دعا رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف إلى المبادرة بوضع قاعدة لتسديد المدفوعات بين المصارف العربية، عن طريق وضع مؤسسة مالية لتسويات الدفع، على أن يتولى أحد المصارف الخليجية ضابط الاتصال بوضع شبكة أو نظام خاص بعمليات التسوية ما بين المصارف العربية لأن تلك تحديات كبيرة. مؤكداً أنه لا يجوز أخذ معايير تصدر من جهات رقابية أو استشارية في أوروبا ونطبقها على مؤسسات مالية تختلف من ناحية التركيبة والأسواق والوضع. في حين أن هناك تحدياً آخر تواجهه المصارف العربية، وبالذات مع مشاكل المقاطعة والتقيد ومشاكل كثير من المصارف الأوروبية والأميركية التي بدأت تبتعد كل البعد عن موضوع التعامل مع المراسلين، ووضع قيود كبيرة على تعامل المراسلين مع المصارف.
وقال: «قبل نحو ثلاثة أعوام كان حجم المبالغ كبيرة لذلك أثرت على المصارف بالذات المصارف الإماراتية، ولو لم يقف البنك المركزي الإماراتي إلى جانب المصارف الإماراتية لكان وضعها صعباً للغاية، وذلك بسبب تدفق الاستثمارات الخارجية قصيرة الأجل للمضاربة وليس للاستثمار أو لانتهاز الفرص، وقد بدأت تعود الآن بعض من هذه الموارد متأملاً ألاّ تستغل بالطريقة السابقة للاستثمار لمجرد المضاربة في بعض المشاريع وتحقيق الأرباح والخروج منها، ولكن أشعر أن هناك نمواً في موازنات المصارف في السعودية والإمارات والبحرين زادت بنسبة أعلى من المتوسطة».
وأشار في حوار مع «الاقتصادية» إلى أن المصارف السعودية شهدت طفرة جيدة بنمو الأرباح خلال النصف الأول من 2014 مقارنة بعام 2013، حيث كان المتوسط ما بين 12 - 15 في المئة في الأرباح ما يعني أن نمو المملكة العربية السعودية جاء من السوق المحلية بها وانعكس على المؤسسات المالية السعودية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن موجودات المصارف العربية بحدود 3.2 تريليونات دولار أميركي، وأن أرباح المصارف العربية خلال 2014 ستتجاوز 45 مليار دولار أميركي، نحو 60 - 65 في المئة منها تأتي من المصارف الخليجية.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيِّمون وضع المصارف العربية في الفترة الراهنة على ضوء الأحداث التي تمر بها المنطقة؟
- شهدت المصارف الخليجية نمواً سريعاً وممتازاً من ناحيتين زيادة الأصول وكذلك زيادة الأرباح حتى إن المصارف الإماراتية تعدّت نتائج سنة 2013 بمتوسط النسب تقريباً بين 18 - 25 في المئة، وهو مؤشر على تعافٍ كبير في السوق الإماراتية وكذلك نقص في عامل المخصصات ما يعني أن جودة الأصول جيدة، في حين شهدت المصارف السعودية طفرة جيدة في النصف الأول من 2014 مقارنة بـ2013، وكان المتوسط ما بين 12 إلى 15 في المئة في الأرباح. وانعكس هذا النمو على المؤسسات المالية السعودية وخاصة أن استثمارات المصارف السعودية موجودة بالداخل ووجودها خارج المملكة وحتى إقليمياً محصور وقليل جداً.
وماذا يعني ذلك؟
- هو أن النمو جاء من السوق المحلية في السعودية، ثم تأتي المصارف الخليجية البحرينية القطرية العمانية والكويتية التي هي الأخرى شهدت طفرة لا بأس بها بمتوسط 8 - 10 في المئة في نمو الأرباح، أما المصارف العربية الأخرى فتتفاوت؛ المصارف في المغرب العربي في المغرب والجزائر سجلت نمواً لا بأس به بين 5 - 8 في المئة، وتونس نحو 4 في المئة نمو الأرباح، أما مصر فزادت أرباح بنك البركة نحو 17 في المئة والمصارف الأخرى نحو 4 إلى 5 في المئة في، ولكن يجب النظر في محافظ تلك المصارف لأن جزءاً كبيراً منها سيتأثر خاصة في جانب تمويلات في السياحة، فيما نجد أن أرباح المصارف الأردنية جيدة بحدود 5 في المئة المتوسط على رأسهم المصرف الإسلامي الأردني من ناحية نمو الأرباح، كذلك المصارف اللبنانية حققت النسبة نفسها للنمو بالأرباح.
