قال مُدوِّنون إن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت نمطاً جديداً للتواصل داخل الأسرة والمجتمع، وإن هذا النمط خلق حواجز للتواصل الفعلي وأزال حواجز التواصل الافتراضي، كما أفرزت هذه الوسائل لغة جديدة لا يفهمها إلا مستخدمو وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما لفتوا إلى أنها تجاوزت مرحلة التعارف بين الأفراد، ليمسي اليوم بعض الناشطين في تلك المواقع مصدراً للأخبار مع اختلاف دقتهم.
وأضافوا أن أثرها تجاوز الجوانب الاجتماعية والإعلامية، ليصل إلى الجانب الاقتصادي بخلق سوق جديدة وتنافسية، دخل فيها كثيرون من دون الحاجة إلى الخبرة أو رأس المال أو المتاجر.
وأشاروا إلى أن تلك الوسائل باتت جزءاً لا يتجزأ من حياة الفرد، وأن إحدى الدراسات التي أجريت مؤخراً قدّرت أن الشخص العادي ينظر في هاتفه الذكي أكثر من 150 مرة طوال اليوم، وهذا مؤشر إلى حالة الإدمان التي يعيشها الفرد على تلك الوسائل.
الوسط - زينب التاجر
قال مدونون إن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت نمطاً جديداً للتواصل داخل الأسرة والمجتمع وإن هذا النمط خلق حواجز للتواصل الفعلي وأزال حواجز التواصل الافتراضي، كما أفرزت لغة جديدة لا يفهما إلا مستخدمو وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما لفتوا إلى أنه مهما تجاوزت التعارف بين الأفراد، ليمسي اليوم بعض الناشطين في تلك المواقع مصدراً للأخبار مع اختلاف دقتهم.
وأضافوا أن أثرها تجاوز الجوانب الاجتماعية والإعلامية، ليصل إلى الجانب الاقتصادي بخلق سوق جديدة وتنافسية، دخل فيها كثيرون من دون الحاجة للخبرة أو رأس المال أو المتاجر.
وأشاروا إلى أن تلك الوسائل باتت جزءاً لا يتجزأ من حياة الفرد، وأن إحدى الدراسات التي أجريت مؤخراً قدرت أن الشخص العادي ينظر في هاتفه الذكي أكثر من 150 مرة طوال اليوم، وهذا مؤشر على حالة الإدمان التي يعيشها الفرد على تلك الوسائل.
وفيما يتعلق بجوانبها الإيجابية والسلبية، فقد ذكروا أنها تساهم في تقليص الحواجز والمسافات، وسرعة إيصال المعلومة وإشباع الرغبات والتي يحدد توجهها الوازع الديني والعادات والتقاليد، فضلاً عن إسهامها في تشجيع الأفراد والمؤسسات الصغيرة على الدخول في التجارة الحرة، فيما لفتوا إلى أن جوانبها السلبية تكمن في حالة الإدمان التي يعيشها البعض مع تلك الوسائل إلى جانب ما تتسبب به من حوادث مرورية، فضلاً عن انتشار الإشاعات وغيرها.
وفي ذلك، قال المدون توفيق الرياش إنه لا يمكن تعميم سلبيات أو إيجابيات تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة على طبيعة الحياة الاجتماعية، مستدركاً أنه يمكن الإجماع على دخول العالم في نمط جديد للتواصل داخل الأسرة والمجتمع، وهذا النمط خلق حواجز للتواصل الفعلي وأزال حواجز التواصل الافتراضي، أي بلغة فكاهية (بعد القريب وقرب البعيد) على حد وصفه.
وتابع أن تلك الوسائل أيضاً وفرت المساحة وتجاوزت محظور المواجهة من دون خجل أو خوف للتنفيس عن المشاعر المكبوتة بين الزوج والزوجة أو بين الأبناء والآباء وغيرها.
ورأى أن المخاطر التي تسببها وسائل التواصل الافتراضي هي الشيء الوحيد الذي يجمع عليه الغالبية ولكنهم يتجاهلونه، وعزا ذلك لوجود حالة من الإدمان تؤثر على قدراتهم الذهنية وقدراتهم البدنية على المدى المتوسط والبعيد، بالإضافة إلى إزالة «التابو» الاجتماعي والديني والتعود على دخول المحظور حتى أصبح لدى البعض شيء طبيعي وعادي، كما أن الإفراط في هذه الوسائل يخلق نوعاً من العزلة النفسية لدى المستخدم ويحفزه على تكوين علاقات وهمية وصداقات خيالية مع الجنس الآخر تجره في النهاية إلى ما لا تحمد عقباه.
