كنت أحزم حقائبي للسفر إلى الخضراء يوم الخميس الماضي بمناسبة الإجازة السنوية حين طالعتني قناة عربية بخبر عملية إرهابية استهدفت دوريتين للجيش التونسي في منطقة جبل الشعانبي بمحافظة القصرين، ففزعت بآمالي إلى تكذيب الخبر من خلال القنوات التلفزية التونسية، لكن لا مهرب من الحقيقة الواقعة.
طبعاً تعكّر مزاجي وسكن الحزن قلبي ورافقتني أفكاري إلى تأمّل المشهد الإرهابي في سياقه الوطني بتونس، وكذلك في سياقه العالميّ، لكنّي لم أهرع إلى كتابة تلك الأفكار وفضلت التريث حتى أصل إلى تونس وأنظر في تفاعل المجتمع قبل الدولة مع هذه الأحداث الجديدة.
وبعد يومين من مخالطة الناس ومتابعة الأحداث عن قرب عادت إليّ الفرحة؛ نعم، حسرة كبيرة على فقدان جنودنا البواسل ولكننا نحسبهم عند الله من الشهداء. نعم، طعنةٌ في الظهر لمهد الربيع العربي، لكن أعود وأقولها لا ولادة دون مخاض عسير.
نعم... عادت إليّ الفرحة لمّا رأيت كلّ أبناء الشعب التونسي يتقاطرون على المسيرات التلقائية التي خرجت يوم الخميس ليلاً، وكذلك تلك المظاهرات التي نظمتها كل مكونات المجتمع المدني في البلاد من أحزاب سياسية وجمعيات مدنية يوم الجمعة وليلة السبت، وأهمها تلك المسيرة التي انتظمت يوم السبت حيث ضمّت كل الأطياف السياسية وعبّرت في مشهد تاريخي عن تضامن أبناء الشعب التونسي ضد الإرهاب الدخيل على المجتمع.
ذلك أن إجماعاً لدى طيف واسع من الشعب التونسي على أن هذه العملية الإرهابية الخطيرة والموجعة، كانت تستهدف نموذج الانتقال الديمقراطي في تونس، والعملية الانتخابية بإرباك روزنامتها ومن ثمّ تعطيل المسار الانتخابي.
لذلك، هبّ الشعب بكثافة وفي كل مناطق البلاد وبكافة فئاته، ونظّم المسيرات الحاشدة المندّدة بالإرهاب، وهو ما يعطي رسالةً واضحةً مفادها أن المجتمع التونسي لم ولن يكون حاضنةً لهذا الوافد الغريب. بل إنّ المجتمع التونسي سيكون أول المحاربين له وفي الصفوف الأمامية قبل الأمنيين والعسكريين؛ لأن مقاومة الإرهاب لا تتحقق فقط بالحلول الأمنية والعسكرية وإنّما لابد أن ترفدها إرادة شعبية، وها هي الإرادة الشعبية تتجلّى بوضوح في أيام الحداد الثلاثة، حيث لم تتوقف هذه المسيرات عن إعطاء الدولة تفويضاً تاماً حتى تستخدم أساليب الردع الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة. فالتحديات المصيرية التي أصبحت تواجه المسار الديمقراطي تفرض معالجة أكثر عمقاً وشموليةً لمسألة الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في علاقتها بالإرهاب.
نعم، إنّها المعادلة الصعبة؛ فلقد طرحت أعتى الديمقراطيات في العالم مقاربات جديدة، ولجأت إلى أساليب أكثر واقعية وبراغماتية في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب على المدى القريب أمنياً، فضلاً عن معالجة أسبابها الاقتصادية والثقافية والتنموية.
أمّا على المستوى العالمي والعربي خصوصاً، فكم هي أليمة هذه اللحظة الإرهابية التي تجمع العديد من دولنا العربية؛ فلقد تقاوت التعبيرات القتالية للإرهابيين في بعض المناطق خصوصاً بعد انتزاع السلطة من الإخوان في مصر، وتطايرت شظاياها هنا وهناك؛ إرهاب في صحراء سيناء، «داعش» تصول وتجول في المدن العراقية، قصفٌ على مطار طرابلس في ليبيا، وتفجيراتٌ في اليمن، وهجوم على الجيش في تونس.
هذه الصورة القاتمة للمشهد الإرهابي في الوطن العربي جعلت الباحث والمحلّل خليل الرقيق يتساءل في حيرة نتقاسمها: «هل يمكن القول بأن هذه الدموية الطافحة التي تعظمت بعد سقوط النسخة الإسلاموية للربيع العربي هي عنوان سطوة وانتصار للأصوليين؟ أم يمكن الجزم بأنها رقصة ديك مذبوح أجبرته الهزيمة المدوية أمام التاريخ على الانتقام من الجغرافيا؟»
إن الثورة التونسية قد منحت الجهاديين فرصة العودة للانخراط في المجتمع بعد أن تقهقر الطاغوت الذي كان سبباً في نشأتهم، فرصة للعودة إلى الرشد وترك منهج العنف كما فعلت ذلك أغلب الديمقراطيات في العالم، ولكن تعنتهم وربما غباء بعضهم هيّأ لهم أنه بإمكانهم هزم الدولة والمجتمع.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4336 - الإثنين 21 يوليو 2014م الموافق 23 رمضان 1435هـ
كلام ذهب
إن الثورة التونسية قد منحت الجهاديين فرصة العودة للانخراط في المجتمع بعد أن تقهقر الطاغوت الذي كان سبباً في نشأتهم، فرصة للعودة إلى الرشد وترك منهج العنف كما فعلت ذلك أغلب الديمقراطيات في العالم، ولكن تعنتهم وربما غباء بعضهم هيّأ لهم أنه بإمكانهم هزم الدولة والمجتمع.
الإرهاب
لا بد من تحديد مفاهيمه ودوافعه حتى تتضح الصورة للجميع
هذا أكيد
ذلك أن إجماعاً لدى طيف واسع من الشعب التونسي على أن هذه العملية الإرهابية الخطيرة والموجعة، كانت تستهدف نموذج الانتقال الديمقراطي في تونس، والعملية الانتخابية بإرباك روزنامتها ومن ثمّ تعطيل المسار الانتخابي.
تونس
ربي يحفظ تونس
انت لم تقرأ
التاريخ جيدا لذلك تقول كلامك هذا ولو كنت اطلعت على تاريخ العرب الدموي لعرفت ان الارهاب عندهم ليس سحابة صيف بل هو جزء من عقيدتهم اما خروج الشعب التونسي ضد الارهاب فاقول لك ايضا . اعلم ان هناك الكثير من الذين خرجوا منددين بالارهاب هم معه في قلوبهم و يتمنون انتصارهم على الشعب التونسي ولا نقول الا . رحم الله الحبيب بورقيبة و حفظ الله الرئيس السابق الذي ظلمتموه واخرجتموه من بلادكم .
علي جاسب . البصرة
كلهم في جميع الاوطان لدينا من فكر وحاضنة واحدة
حاضنتهم الفكرية وتمويلهم واحد في كل العالم حان وقت محاربة فكرهم المتشدد وتضييق الخناق على حاضنتهم الفكرية والمالية