يقطن الشاب مهدي الجفيري، في منزل يقع وسط طرقات منطقة الجفير، حيث تندهش منذ لحظة دخولك ذلك المنزل إلى روعة التصاميم الموجودة بداخله والمحشوة بالدبابيس وهي من صنع وإتقان الجفيري.

كان يتنقل من عمل إلى آخر منذ قرابة 10 أعوام وأكثر، قبل أن يجد ضالته في الأعمال اليدوية وخصوصاً كل ما له صلة بالأخشاب، مثل الجلسات والصناديق المبيتة والأبواب حتى يضع الجفيري لمسات من موهبته وزاويته الخاصة على تلك الأعمال.

«الوسط» التقت الشاب البحريني الموهوب في الأعمال اليدوية مهدي الجفيري، في منزل عائلته بمنطقة الجفير، إذ أكد أن عدد الدبابيس في جميع أعماله وصل حتى الآن إلى 5 ملايين دبوس، وكان معه اللقاء الآتي:

ماذا لديك لتخبرنا به عن هذه الأعمال؟

- وجدت نفسي في هذه الأعمال منذ قرابة 10 أعوام وأكثر، وذلك بعد عثرات الطريق والزمن القاسي، ومنذ تلك اللحظة غالباً ما تجدني هنا بين الأعمال الخشبية لأضع عليها بصمتي الخاصة بالدبابيس.

كيف كانت تجربتك الأولى؟

- كانت التجربة الأولى هي أقرب للمجازفة منها لأن تكون مهنة لي، إلا أن لهذه التجربة حقيقة نكهة خاصة، تمكنت بعد ذلك مباشرة من مواصلة هذا العمل والتقدم فيه بشكل ملحوظ وهذا أنا الآن هنا.

لا يخلو، أي مشروع من عقبات أو صعوبات، ربما واجهك البعض منها؟

- باعتقادي أن من أهم العقبات والصعوبات التي واجهتني وتواجه من يبدأ أي مشروع ومهنة، هي كيفية الاستمرارية وما هو الطريق الأمثل الذي تتمكن من خلاله أن تصنع لك اسماً، والحمد لله عن نفسي تجاوزت جميع ذلك.

منافسة المفروشات وسحب البساط من تحتها

الإتقان والجودة من أهم ما يميز الأعمال، فماذا عن أعمالك؟

- الحمد لله أنني تمكنت من الوصول إلى مرحلة الإتقان والجودة في أغلب أعمالي، وهذا ليس بشهادة مني بل من جميع الذين تعاملوا معي ولمسوا ذلك من خلال أعمالي الخشبية.

لكن، هل تمكنت من تطوير تلك الأعمال طوال الفترة الماضية؟

- نعم ذلك صحيح، حيث كانت الأعمال سابقاً مقتصرة على الأخشاب والدبابيس والنحاس، بينما في الوقت الحالي فإن الجلد عنصر موجود في تلك الأعمال، وهو بمثابة تطور وتقدم في هذه الأعمال.

ماذا عن الوقت والأدوات وطريقة العمل، هل مازال كل شيء كما هو؟

- وهذا أيضاً اختلف كلياً عن السابق، حيث كنت استخدم الخشب لأقوم بالرسم عليه، وبعدها أقوم بالدق عليه بالمسمار لتشكيلات الدبابيس، وهذه العملية كانت تستغرق وقتا وجهدا كبيرين في الإنجاز، أما الآن فإنني أقوم بالرسم على الوسائل التشكيلات، لأقوم بعدها بتثبيتها على العمل ودق المسمار مع الدبابيس، والخلاصة أنني تمكنت من اختصار الوقت لنصف المدة السابقة، بالإضافة لتقليل الجهد والمواد المستهلكة في العمل.

باعتقادك هل تمكنت الأعمال الخشبية من جلسات وطاولات وغيرهما من منافسة ما يعرض بالمفروشات؟

- من خلال عملي طوال هذه الفترة اكتشفت ميول أغلب المواطنين للذوق القديم التقليدي القائم أساساً على كل شيء قديم، وذلك ما لمسته من خلال الإقبال الكبير على تجهيز الجلسات القديمة المكسوة والمنقوشة بالدبابيس، والطاولات وغيرها من الأعمال، بذلك أستطيع أن أقول إن الأعمال المحلية تمكنت من سحب البساط بعد المنافسة مع المفروشات.

«لبيك يا حسين» أضخم عمل بالدبابيس

لأي مدى أكسبك القيام بالأعمال اليدوية خبرة؟

- الأعمال التي قدمتها بشكل عام اكتسبت بها خبرة، وهذه الخبرة تزداد يوما بعد يوم، ومن الأعمال التي أعتز بالعمل عليها كثيراً هو مشروع لوحة «لبيك يا حسين» حيث كان أضخم عمل فني بطول 35 متراً، وهو قائم بالأساس على الدبابيس واستهلك نحو 70 ألف دبوس وأكثر، والحمد لله أن العمل لقي ترحيباً وإشادة من الجميع.

هذا الشيء يجعلنا نسألك عن عدد الدبابيس التي قمت بتثبيتها على أعمالك طوال العشر سنوات الماضية؟

- أنا أتعامل بعفوية وعشق للفن، وليس أي فن بل الفن الراقي خصوصا الذي يعتمد على إظهار بصمات الشخص على أعماله، ولهذا كان ومازال لي بصمة خاصة بالدبابيس على جميع أعمالي، وعودة لسؤالك في عملية حسابية بسيطة وليست دقيقة طبعاً لكنها منطقية، قد يصل عدد الدبابيس التي قمت بتثبيتها على أعمالي طوال العشر سنوات الماضية إلى نحو 5 ملايين دبوس وربما أكثر.

هل تعتبر مجال التطور والإبداع مفتوحاً أمام البحرينيين في مثل هذه المهن؟

- بالطبع، فالطاقات البحرينية موهوبة ولها باع كبير في مختلف المهن والأعمال، ولكن ينقصها الدعم الرسمي والشعبي، ومع ذلك أعتقد أن الكثير من تلك الطاقات مع عدم وجود الدعم المناسب لها تمكنت من التطور والتقدم، وهذا لا يكون إلا مع الرغبة المطلوب توافرها حتى ينجح أي شخص لديه عمل خاص به.

ما هو حجم طموحك من خلال هذه الموهبة؟

- الوصول إلى العالمية بالأعمال الفنية، ومن المشاريع التي أطمح لتنفيذها لتحقيق ذلك هو العمل على أكبر صندوق في العالم يحمل اسم مملكة البحرين.

لكن، ألا يتطلب ذلك كلفة تفوق مقدرتك بالعمل على ذلك؟

- نعم، ولهذا فإن الكوادر والطاقات البحرينية بحاجة ماسة للدعم الرسمي والشعبي حتى تتمكن من منافسة الأعمال العالمية، فمثلاً، إني على استعداد للعمل على أكبر صندوق مبيت في العالم من التراث البحريني، والدخول به فيه موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، ولكن ليس بمقدوري البدء وحدي هكذا، بل أحتاج إلى موقع ودعم وتوفير بعض الاحتياجات.

في النهاية، ماذا يقول الجفيري عبر «الوسط» للقراء؟

- أتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة «الوسط» على هذه الاستضافة، وثانياً أدعو الشباب البحريني أن يؤمن بما لديه من مواهب والانطلاق نحو مزيد من التقدم والنجاح.