ماذا عن المصارف في مناطق الاضطرابات، وانعكاسات الأحداث عليها من حيث الأداء وقيامها بمهامها؟ وهل أغلقت مصارف؟
- على سبيل المثال أن مجموعة البركة المصرفية لها فروع في تونس ومصر وسورية، هذه الوحدات لم تشهد أي مشاكل إطلاقاً، بل العكس نمو الأرباح في مصر 17 في المئة وتونس 4 في المئة وفي سورية نحو 8 في المئة وخاصة أننا في سورية دخلنا السوق وبعد ثمانية أشهر بدأت المشاكل وليس لدينا محفظة حتى نستطيع أن نتميز عن المصارف الأخرى، لأننا لم نعمل كثيراً بالسوق السورية، ولكن المصارف الموجودة في تلك المناطق تأثرت خاصة التي لديها تمويلات في قطاع السياحة بالذات في تونس ومصر، بالنسبة لمجموعة البركة كمصرف إسلامي بطبيعتنا لا ندخل مجالات التمويلات السياحية ولهذا السبب ابتعدنا كل البعد عن موضوع القطاع هذا، ولكن هناك مصارف بدأت تتأثر بموضوع السياحة ولهذا السبب حتى الحكومة المصرية أعطت اهتماماً كبيراً لمعالجة الوضع الذي وصلت إليه المصارف في هذا القطاع، ولم يتم إغلاق مصارف إنما هناك تأثير على ربحية تلك المصارف لفترة معينة خاصة أن أكثرها مصارف قطاع عام.
ماذا عن موجودات المصارف العربية؟ وكم حجم النمو؟
- موجودات المصارف العربية بحدود 3.2 تريليون دولار أميركي، كما أن أرباح المصارف العربية خلال 2014 ستتجاوز 45 مليار دولار أميركي، ونحو 60 - 65 في المئة من تلك الأرباح ستأتي من المصارف الخليجية.
ماهي عوامل دعم النمو؟
- النمو جاء بدعم المصارف الخليجية، بحكم استقرارها، وكذلك سعر النفط الذي مازال في مرحلة تذبذب سعري، حيث وصل في مجملة إلى متوسط سعري بحدود 100 - 101 دولار، وهذا يدل على أن هناك رغبة من تلك الدول في تمويل مشاريع كثيرة لهذه المنطقة، ومادام هناك مشاريع قادمة هناك نمو في الاقتصاد وأرباح المصارف.
ما أهم التحديات التي تواجه المصارف؟
- هناك عدة تحديات منها ما يتعلق بموضوع تطبيق «بازل 3» وأعتقد أنها تحتاج إلى قراءة جيدة من قبل المصارف المركزية العربية، وبالذات اتحاد المصارف العربية لإعادة صياغة هذه المعايير بما يواكب احتياجات الدول ومتطلبات المؤسسات المالية الموجودة فيها، حيث إنه لا يجوز أن نأخذ معايير تصدر من جهات رقابية أو استشارية في أوروبا ونطبقها على مؤسسات مالية تختلف من ناحية التركيبة والأسواق والوضع. في حين أن هناك تحدياً آخر تواجهه المصارف العربية، وبالذات مع مشاكل المقاطعة والتقيد ومشاكل كثير من المصارف الأوروبية والأميركية التي بدأت تبتعد كل البعد عن موضوع التعامل مع المراسلين، ووضع قيود كبيرة على تعامل المراسلين مع المصارف.