وأضاف الرياش أن تأثير تلك الوسائل لا يقف عند ذلك الحد، فقد خلق لغة جديدة لا يفهمها إلى مستخدمو شبكات التواصل، أما بشأن أسباب قدرتها على اختراق كل الفئات والطبقات، فقد بين الرياش أن توافر التكنولوجيا لوجيستياً واقتصادياً مع وجود برامج سهلة الاستخدام وموثوقة جعل وسائل التواصل تحتل وتتحكم بكل الفئات العمرية باختلاف المآرب فيها.
ومن ناحية إيجابية، فقد نوه إلى أنه بفضل تلك الشبكات أزيلت الحدود الجغرافية والحدود النفسية للتواصل مع الأهل والأصدقاء والتعرف على الآخر لتبادل المعرفة وتطوير الإبداعات والمشاريع، كما فتحت وسائل التواصل الافتراضي المجال وأبواب الاستثمار للنشاطات الصغيرة والمبتدئة لعدم حاجتها لرأس المال.
وتابع أن اليوم يمكن أن نجد من الصحف الأكثر انتشاراً لا تتجاوز أعدادها المطبوعة الإثنى عشر ألف نسخة بينما تجد بعض الحسابات المنزلية لبعض الطبخات أو المنتجات يتابعها أكثر من عشرين ألف متابع نشط، مستدركاً أنها أيضاً تحوي الكثير من السلبيات شأنها شأن أي جهاز أو ابتكار.
وقال: «لعل هاجس غياب الرقيب الأسري يعد أبرز مخاوف العوائل العربية والغربية على حد سواء، وبيئة وطبيعة هذه الوسائل وبسبب سهولة استخدامها وغياب الرسمية فيها جعلها أرضية خصبة لتناول الإشاعات وتناقلها وغياب الاحترام التقليدي بل أصبحت الخصوصية معدومة بسببها».
وواصل أن «شبكات التواصل الاجتماعي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا وأقولها بكل وضوح للأسف فإن زمن الرقابة الأسرية قد ولى وعليه لابد للأسرة أن تعمل على زراعة الرقابة الذاتية في أبنائها، ومن المهم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي التي تشفّر البيانات المرسلة عبر الإنترنت حتى لا تكون معلوماتك الخاصة عرضة للخطر، فما يصلح على أرض الواقع من أخلاقيات يصلح أيضاً في العالم الافتراض».
بدوره، أشار خبير الإعلام الإلكتروني عادل ميمون إلى أن الهواتف الذكية وسيلة لاستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، والتي بدورها اسم للأنشطة التي نقوم بها على شبكة الإنترنت، لافتاً إلى أنه وفي منطقتنا فإن الاتصال بالإنترنت عبر الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية يفوق الاستخدام بأجهزة الكمبيوتر سطح المكتب، منوهاً إلى أن ذلك غير بشكل كبير طبيعة الحياة الاجتماعية للناس.
ولفت إلى أن توافر الأجهزة الذكية لدى مختلف شرائح المجتمع جعلها الشريك الدائم في حلهم وترحالهم، كما أن حالة الإدمان التي توفره هذه الأجهزة نتيجة لإشباع رغبات الفضول وحب المعرفة لدى الناس جعلهم ملاصقين مع هواتفهم الذكية التي لا تكاد تغيب عن صاحبها إلا حين ينام، ذاكراً أن إحدى الدراسات التي أجريت مؤخراً قدرت أن الشخص العادي ينظر في هاتفه الذكي أكثر من 150 مرة طوال اليوم، وهذا مؤشر على حالة الإدمان التي نعيشها مع هواتفنا الذكية، على حد وصفه.
أما بشأن المخاطر التي تسبب فيها الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، فذكر أن أبرزها ضياع الوقت والجهد في القيام بأنشطة ذات مردود ضعيف ومتردٍ، إلى جانب التأثير السلبي على الحياة الأسرية والاجتماعية نتيجة للوقت الكبير الذي يقضيه الشخص باستخدام هذه الوسائل عوضاً عن قضائه اجتماعياً مع عائلته، أصدقائه أو زملائه.
