توفر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دورات تدريبية حرفية وإدارية للاجئات السوريات في لبنان، من أجل مساعدتهن على توفير سبل العيش لعائلتهن خاصة وأن الأزمة السورية طال أمدها وقت الرجوع إلى ربوع الوطن لا يلوح في الأفق القريب.
ومع وجود أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان الآن، يمكن الاستفادة من مهاراتهم الفريدة من نوعها واستخدامها على نحو جيد.
وتعمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مع شركائها على تدريب حوالي 60 امرأة، معظمهن سوريات ولبنانيات، على تقنيات الطباعة التقليدية على النسيج.
في حين أن العديد من النساء يفعلن ذلك أملا في كسب لقمة العيش، إلا أن البعض الآخر وجدن مجالا للهروب والفرح عبر عميلة الإبداع الفني وتصميم وخلط الألوان ورؤية المنتج النهائي لهذه العمل.
آخر مرة عملت فيها كفاح من أجل لقمة العيش كانت منذ أكثر من 30 عاما. كفاح قالت إنها كانت وقتها امرأة شابة، لا يوجد لديها التزامات أو أطفال. كنت تخيط لكسب لقمة عيشها.
ولكن بعد اثنين وثلاثين عاما، وبعد إنجاب سبعة أطفال، تجد كفاح نفسها في مجال البحث عن سبيل للدخل مرة أخرى. هذه المرة في ظل ظروف أكثر صرامة.
"عندما وصلنا إلى هنا، قلنا لأنفسنا: كم سيستمر هذا الوضع؟ أسبوع أو أسبوعين، شهر أو شهرين؟ بعدها نرجع إلى بيوتنا لنستقر. أنا لم أحضر معي أي شيء، فقط بدلين وبطانيتين، لأننا اعتقدنا أن الأمر لن يطول أكثر من أسبوعين. قلت لهم ربما يستمر الأمر لشهرين ولكن ها نحن الآن هنا منذ حوالي سنتين. "
تقنية الطباعة على لوح الخشب جاءت إلى سوريا من الهند قبل قرون. تعلم السوريون هذه التقنية وخلقوا أنماطا خاصة بهم، وأصبحت كل منطقة تعرف بطبعة محددة وشهيرة خاصة بها. وتعتبر الطباعة على لوح الخشب حاليا شبه منقرضة، ولكن المدربة التي أمضت سنوات عديدة في إحياء هذا الإرث في سوريا، قد فرّت من الصراع ولجأت إلى لبنان، وها هي الآن تدرس هذه الحرفة للبنانيات واللاجئات السوريات.
هذا التدريب هو واحد من العديد من الأنشطة التي تقدَم في مركز المجتمع المحلي للنساء اللبنانيات واللاجئات السوريات؛ وتشمل هذه الأنشطة دورات في مجال التوعية ودروسا في التوعية النفسية والاجتماعية ومهارات الحياة.
عندما سمعت كفاح عن دورة تدريبية حرفية في مركز المجتمع والتنمية المحلية، رأت في ذلك فرصة. لكنه لم يكن قرارا سهلا.
"في البداية، وجدت الأمر صعبا علي، خاصة بعد هذا العمر. كما أن أولادي رفضوا هذا الأمر في البداية. وأمي أيضا. فقلت لهم لا بأس أنا بخير والرب أعطاني الصحة والعافية، وأنا مرتاحة. أريد إن شاء الله أن أساعدكم قليلا . وأنا أتفاءل خيرا، ربما استطعت مساعدتهم قليلا."
ويهدف المشروع إلى إحياء التراث الثقافي، ودعم رجال الأعمال اللبنانيين من خلال توسيع أسواقهم من خلال تجارة التجزئة الدولية، وتقديم فرص العمل للحرفيين السوريين واللبنانيين.
ويهدف إلى تعليم 60 امرأة سورية ولبنانية فن الطباعة على ألواح الخشب. وسيتم دعم النساء من قبل الشركات المحلية، التي تتطلع أيضا للاستفادة من هذا المشروع، كما توضح دانيا قطان، من مكتب المفوضية في لبنان:
"إن الهدف من هذا المشروع هو تقليل تأثير الأزمة السورية على الشركات اللبنانية الصغيرة والمتوسطة. لماذا اختارنا الحرف اليدوية والسوق الحرفي؟ لأنه سوق حيث اللاجئون السوريون واللبانون لا يتنافسون ضد بعضهم البعض، بل على العكس، فهم يعملون سويا في هذا المجال منذ فترة طويلة."
كانت هذه آخر دورة للطباعة على ألواح الخشب. في المرة المقبلة ستأخذ النساء دروسا حول الإدارة والتسويق.
كفاح لديها عائلة كبيرة وابن مصاب. والدخل الذي يوفره زوجها وأبناؤها يغطي بالكاد المصاريف.
كأم لسبعة أطفال، وجدة لطفلين تقول كفاح إن وقتها يمر وإنها تعمل جاهدة لتأمين مستقبل عائلتها. لديها الآن الثقة والمهارات اللازمة للقيام بذلك.