لمحت إسرائيل إلى أنها تستعد لإنهاء الحرب من جانب واحد على غزة والتي استمرت 25 يوما وقالت اليوم السبت (2 أغسطس / آب 2014) إنها لن تحضر المفاوضات التي تستضيفها مصر لعقد هدنة جديدة كما سمحت للفلسطينيين الذين فروا من القتال بالعودة إلى بلدة في شمال القطاع.
لكن تبادل القصف استمر وقال مسؤولون فلسطينيون إن عدد الشهداء ارتفع إلى 1669 شهيدا معظمهم من المدنيين. وقالت إسرائيل إن نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ أسقط صواريخ أطلقتها حماس على تل أبيب وبئر سبع.
ولم تصمد عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تهيمن عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وكان آخرها هدنة يوم الجمعة انهارت بعد مقتل جنديين إسرائيليين واختفاء ثالث في كمين برفح.
واتهمت إسرائيل حماس بخطف الضابط هدار جولدين وقالت الولايات المتحدة إن حماس أقدمت على انتهاك "همجي" للهدنة. وكانت الأمم المتحدة أكثر تحفظا في إدانة حماس لكنها حثتها على إطلاق سراح الضابط فورا.
وفي محاولة للتنصل من المسئولية قالت حماس إنها تعتقد أن مسلحيها هاجموا الجنود الإسرائيليين قبل سريان وقف إطلاق النار يوم الجمعة وإذا كان جولدين قد أسر فإنه ربما قتل في قصف إسرائيلي أعقبت التوغل.
ومن المقرر أن يطير وفد فلسطيني إلى القاهرة لعقد مفاوضات حول هدنة جديدة ستطرح حماس خلالها مطلبها بتسهيل الحركة في معبر رفح الحدودي بين مصر والقطاع. لكن إسرائيل قالت إنها لن ترسل وفدا كان مقررا أن يسافر اليوم السبت.
وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي تساحي هانجبي لقناة التلفزيون الثانية الإسرائيلية "لا يمكن الثقة بأنهم (حماس) سيكونون عند كلمتهم. لا يمكنهم وقف (القصف) لأن وقفا لإطلاق النار في هذه المرحلة سيكون أسوأ هزيمة ممكنة بالنسبة لهم سواء تم التوصل إليه بترتيب أو دون ترتيب."
وشنت إسرائيل هجوما جويا وبحريا في الثامن من يوليو تموز بعد تصاعد في إطلاق القذائف الصاروخية عبر الحدود من قبل حماس ومنظمات فلسطينية أخرى ثم صعدت هجومها لاحقا إلى هجمات برية تركزت على مخارج شبكة الأنفاق تحت غزة التي تتركز في شرق القطاع لكنها تقدمت إلى مناطق مأهولة.
وقالت إسرائيل بتأييد من الولايات المتحدة إن قواتها ستواصل -في وجود هدنة أو عدم وجودها- عمليات هدم الأنفاق التي استخدمتها حماس في عدة هجمات عبر الحدود. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه حدد موقع أكثر من 30 نفقا وعشرات المخارج ونسفها.
وقال اللفتنانت بيتر ليرنر المتحدث باسم الجيش "نرى أن أهدافنا وعلى رأسها تدمير الأنفاق اقتربت من التحقق."
وشهدت البلدات كثيفة السكان في غزة والقريبة من الحدود الإسرائيلية اشتباكات مدمرة وفرار عشرات الألوف من الفلسطينيين بعد تحذيرات من القوات الإسرائيلية التي تقدمت لمواجهة المسلحين الفلسطينيين المتحصنين.
وقالت إسرائيل اليوم إن الفارين من بيت لاهيا وهي بلدة في شمال القطاع يسكنها 70 ألف نسمة بإمكانهم العودة إلى البلدة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "ننصح السكان بتوخي الحرص من العبوات الناسفة التي نشرتها حماس في المنطقة." لكن الخوف ظل ملازما للفلسطينيين مع استمرار رؤية طوابير المدرعات الإسرائيلية.
وقال أب لسبعة أبناء يبلغ من العمر 30 عاما ويقيم في مدرسة تديرها الأمم المتحدة تستخدم ملجأ للفارين "لم يطلب مني أحد العودة." وأضاف "لا يمكننا أن نخاطر بالعودة ثم نتعرض للقصف من القوات الإسرائيلية."