وما الحل؟
- يجب أن تكون هناك نظرة جيدة لهذه المعايير وتكييفها على أسس تتماشى مع الموجود في منطقتنا الخليجية والعربية، ويقيني أنه حان الوقت للمبادرة بوضع قاعدة لتسديد المدفوعات بين المصارف العربية في منطقتنا، عن طريق وضع مؤسسة مالية لتسويات الدفع، على أن يتولى أحد المصارف الخليجية ضابط الاتصال بوضع شبكة أو نظام خاص بعمليات التسوية ما بين المصارف العربية لأن تلك تحديات كبيرة، وقد أثيرت هذه النقطة خلال فترة الثمانينيات الميلادية ثم توقف الموضوع، ويجب أن يكون هناك إعادة لأن المصارف الخليجية حالياً وضعها جيد في تعاملها مع الدول الغربية وأمريكا ولكن بعد فتره قد لا تستطيع الدفع لكون الحساب غير مربح. في حين أن البدء بتطبيق النظام الضريبي « فاكتا» سيفتح تحدياً كبيراً للمصارف العربية، في التكيف مع هذا النظام بحيث لا تكسر نظام السرية والأنظمة الموجودة في هذه الدول.
ماذا عن المصارف الخليجية في ظل تنامي الإنفاق الحكومي؟
- الإنفاق الحكومي كان أحد العوامل التي ساعدت المصارف الخليجية في نمو أرباحها وموازناتها، ولكن لا أعتقد أن هذه الدول ستبقى على هذا الإنفاق الكبير للسنوات المقبلة. وكل دولة تصل إلى حد أن تنهي مشاريع البنية التحتية والضخمة خلال عشر سنوات بعدها تبدأ متوسط المشاريع أو المشاريع المكملة.
إلى ماذا تعزو تأخر البنك المركزي الخليجي، وما انعكاساته على مصارف المنطقة؟
- أعتقد أن الأحداث في أوروبا وأميركا عام 2008-2009 أخرت مشروع البنك المركزي الخليجي، ويقيني أن هذه المؤسسة الرقابية الخليجية قاعدة جيدة للانطلاقة، لكون اقتصاداتنا متشابهة، مورد واحد ومصاريف حدّث ولا حرج، كما أن اقتصادنا اقتصاد صغير ونامٍ لا يواجه صعاباً، ووجود مصرف مركزي أفضل كذلك يعطي قوة بالخارج من ناحية التشريعات التي تصدر من أي جهات رقابية دولية، في كل الاتحادات نواقص ولكن استمرار الاتحاد هو القوة، حيث إن الدول الأوروبية على رغم المشاكل التي واجهتها مثل ألمانيا لم يكن اقتصادها يحتاج شيئاً ولكنها ساعدت الدول الأخرى، ويوماً ما ستأتي الدول بوضع جيد وألمانيا بوضع صعب، لذلك الاتحاد جيد، ويجب أن تكون دول الخليج مفتوحة بالكامل لا يقيدها أحد بأمور تجاوزها الناس وألا ينظر الشخص لمصلحته وينسى المصلحة العامة.
كيف ترى تدفق الأموال الأجنبية للمنطقة؟ وما حجمها؟
- قبل نحو ثلاثة أعوام كان حجم المبالغ كبيرة لذلك أثرت على المصارف بالذات المصارف الإماراتية، ولو لم يقف البنك المركزي الإماراتي إلى جانب المصارف الإماراتية لكان وضعها صعباً للغاية، وذلك بسبب تدفق الاستثمارات الخارجية قصيرة الأجل للمضاربة وليس للاستثمار أو لانتهاز الفرص، وقد بدأت تعود الآن بعض من هذه الموارد متأملاً ألاّ تستغل بالطريقة السابقة للاستثمار لمجرد المضاربة في بعض المشاريع وتحقيق الأرباح والخروج منها، ولكن أشعر أن هناك نمواً في موازنات المصارف في المملكة والإمارات والبحرين زادت بنسبة أعلى من المتوسطة.