وأضاف أن «تلك الوسائل اخترقت مختلف شرائح المجتمع بكل أعماره، نظراً لعدم توافر المعلومات الكافية في المجتمع حول أية قضية ما، فكان التوجه نحو هذه الوسائل متنفساً للجميع، إضافة إلى سهولة الوصول لهذه الوسائل، والكلفة المادية القليلة للحصول عليها، كما أن وجود وقت فراغ كبير لدى الأشخاص وعدم وضوح الرؤية والهدف في حياتهم يجعلهم يتوجهون إلى هذه الوسائل، وقلما نجد شخصاً مشغولاً يقضي وقته على وسائل التواصل الاجتماعي».
وحول الجوانب السلبية والإيجابية، أشار إلى أن لوسائل التواصل الاجتماعي جوانب إيجابية تتمثل في سرعة الحصول على المعلومات وبكميات كبيرة جداً، ما يتيح فرصة الحصول على أكبر قدر من المعرفة للأشخاص، إضافة إلى أنها تجعل الأشخاص على اطلاع بمختلف الآراء حول قضية ما لم يكن في السابق على اطلاع بها فيصبح الأشخاص أكثر تسامحاً بينهم.
وأضاف أن الأسر المنتجة والمؤسسات الصغير والمتوسطة استفادت كثيراً من وسائل الإعلام الاجتماعي، نظراً لأن هذه الوسائل تتيح سهولة الوصول إلى عدد كبير من الجمهور بتكلفة مادية قليلة جداً على عكس وسائل الإعلام التقليدية ذات التكلفة العالية جداً، إلى جانب طابع الشخصية الذي يضاف على استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي ما يقلص المسافات بين البائع والمشتري من خلال الحوار المباشر بينهما.
أما الجوانب السلبية، فذكر أنها تتمثل في القرارات الخاطئة التي قد يتخذها الفرد أو الجماعة بسبب المعلومات الخاطئة وعدم التحقق من مصادر المعلومات، وانتشار الإشاعات بسرعات خيالية، إضافة إلى التأثير السلبي على الحياة الاجتماعية في حال الإدمان على تصفح وسائل الإعلام الاجتماعي.
ورأى ضرورة الحاجة للترشيد، منوهاً إلى أن على المجتمع أن يرشد نفسه من خلال اقتناع الأفراد بالجوانب الإيجابية والسلبية لاستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي، والاعتماد عليها للاتصال بالآخرين والحصول على المعلومات بصورة أسرع، وعدم قضاء الساعات الطوال التي لا تؤدي إلى أية نتيجة.
أما مستشار التواصل الاجتماعي ومدرب التواصل الموجّه وحيد البلوشي، فقد رأى أن وسائل التواصل الاجتماعي جاءت بطفرة في طريقة التواصل بين الناس، بل وأبعد من ذلك وفرت لكل فرد قناة إعلامية جعلته في موقف المنتج للمادة الإعلامية وليس متلقياً لها، فأصبح كل إنسان إعلامياً وقناته في جيبه.
وتابع «من ناحية نفسية يجد الكثيرون فيها أنها تشبع رغبات ودوافع نفسية جامحة وعميقة لديهم، إلا من رحم الله، وهذه الرغبة أو الحاجة تكمن في إبداء الاهتمام والمدح من قبل الآخرين (متابعين أو غيرهم) وادعاء المعرفة قبل الآخرين (أو ما نسميه بلغة الإعلام «السبق الصحافي») ويتمثل ذلك في إعادة التغريدات أو «الرتويت» أو نشر الأخبار العاجلة، لذا فإن هذه الوسائل تلبي رغبات وتشبع الحاجات أكثر من الجلوس مع العائلة في المنزل أو مع الأصدقاء في المجلس مع أناس قد لا يرغب في الجلوس معهم أو يناكفونه في كل صغيرة وكبيرة فينسحب بذهنه من ذلك الواقع الذي لا يشبع حاجته النفسية إلى عالم آخر يجد فيه ما يريد، ومن منا لا يحب المدح أو إبداء الاهتمام فيما يبثه في هذا الفضاء؟ وخصوصاً أن رد الفعل من قبل الجمهور يكون آنياً ولا يحتاج لانتظار طويل كما هو الحال في وسائل الإعلام التقليدية».
