أكد وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، ضرورة التنسيق مع حركة حماس لوقف العدوان وإطلاق النار على قطاع غزة، مشيراً إلى أنه من المقرر أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس المكتب السياسي في حماس خالد مشعل في الدوحة، إذا ما عاد الأخير من زيارته إلى الكويت للقاء أمير الكويت.
واعتبر أن لقاء عباس بمشعل ضروري، في الوقت الذي نفى إمكانية التعديل أو التغيير في المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
جاء ذلك على هامش مؤتمر سفراء فلسطين في الدول العربية، والذي عقد أمس الأحد (20 يوليو/ تموز 2014) في فندق الخليج، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، ووزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة.
وفي كلمة له في افتتاح المؤتمر، اعتبر المالكي أن استضافة البحرين لأعمال مؤتمر سفراء فلسطين في الدول العربية، امتداداً للسياسة العربية التي ينتهجها عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ودعمه المتواصل للقضية الفلسطينية.
وقال إن المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة، «خصوصاً في هذه المرحلة من عمر قضيتنا، وفي هذه الظروف التي تعصف بعالمنا العربي».
وأوضح أن «شعبنا يتعرض من جهة إلى عدوان إسرائيلي وحشي، يصل إلى مستوى حرب إبادة حقيقية، تهدف إلى خلع جذوره العربية من أرض وطنه، وتدمير مقومات صموده، فلم تكتف الحكومة الإسرائيلية بإفشال فرصة السلام الأخيرة، والجهود الأميركية والدولية التي قادها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإنجاح المفاوضات، ولم تقف عند حد التنكر لمرجعيات عملية السلام وللاتفاقيات الموقعة والتفاهمات بين الجانبين».
وأضاف «في ظل استباحة جيش الاحتلال للضفة، واصلت الحكومة الإسرائيلية عمليات نهب الأراضي والاستيطان، وتهويد أجزاء واسعة من الضفة، وفي مقدمتها تهويد القدس، ومحاولاتها تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وأطلقت يد عصابات المستوطنين الإرهابيين ليعيثوا دماراً وتنكيلاً بشعبنا وممتلكاته ومقدساته، وبلغت بهم العنصرية والفاشية إلى حد اختطاف الطفل محمد أبوخضير وتعذيبه وحرقه وهو حي».
وذكر أن «الحكومة الإسرائيلية واصلت حصارها الظالم على قطاع غزة، وحولته إلى سجن كبير، يتعرض بشكل يومي إلى عمليات القصف بالطائرات والاغتيالات، وتحرمه من أبجديات الحياة الإنسانية مثل الكهرباء والماء والغذاء والدواء، وها هي تحوِّل القطاع الصامد إلى ميدان للرماية والتدريب لأجهزتها العسكرية وأسلحتها المختلفة كلما لزم الأمر، وهي تشن على أهلنا في القطاع حربها الثالثة وبأسلحة الدمار المتطورة التي تطال الحجر والشجر، الإنسان والجماد، في حرب إبادة مدمرة لمقومات الحياة الفلسطينية في القطاع».
وأردف: «لسان حال الحكومة الإسرائيلية يقول إنها خصصت لكل منطقة من أرضنا المحتلة أسلوباً خاصاً وشكلاً من العدوان، بهدف تكريس الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، وفصل القطاع والضفة عن بعضهما البعض، وضرب مشروع المصالحة الفلسطينية، ومحاولة تكريس الانقسام من أجل مواصلة توظيفه؛ لإضعاف الموقف السياسي والتفاوضي الفلسطيني، وكسر صمود شعبنا في أرض وطنه».
ورأى أن هذا الوصف «ينطبق على الحالة الفلسطينية منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وهو يتكرر بشكل يومي بأشكال مختلفة، وفي ظل غياب الحل السياسي وتوفير الحماية لشعبنا أمام هذا العدوان المتواصل، طلب الرئيس محمود عباس من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اتخاذ الإجراءات الأممية اللازمة قانوناً لتوفير الحماية الدولية لشعبنا، الأمر الذي دعمته الدول العربية كافة في الاجتماع الوزاري الذي عقد في الجامعة العربية مؤخراً، كما التزمت فيه أيضاً ببذل جهودها الدبلوماسية مع الدول المختلفة لتحقيق هذه الغاية، والعمل على عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لبحث سبل توفير هذه الحماية، انطلاقاً ممَّا توفره اتفاقيات جنيف لشعبنا الرازح تحت الاحتلال، وبناءً على التزامات تلك الدول الموقعة عليها، وأن مجزرة الشجاعية البشعة تؤكد مجدداً على أهمية توفير الحماية الدولية لشعبنا الذي يتعرض لحملة إبادة جماعية».
