كيف لنا أن يكون عيدنا سعيداً وجروحنا تنزف في كل مكان، وآمالنا تتحطم في كل موقف، وأنهكنا الضعف والخذلان وتداعي الأمم علينا، وأصبح القتل على الهوية والتصفية وقطع الرؤوس أمراً طبيعياً على أراضينا، ولا يحرك فينا ساكناً.
أي سعادة في هذا العيد وفيه تدك الصواريخ الإسرائيلية ليل نهار كل ما هو قائم أو متحرك في غزة، وأطفالها يهرولون بحثاً عن ملجأ آمن، وصيحات الثكالى ترتفع، وأعداد الضحايا تزداد يوماً بعد يوم.
أي عيد سعيد هذا، والجماعات المتطرفة كـ «داعش» و»بوكو حرام» وغيرهما أصبحت تزهق أرواح الأبرياء، وتخطف الأطفال الأبرياء، وتشرد المخالفين معها دينياً ومذهبياً وفكراً من أوطانهم، وتعيدنا للقرون الوسطى بأحكامها المتعنتة لتظهرنا كوحوش بشرية لا قيمة ولا كرامة للإنسان عندنا. بل وتدمر كل ما له علاقة بالتراث الإنساني وكل مكتسباتنا الحضارية من مكتبات ومتاحف ومواقع أثرية.
أي سعادة تأتي وبعض الدول العربية أصبحت مستباحة على كل الأصعدة، والمواطن فيها لم تعد له كرامة. وأصبح كل همه أن يجد الكفاف من العيش، وأن يكافح طول حياته كي يسد حاجاته الأساسية، لا أن يساهم في تطوير مجتمعه وتقدمه، والبحث له عن مكانة في المجتمعات المتقدمة.
عيد ليس سعيداً يمر علينا، وكل منا يتلقى يومياً العشرات من رسائل وخطابات التكفير والإقصاء والتحريض على الكراهية والعنف، وتغييب ثقافة التسامح والقبول بالتعددية والتنوع والتكامل.
كي نحول عيدنا ليكون سعيداً، ينبغي علينا أن نجعله مناسبة للتغيير ومحطة للتزود بكل ما هو إيجابي عبر تحصين أنفسنا ومن حولنا عن كل مسببات التعاسة والفشل والإحباط، وبث روح الأمل ومواجهة محاولات التثبيط واليأس. ليحارب كل منا ما بداخله من رواسب العنصرية والتمييز والنظرة الدونية لغيره، وترسيخ قيم التسامح ومواجهة التطرف والتشدد. وليكن هذا العيد منطلقاً للإعلان عن تضامننا مع كل مظلوم، أياً كان دينه ومذهبه وعرقه وجنسه، وأن نقف جميعاً ضد كل ظلم أو تعدٍ أو انتهاك لحق إنسان.
كي تكون أعيادنا سعيدة نحن بحاجة لتنمية الوعي وتغذية العقول، كي تكون قادرة على المشاركة بفاعلية واستقلالية في مواجهة التحديات القائمة، وأبرزها الجماعات الظلامية وأنماط التخلف السياسي والفكري، وتطوير منظومة اجتماعية مدنية تضامنية.
رهاننا هو على بناء جيل أكثر وعياً وفهماً وقدرةً على التعايش والانسجام والعمل المشترك لحماية الأوطان ومواجهة التغرير.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"العدد 4345 - الأربعاء 30 يوليو 2014م الموافق 03 شوال 1435هـ
حلم بعيد
كما أنت يائس نحن ايضا يائسون لأن الجيل لكي ينشأ جيدا يحتاج لمربين جيدين وبيئة تربوية صالحة ومجتمع صالح وحكم عادل صالح. وكل هذه الأركان ليست متوفرة على المدى البعيد ناهيك عن القريب.