وتطرق إلى المخاطر التي يتسبب فيها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مفرطة، وهي تفكيك الأواصر الاجتماعية أو الاكتفاء بالحد الأدنى منها في مقابل دمغ الحياة العصرية بدمغة التقنية التي قد تؤثر على الصحة الجسدية، وتؤثر على التركيز حتى في سياقه السيارة وبالتالي التسبب في حوادث.
ورأى أن الخطورة الكبرى تكمن في استحواذ هذه التقنيات أو وسائل التواصل على تركيز الناس التام لدرجة أصبحوا غير قادرين على العيش لمدة 15 دقيقة متواصلة من دون النظر في هواتفهم ومتابعة الجديد فيها إلا عند النوم.
وعلى المستوى الاجتماعي، رأى أن الخطورة تكمن في إذكاء العداوات والحروب والمشاكل الاجتماعية والتجييش واستهداف الآخرين، وخصوصاً من أولئك المتخفين خلف أسماء وهمية وزائفة، ما يوجد شعوراً زائفاً بالأمان من التبعات القانونية والجنائية من وراء استهداف الشخصيات المعروفة بالاسم أو الجماعات والطوائف.
وقال: «كما نعلم إذا أعطي الإنسان السلاح وأمِن العقوبة فإنه لا يتورع في إعمال القتل والتنكيل بمن يراه خصماً، وهذا بالضبط ما يحصل في فضاء التواصل الاجتماعي ولكن على مستوى الكلمات وهو قد يكون خطيراً جداً».
وتابع أن وسائل التواصل الاجتماعي والتعامل مهما يندرج تحت فكرة أن لكل شيئاً سلبياته وإيجابياته والتي تتحدد بشرع الله تعالى وعرف المجتمع وتقاليده، منوهاً إلى أن كل ما يخالف الشرع فهو سلبي وكل ما يوافقه فهو مباح وإن تم استخدامها في الدعوة أو فعل الخير فهو مأجور عليه، فالمستخدم هو من لديه البوصلة السلبية أو الاتجاه الإيجابي، والقاعدة الذهبية هنا «عامل الناس كما تحب أن تُعامَل».
وأضاف أن تلك الوسائل تشبع الحاجات النفسية الأساسية لدى الفرد، وأن الجميع بلا استثناء لديه حاجة ماسة لأن يسمع المدح وحاجة ماسة لأن يشعر بالانتماء والحب، وحاجة ماسة لأن يتحكم وأن يرى إنجازه يتطور ويتقدم، وكذلك لأن يشعر بقيمته لدى الآخرين وبالرعاية والاهتمام وغيرها من الحاجات النفسية، ويتساوى في ذلك الطفل والشاب والكبير والرجل والمرأة، فالعملية لها بعد نفسي أكثر من العوامل الأخرى، مضيفاً إلى ذلك أن كل تلك الدوافع والحاجات النفسية أصبح بمقدور الفرد إشباعها وتحقيقها بضغطة زر وبإجراءات في متناول اليد، فسهولة استخدام التقنية أغرى الجميع باقتنائها
وأوضح أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة أفرج مصطلحات جديدة أيضاً مثل «اللايك»، «ريبوست»، «ريتويت»، «سيلفي»، «منشن»، مشيراً إلى أن تلك الكلمات وغيرها أصبحت دارجة في الحياة اليومية.
وفيما يتعلق بترشيد استخدام تلك الوسائل قال: «نحن المسلمين مأمورون بالترشيد في كل شيء، والآيات الدالة على ذلك كثيرة «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (الأعراف: 31)، « إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ» (الإسراء: 27) وغيرهما من الآيات، وكذلك النهي عن الإسراف في الماء حتى ولو كنا على نهر جارٍ كما أخبرنا بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه»، ورأى أن الترشيد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها مطلوب وبقوة، وما يأتي من المشاكل نابع من الإسراف في استخدامها.
وأكد أن الترشيد لا يتم إلا بالوعي وبعض المحاولات التي قد يبادر بها الشخص نفسه أو من حوله مثل رب الأسرة الذي يخصص وقتاً محدداً لاستخدام الأجهزة لأطفاله، أو الاتفاق على غلق الأجهزة أو جمعها في سلة واحدة في أي اجتماع عائلي أو للأصدقاء أو توجيه الذين يعتزلون الاجتماع العائلي بتلميح أو تصريح أو «نغزة» تعيد له صوابه فيرجع للاجتماع.