هل هناك أموال ساخنة في المصارف العربية والخليجية؟
- كانت لدينا أموال ساخنة وهي التي أثرت على المصارف الإماراتية، ولكن حالياً بدأ هناك استقرار وبدأت هناك نظرة في موضوع السيولة، أي أنه لا يتم رفض تلك الأموال ولكن لا يتم إدخالها ضمن السيولة.
سبق أن طالبتم بعودة الأموال المهاجرة، هل تعتقد أنه تمت عودة بعض الأموال أم أن هناك أموالاً هاجرت بفعل الأحداث؟
- توجد أموال هاجرت من دول عربية إلى دول عربية من سورية ومصر وتونس وليبيا واليمن واستقرت بدبي والبحرين ولكن ثقلها اتجه إلى دبي؛ وهذا منطقي لا يؤثر لكون الأموال موجودة بالمنطقة العربية. كما حدث خروج لمبالغ من الدول العربية إلى الأوروبية وهجرة كبيرة للمبالغ من تلك الدول خاصة مصر، وتونس التي اتجهت إلى السوق الفرنسي، لأن القطاع الخاص بدأ يتخوف على استثماراته ويستثمر جزءاً من فائضه خارج الدول التي يوجد بها لهذا السبب هاجرت. كذلك دول الخليج لديها استثمارات كبيرة هاجرت قبل نحو ثلاثة أعوام إلى الدول العربية ومنها إلى أوروبا وذلك لتعرض دول الخليج آنذاك لركود اقتصادي أو عدم استقرار كفترة حدوث مشاكل في العراق مع إيران مما ولد لدى الناس شعوراً بالتخوف من الاستثمار بالمنطقة.
هل ترى أن الإعلان عن العملة النقدية الخليجية الموحدة أصبح وشيكاً... أم أن المعوقات أكبر من الاتفاق عليها؟ وهل تقترح لها اسماً؟
- لا توجد معوقات، بل هو عبارة عن قرار سياسي، ويجب أن تكون معه نظرة اقتصادية بطريقة جيدة لتجذب الدول الخليجية كافة إلى عملة واحدة، وأقترح أن تكون الدينار الخليجي كونه أقرب إلى التسمية؛ ولأنه أقوى وأقدم، حيث استعمل في بداية الإسلام، وأتوقع أن تنحصر بين الدينار والريال، حيث تستعمل الدينار دولتان هما الكويت والبحرين فيما تستعمل عمان وقطر والسعودية عملة الريال أما الإمارات عملتها الدرهم.
هل هناك مصارف بحاجة إلى الدمج؟ وكيف؟
- المصارف في البحرين تم اندماجها ولكن في الإمارات بعض المصارف الكبيرة تحتاج إلى دمج بأخذ المصارف الصغيرة ووضعها تحت رايتها، ولكن في أي دولة لابد من وجود مصارف كبيرة وأخرى صغيرة، المصارف الصغيرة لها احتياج في المجتمع لا نستطيع القضاء عليها بالكامل ولكن نقلل منها.
ما قراءتك لمستقبل المصارف الإسلامية والاقتصاد الإسلامي خلال السنوات المقبلة؟
- هناك نمو في المصارف الإسلامية وخاصة أنه في السابق تم عقد ندوة البركة التي أقيمت في أول شهر رمضان - حيث كانت أول ندوة كانت في المدينة ومن ثم تم عقد 28 ندوة في مكة المكرمة ومنذ أقل من عشرة أعوام يتم انعقادها في جدة - كانت بالأصل ندوة الاقتصاد الإسلامي ولكن في تلك الفترة تم الحديث عن المصارف أو المؤسسات المالية لأنها كانت الشريان المحرك للاقتصاد، وقد بدأت الآن الندوة تتحدث عن المصارف الإسلامية والاقتصاد الإسلامي، كما أن هناك نظرة أن المصارف الإسلامية ستأخذ دوراً جيداً خلال السنوات العشر المقبلة وخاصة أن نموها كبير وأخذت حيزاً لا بأس به وكذلك منتجاتها باتت متقبلة من كثير من المصارف المركزية كموضوع الصكوك.
العدد 4344 - الثلثاء 29 يوليو 2014م الموافق 02 شوال 1435هـ