن أردت أن احتفل بالعيد لأهل غزة وللشعب الفلسطيني؟ ماذا أقول للثكلى في هذا الوطن العربي الذي يلفه الخراب؟ ماذا أقول لعائلات الشهداء والأسرى والمنفيين في وطني؟ وماذا عساي أن أتفوه به وأنا أزورهم؟ هل أبارك لهم بالعيد؟ وأي عيد هذا؟
بالفعل تتملكني الحيرة كلما دخلت على عائلة منهم أثناء زيارتهم ضمن وفد «مرصد البحرين لحقوق الإنسان»، فيما يعتبر أقل من الواجب. تضيع الكلمات سوى كلمات مواساة وتمتمات غير مفهومة: إن شاء الله يعود عليكم في حال أحسن من هذا. دماء الشهيد لم تذهب هدراً، إن شاء الله ينفك أسر أسراكم. إن شاء الله يرجعون أولادكم من المنافي، إن شاء الله. إن شاء الله... ولكن وكما يقول المثل فالحياة مستمرة ولابد من قدر من التفاؤل والفرح، من هنا تبادل التهاني الزيارات للأهل والأصدقاء في حدودها الدنيا.
نعم... إنه لمخجلٌ أن يستمر العرب، حكومات وشعوباً، في الاحتفال بالعيد، وكأن ما يجرى في غزة وفلسطين في كوكب آخر، وكأن ما يجرى في العراق وسورية وليبيا واليمن في بلاد الواق واق. ألم يكن الأجدر توفير الملايين المصروفة على الاحتفالات الباذخة، والمآدب العامرة، للتبرع بها لغزة وشعبها؟ ألم يكن الأجدى لشعوبنا أن تضغط على حكوماتها لتخرج من حالة المراوحة والتفرج وتفويض أميركا، الخصم والحكم، بالحل؟ أليست مسئولية شعب مصر كسر الحصار عن غزة، ومصر منفذها الوحيد.
دول أميركا اللاتينية أدانت حرب الإبادة الإسرائيلية ووصفتها بأنها جريمة حرب، وسحبت سفراءها، وليس من دولة عربية قطعت علاقاتها العلنية والسرية مع العدو الإسرائيلي. المظاهرات تنطلق في عواصم ومدن العالم، بما فيها الدول الصديقة لـ «إسرائيل» مثل أميركا وأوروبا، بينما الصمت يلف الشارع العربي المشغول باحتفالات العيد والسهرات الملاح تعويضاً عن ما فاتهم في رمضان.
إذا كان من فرحةٍ، فهي فرحة انتصارات المقاومة في غزة، والرعب الذي سيطر على المغتصبين الصهاينة في فلسطين، وآلامهم وهم يدفنون قتلاهم. نعم «إنهم يألمون كما تألمون»، ولا بأس بأن لا يكون هناك تناسب في عدد القتلى فهم شهداء عندنا ومصدر فخر وتصميم عند أهاليهم وشعبهم، وعندهم مصدر خسارة وندم، ولذا تحرّك حتى الشارع الإسرائيلي خوفاً من مزيدٍ من الخسائر.
فليكن العيد مناسبةً لتعزيز المشاعر الأخوية والإنسانية مع إخوة لنا في العروبة والإنسانية، وللتفكير فيما يمكننا أن نقدّمه لدعمهم، وأن لا يقتصر الأمر على فزعةٍ تفور ثم تتلاشى.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ
بإذن الله نحتفل
بإذن الله سيحتفل جميع العرب و المسلمين يوم سقوط اسرائيل و ايران اكبر أعداء الامة العربية و الاسلامية
اللهم آمين
اللهم آمين
عيد يأية حال عدت
لم نحس بطعم العيد وأبناءنا في السجون والظلم يحيط بنا والمستقبل غامض لدي ولدان في السجن حرمونا منهم وحرموهم منا ولم يهز القضاة شخر رمضان ولم يخافوا من الله ظلم ما يعده ظلم حسبنا الله ونعم الوكيل