ومن جانبه، قال رئيس النادي العالمي للإعلام الاجتماعي – البحرين علي سبكار، إن الحياة الاجتماعية بطبيعتها متغيرة، وظهور وسائل التواصل الاجتماعي ليس سوى مرحلة من مراحل هذا التغير، سبقتها مراحل كثيرة ربما بدأت منذ كان إنسان الكهف يشعل النار ليتواصل مع الآخرين، ثم ظهرت الكتابة التي يصنفها البعض على أنها أعظم اختراعات البشرية، وعززت من تواصل الناس ليس مع بعضهم فقط وإنما مع الأجيال التي سبقتهم والتي لحقت بهم، بعدها جاءت الصحائف أو الصحف ثم الراديو والهاتف والتلفزيون والستالايت والإنترنت، وصولاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن ما يميز هذا التطور أو التغير في الحياة الاجتماعية لبني البشر هو التسارع، فربما احتاج الانتقال من عصر التواصل بالإشارة إلى عصر التواصل بالكلام مئات أو آلاف السنين، بينما لا يفصل بين التلفزيون والإنترنت سوى عدة سنوات. أيضاً طرأ تطور كبير على سرعة انتشار تلك الوسائل بين البشر، إذ استغرق التلفزيون نحو 10 سنين لجذب بضعة ملايين من المشاهدين، فيما نرى أن تطبيق بسيط مثل «انستغرام» استقطب أكثر من هذا العدد في غضون أشهر معدودة.
وقال: «إن هناك من يطلق على وسائل التواصل الاجتماعي صفة (ثورة) فيما أراها ظاهرة طبيعية حتمية للتطور البشري، إنها مجرد أدوات لتعزيز تواصلنا نحن البشر، وربما غداً تظهر أدوات تواصل أخرى تستخدم البيلولوجيا وليس التكنولوجيا للتواصل، وبمعنى آخر ربما نتواصل مستقبلاً عبر تبادل الجينات أو الخلايا الجذعية، من يدري؟، نتيجة لكل ما سبق أصبح الناس مشدودين أكثر لوسائل التواصل الاجتماعي، حتى بات البعض يستخدم مصطلح (إدمان الإعلام الاجتماعي)، وبتنا نرى وصفات بل وحتى مستشفيات لمساعدة الناس على تقنين ساعات استخدامها لتلك الوسائل. الحل برأيي ليس في محاربة تلك الوسائل، كما أنه ليس في إدمانها، بل هو بالتوازن والوسطية في الاستخدام، وهذا ما نسميه نحن في النادي العالمي للإعلام الاجتماعي (الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي) أي تحديد ما الذي أريده من تلك الوسائل، وكيف يمكنني استخدامها بشكل استثماري يعود بالفائدة عليّ في مجال التواصل المثمر وتوسعة المعارف والمهارات دون هدر الوقت في أمور ربما تضر أكثر مما تنفع؟».
وفيما يتعلق بمخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مفرطة، ذكر أن لوسائل التواصل الاجتماعي فوائد كثيرة جداً، على صعيد العمل والتعليم والخدمات الحكومية وغير ذلك، لكنها تبقى كأي شيء في حياتنا، إذا أفرطنا باستخدامه يعود علينا بأثر سلبي بلا شك، مضيفاً أن كثيراً من الأبحاث المبكرة - والعديد من التصريحات الأولية - عن مواقع التواصل الاجتماعي بدت معدة خصيصاً لجعل الآباء يخافون من تكنولوجيا ناشئة لا يفهمها كثير منهم مثلما يفهمها أطفالهم، ولقد انبرت العديد من الدراسات لكشف الآثار السلبية للاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، وجاء الكثير من الآثار مشابهة لآثار إدمان الإنترنت، ومن بينها أن انخفاض مستويات النشاط البدني الناتج عن الاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية كبيرة مثل السمنة المفرطة والسكري، إضافة إلى اضطرابات نفسية، وميول عدوانية، ومشاكل في النوم، وقلق واكتئاب عند المراهقين الذين لديهم حضور قوي على الشبكات الاجتماعية ومدمنو ألعاب الفيديو والإنترنت، وكذلك التغيب عن المدرسة، وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي وضعف القدرة على التركيز.
وتابع بأن استخدام تلك الوسائل أفرز مصطلحات جديدة مثل «تويتة» و»ريتويت» و»تاغ» و»فسبكة» و»بلوك» وغيرها، مشيراً إلى أن معظمها مصطلحات إنجليزية، وأن الكثيرين باتوا يكتبونها على نطاق واسع بأحرف عربية.