ولفت إلى أن القيادة الفلسطينية تسعى لتحقيق وقف إطلاق النار وتثبيته واستدامته، والبحث في الاحتياجات الفلسطينية وما سينتج عن ذلك في اليوم الذي يليه، بما يعزز من دور حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ونجاحاتها، خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة ورفع الحصار عنه، وفتح المعابر وإعادة إعماره».
وشدَّد على أنهم يقفون «بكل مسئولية أمام الواقع المأساوي الذي فرض على قطاع غزة، ونتحمل مسئولياتنا تجاه الظروف الإنسانية الصعبة التي حلت بشعبنا نتيجة العدوان، لذلك ندعو الدول الشقيقة والصديقة لتقديم كل ما تستطيع من مساعدات طبية وغذائية ومالية؛ للتخفيف من معاناة أهلنا في القطاع، في الوقت الذي نشكر جميع الدول التي تقدمت بشكل فوري وعاجل بهذه المساعدات، وإننا ندعو إلى تفعيل مخرجات مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد العام 2009، من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، علماً أن المسئولية قد تضاعفت بعد الدمار الذي خلفه العدوان الأخير، حيث هدمت مئات المنازل بشكل كامل، وآلاف المنازل بشكل جزئي، وكذلك تدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس والمؤسسات والمقرات الحكومية، مما يستدعي إعادة التركيز على تلك المقررات، والبحث في إمكانية الإعداد لمؤتمر شبيه في القريب العاجل للبحث في إمكانية إعادة الإعمار».
وأشار المالكي إلى أن القيادة الفلسطينية تتمسك بـ «كل قوة» بالمصالحة الفلسطينية، وتبذل الجهود كافة لإنجاح حكومة الوفاق الوطني كطريق لا رجعة عنه، وضرورة وطنية ملحة للوصول إلى حريتنا واستقلالنا.
وقال: «نتمسك أيضاً بضرورة تحقيق المزيد من الفعالية لعمقنا العربي كاستراتيجية دائمة في سياستنا ومواقفنا، بما يشكله من حماية ودعم وإسناد شبكة أمان لصمود شعبنا وحقوقه، وعليه نؤكد على الأهمية الكبيرة للتنسيق العربي المشترك، وعلى قرار القيادة الفلسطينية الاستراتيجي بضرورة تنسيق الخطوات والقرارات والتوجهات الفلسطينية كافة مع أشقائنا العرب، أشقائنا في المسيرة والمصير».
وفيما يتعلق بمؤتمر سفراء فلسطين، رأى أن على جميع السفراء الإجابة على مجموعة من التساؤلات، وهي: ما هي المبادئ التوجيهية الأساسية التي تحكم عملنا الدبلوماسي مع الأشقاء العرب؟ ما هو تقييمنا لمستوى الدعم العربي للقضية الفلسطينية، سواء على مستوى المواقف السياسية أو الدعم المالي؟ في ضوء المتغيرات الحاصلة في عالمنا العربي هل مازالت القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية؟ ما هي المفاهيم والبرامج والآليات المطلوبة للدبلوماسية الفلسطينية حالياً من أجل تنمية وتطوير العلاقات الثنائية الفلسطينية - العربية؟ ما هي السياسات الواجبة الاتباع نحو المزيد من الفعالية للعمل العربي المشترك إقليمياً ودولياً؟ كيف نطور من عناصر القوة العربية على المستوى الدولي؟ كيف نبني خارطة مصالحنا العربية الفلسطينية في منظومة المصالح الدولية؟ كيف نعزز ونطور من دور وأداء الجامعة العربية، بيت العرب الأول؟، مشيراً إلى أن «الإجابة عن هذه الأسئلة هي أولى المهمات الملقاة على عاتق هذا المؤتمر، حتى يرتقي لمستوى التحديات المطروحة».
العدد 4335 - الأحد 20 يوليو 2014م الموافق 22 رمضان 1435هـ