وبعد انهيار الهدنة أمس الجمعة استدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجلس الوزراء المصغر في إسرائيل لجلسة خاصة وهدد حماس وفصائل فلسطينية أخرى بأنها "ستتحمل عواقب تصرفاتها."
لكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسؤولين حكوميين لم تذكر أسماءهم قولهم إن نتنياهو ووزير الدفاع موشي يعلون سيستمران في نهج العمليات الإسرائيلية بدلا من التصعيد.
وقالت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- اليوم بعد استقصاء تعقد بسبب فقد الاتصال مع مجموعة من مقاتليها في منطقة رفح إنها تعتقد أن كمينا نصب لقوة إسرائيلية كانت تتقدم قبل سريان الهدنة بساعة.
وأضافت في بيان "ما حدث شرق رفح منذ فجر الجمعة هو أن قوات العدو -مستغلة الحديث عن وقف إطلاق النار الإنساني المفترض- توغلت ليلا بعمق يزيد عن كيلومترين في أراضينا شرق رفح وتقديراتنا بأنه جرى التصدي لها والاشتباك معها من قبل إحدى كمائننا التي تواجدت في نفس المكان حيث بدأ الاشتباك قرابة الساعة السابعة صباحا أي قبل وقت دخول التهدئة المفترضة."
وقالت كتائب القسام في بيانها "إننا في كتائب القسام لا علم لنا حتى اللحظة بموضوع الجندي المفقود ولا بمكان وجوده أو ظروف اختفائه."
ونقل راديو الجيش الإسرائيلي عن ضابط قوله إن وضع جولدين غير معروف. وأضاف أنه شوهد للمرة الأخيرة بجوار جنديين قتلهما مقاتل من حماس في إشارة إلى أنه ربما قتل وأن خاطفيه يحتفظون بالجثة.
وأكدت إسرائيل مقتل 63 جنديا إسرائيليا إضافة إلى ثلاثة مدنيين.
ولوقت طويل هددت حماس بخطف جنود إسرائيليين لمبادلتهم بسجناء فلسطينيين. وفي 2011 أفرجت إسرائيل عن أكثر من ألف فلسطيني مقابل جلعاد شليط وهو جندي خطفته حماس قبل خمس سنوات. وأفرجت إسرائيل عن سجناء مقابل رفات جنود كانت لدى حزب الله اللبناني.
وتسبب الهجوم على الجنود الإسرائيليين في رفح في قصف إسرائيلي للمدينة قتل فيه 150 فلسطينيا. وأعلنت إسرائيل أن الهدنة التي كان من المقرر أن تستمر لمدة 72 ساعة لإغاثة المدنيين انتهت.
وترى حماس في التحركات الإسرائيلية خلال الهدنة استفزازا لها.
وقال سكان في رفح إنهم تلقوا اتصالات هاتفية مسجلة تحذرهم فيها إسرائيل من الخروج من منازلهم. وأحصى مسؤولون طبيون اليوم السبت تدمير 12 منزلا على الأقل وقالوا إن العائلات التي كانت تعيش في تلك المنازل فقدت ما بين اثنين وثمانية من أفرادها.
وقال باسم عبيد وهو من سكان غزة لرويترز "كان الأمر أشبه بفيلم رعب .. انفجارات في كل مكان وسيارات مشتعلة تتطاير وأشخاص يموتون تحت حطام المنازل التي تقصف. تمكنت من الفرار من المنطقة بمعجزة ولم أمت من الخوف وهذه معجزة أخرى."
وذكر أشرف جمعة وهو نائب فلسطيني عن حركة فتح أن 50 ألف شخص تشردوا في قرى إلى الشرق من البلدة. واتهم إسرائيل بارتكاب جريمة حرب.
وكان من بين أهداف الغارات الجوية الإسرائيلية اليوم مبنى في حرم الجامعة الإسلامية بمدينة غزة. وقال الجيش إن حماس تستخدم المبنى في أبحاث السلاح وتطوير تصنيع الأسلحة كما أضاف أنه قصف عشرات الأنفاق ومخازن الأسلحة في أماكن أخرى.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصحفيين "المبادرة المصرية هي الفرصة الحقيقية لإيجاد حل حقيقي للأزمة التي تدور في قطاع غزة. هي الفرصة الحقيقية لإيقاف نزيف الدم الفلسطيني الموجود في قطاع غزة."
وأضاف "فقدان الوقت يؤدي إلى مزيد من تعقيد الوضع أكثر وأكثر."