وأشار في هذا الصدد إلى مبادرة «تغريدات»، التي أطلقت في دولة قطر والهادفة إلى تعريب مصطلحات مواقع التواصل الاجتماعي، كأن نسمي الهاشتاغ «وسم»، وغير ذلك.
وواصل بأن القائمين على وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و»تويتر» وغيرهم يفكرون كل يوم كيف يكسبون أرضاً جديدة عبر إطلاق خدمات وأدوات تجذب مختلف الشرائح والأعمار من المستخدمين، حتى قيل إنه لو كان «فيسبوك» جمهورية لكان عدد سكانه يفوق العشرات من دول العالم مجتمعة.
وقال: «لاحظنا على سبيل المثال اهتمام (تويتر) بفاعلية كأس العالم المقامة في البرازيل، وكيف انبرى لتغيير واجهته وإطلاق أدوات وهاشتاغات خاصة بالفعالية ونجح في ذلك، حيث لم يشهد تاريخ تلك الوسائل تداولاً لتعليقات حول حدث ما مثل ما جرى تداوله عبر (تويتر) عن مباراة البرازيل وكرواتيا. أيضاً تطور البنية التحتية من إنترنت وهواتف ذكية أسهم في انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة في الدول المتطورة والغنية مثل الولايات المتحدة وأوروبا والخليج العربي».
وفي موضوع آخر، أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة المواقع الكبرى مثل «فيسبوك» و»تويتر» تقدم خدمات كبيرة غير مسبوقة لقطاع الأعمال، وخاصة في مجال تسويق الخدمات والمنتجات والوصول إلى الجمهور المستهدف وتحسين صورة العلامات التجارية وتعزيز الجهود التسويقية، وتأتي تطبيقات الإعلام الاجتماعي ضمن الخيارات الأولى للراغبين بتطوير أعمالهم وشركاتهم خاصة الصغيرة منها، مبيناً أن الإعلام الاجتماعي استطاع أن يخلق عالماً فسيحاً يتمكن فيه المستخدمون من تبادل المعلومات آنياً، ورصد ردود الأفعال، واستعراض الأخبار أولاً بأول، واستطلاع الآراء، وكل ذلك في بيئة تتسم بالشفافية.
وعليه فإن الشركات التقليدية تسعى للتحول إلى وسائل الإعلام الاجتماعي كطريقة أساسية من طرق تسويق المنتجات وكأداة تفاعلية مع العملاء المستهدفين. ويوماً بعد يوم يزداد عدد الشركات الراغبة بالتحول أو التي تحولت فعلاً إلى وسائل الإعلام الاجتماعي بغية تحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء ورصد ردود أفعالهم من ناحية، ولزيادة المبيعات ورفع مستوى الوعي بالعلامة التجارية والترويج لها من ناحية أخرى.
وأشار إلى تطبيق «انستغرام» البسيط والشهير، الذي بات يحتل الصدارة أمام الراغبين في الترويج لأعمالهم، وخاصة المؤسسات الناشئة أو الأعمال التي تمارس من المنزل.
وتحدث عن الجوانب الإيجابية لاستخدام تلك الوسائل، وبيّن أنها تتوقف إلى حد كبير على وعي المستخدم ومدى قدرته على ضبط نفسه ووقته في الأخذ بما هو مفيد من هذه الوسائل وترك ما هو ضار.
أما فيما يتعلق بالترشيد، فبيّن أن النادي العالمي للإعلام الاجتماعي عمل منذ تأسيسه في البحرين على نشر ثقافة الاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام الاجتماعي، عبر تكثيف استخدام هذه الوسائل لكن بطريقة مفيدة فعالية، وفي نفس الوقت ترشيد استخدامها للأشخاص الذين يدمنون عليها، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت توفر فرص عمل لم تكن معروفة من قبل مثل مدير محتوى إلكتروني ومدير قنوات إعلام اجتماعي ومدير نشر، إذ قال: «لماذا أرشّد استخدام تلك الوسائل إذا كانت تعود بالإيجابية عليّ؟، التحدي هنا هو استخدام تلك الوسائل بالشكل الأمثل، وهي مهارة من غير الصعب اكتسابها».
العدد 4347 - الجمعة 01 أغسطس 2014م الموافق 05 شوال 1435هـ