حتى الآن لم أجد نفياً رسمياً واضحاً أو تكذيباً لا لبس فيه لما أعلنه الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في (21 يوليو/ تموز 2014) من أن «قوى المعارضة رفضت عرضاً شفهياً قدّم لها من قبل السلطة خلال الفترة القريبة الماضية مفاده أن يتم توزيع الدوائر بعدد (20/ 20) بين قوى المعارضة والموالاة، بالإضافة إلى محاصصة وزارية، يقدّم فيها 6 مقاعد للطائفة الشيعية، ومثلهم للطائفة السنية، و6 آخرين للعائلة الحاكمة». وأن «السلطة رفضت تقديم أي شيء مكتوب للمعارضة، غير أن المعارضة ترفض إلا أن يتم توزيع الدوائر بصورة عادلة، ومجلس نيابي كامل الصلاحيات، وحكومة تمثل الإرادة الشعبية».

فوزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة لم ينفِ بشكل صريح تقديم السلطة مثل هذا العرض، ولم يؤكد أن أحداً من المسئولين في الدولة لم يقم بمثل هذا الأمر، وأن ما جاء في تصريح الشيخ علي سلمان هو كذب وافتراء، بل العكس من ذلك تماماً، حيث أن ما نشره في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) يوم الأربعاء الماضي «عندما خرج السياسي المنكوب ليقول نريد (ديمقراطية توافقية بين الطوائف) عرضنا عليه 666 كفّاً سياسياً جزاء طائفيته. والآن يبدو أنه يريد المزيد»، يوحي بأن هناك لعبة سياسية قد مورست بالفعل ضد القوى المعارضة، وأنه كانت هناك ردة فعل معينة تم اتخاذها أو كما عبّر عنها الوزير بشكل «غير دبلوماسي وغير مفهوم» بـ «666 كفاً سياسياً»، وأوضح لاحقاً عندما استهجن البعض مثل هذا التصريح الغامض بأنه كان يعني «ستمائة وستة وستين سطاراً سياسياً».

وحتى وزيرة الدولة لشئون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب لم تنفِ بشكل جازم تقديم مثل هذا العرض وإنما تحدثت في العموميات، بأنّ «الحكومة ترفض المحاصصة الطائفية، وأنها لن تعتمد إطلاقاً طرح المحاصصة الطائفية كي لا تكرّر بذلك «تجارب الحروب الأهلية بالمجتمعات التي اعتمدت نظام المحاصصة».

وبعيداً عن تحليل اللغة التي جاءت لتنفي أو لتثبت «عرض 666» فإن هناك عاملاً مهماً جداً في هذا الموضوع يحدّد لكل مواطن ما يريد أن يصدقه ومن يريد أن يصدق وبمن يثق، ولكل شخص أن يثق بمن يراه أهلاً لذلك.

منذ عقود عدة والبحرين تسير على نهج وعرف يكرس المحاصصة الطائفية حتى وإن كان ذلك بشكل غير معلن، فتفصيل الدوائر الانتخابية بشكل محدد، وتحديد نسبة لكل طائفة في مجلس الشورى على أن يكون رئيس المجلس من طائفة، ورئيس مجلس النواب من طائفة أخرى، ووجود مناصب معينة في الدولة لا يمكن شغلها إلا من طائفة معينة، كل ذلك يؤكد تأصل هذا الفكر لدى البعض ليكون هو الصحيح السائد والمتبع حتى ما لا نهاية، ولتكون جميع الأمور لدينا على أحسن ما يرام، فليس لدينا محاصصة طائفية ولا تمييز، ولا تهميش.