العدد 4332 - الخميس 17 يوليو 2014م الموافق 19 رمضان 1435هـ

هجّاء السياسة العربية أحمد مطر مازال يتنفس الحياة

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي نبأ وفاة الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر في أحد المستشفيات بالعاصمة البريطانية (لندن)؛ الأمر الذي نفتْه عائلته على لسان زوجته "أم علي" وأكدت في اتصال هاتفي لموقع "عين اليوم"، أن "زوجها لايزال على قيد الحياة، وأن حالته الصحية مستقرة". وقالت: "شائعة وفاته ليست بالأمر الجديد فعادة ما تتكرّر إلا أنها ساءته وساءت عائلته، فبدلاً من أن يدعوا له بالشفاء بادروا بإطلاق الشائعات ضده".

من جانبه قال ابن شقيق مطر، حسن علي مطر الهاشمي، أمس الخميس (17 يوليو/تموز 2014)، في حديث خص به راديو "المربد"، إن "الأنباء التي أشارت إلى وفاة عمه الشاعر أحمد مطر عارية عن الصحة".

مطر الذي يبلغ من العمر 60 عاماً ويقيم في لندن يعاني منذ سنوات تقلباً في وضعه الصحي. عاش حياة المنفى منذ زمن طويل وظل على قائمة الممنوعين من دخول معظم الدول العربية، جنباً إلى جنب مع الشاعر مظفّر النواب الذي سمح له في بادرة نادرة من دخول مملكة البحرين وإقامة أمسية شعرية مطلع الألفية جرت وقائعها بفندق الخليج وشهدت حضوراً جماهيرياً لافتاً، وكانت الأمسية الوحيدة التي عرفتها البحرين لشاعر يدفع جمهورها ثمناً لتذاكر حضور الأمسية.

تميّز مشروع مطر الشعري بالتكثيف واتخذ شكل اللافتات وهو العنوان الذي عرف به في صحيفة "القبس" الكويتية"، ولا تتعدّى بضعة أسطر، في أغلبها تكاد تكون شبيهة بالقصص القصيرة جداً، مع الاحتفاظ بالإيقاع المتعدّد والمتنوع الذي حرص عليه الشاعر منذ حضوره في المشهد الشعري العربي؛ كما تميزت نصوصه ببساطة اللغة،و ابتكار الصور، وإن بدت مباشرة إلا أنها تعجّ بالمرارة والصدمة وتعرية الواقع العربي والسياسات التي رهنته إلى هذه المرحلة من التأخر والتخلف والاستهداف عموماً.

أخذت السياسة من مشروعه المساحة الأعظم في ما ينشر؛ وليس صحيحاً كما يُرَوّج بأنه كتب بقلم واحد؛ أي في اتجاه واحد وهو السياسي؛ دون التفريق بين الكتابة والنشر؛ إذ لا شاعر يضع بينه وبين موضوعات الشعر حاجزاً يحول دون إتيانه أو كتابته. إلا أن مطر نأى ومنذ عقود عن نشر الشعر العاطفي من دون أن يعني هجرانه الكتابة فيه وحوله؛ على رغم شهرته العريضة التي تمتد من الماء إلى الماء؛ تلك التي تزايدت مع حدّة لغته وهجائه المباشر وتهكّمه على مجمل الأنظمة العربية وسياساتها من دون أن يتفرّغ لتسميتها!

وربما لم تعرف التجربة الشعرية الهجائية العربية منذ قرون صوتاً بتلك النبرة العالية في مواجهتها الواقع العربي المزري، والسياسات العربية التي تمارس فعل الاختطاف اليومي لقدَر ومصير الشعوب المرتهنة لها؛ كما عرفته تجربتا أحمد مطر ومظفر النواب، وإن نأى مطر في جل نصوصه عن توظيف المفردة المباشرة في بذاءتها؛ تلك التي لم يتورّع ولم يتردّد النواب في توظيفها وفي مواضع مكرّرة في عدد كبير من نصوصه؛ ربما يعود ذلك إلى الفارق في العذاب بين الرجلين وتجربة الاعتقال الفظيع والهروب الأسطوري للنَوَّاب من معتقله في العراق هروباً إلى إيران وتجربة اعتقال أخرى وهجرات في بلاد الله لم تنتهِ، دفعته إلى تلك الحدّة الصادمة – كردّ فعل - حتى لجمهوره؛ لما حدث له، ولما آلت إليه أوضاع العرب عموماً والعراق خصوصاً؛ فيما تواءم مطر مع عذابه الأقل مقارنة بصاحبه، وأتاح له الاستقرار في بريطانيا اشتغالاً على مشروعه الشعري وإن ذهب إلى الهجاء؛ في صورة أكثر اتزاناً، وإن بدا أقل عمقاً من نصوص النواب والملحمية التي عرف بها.

ولد أحمد مطر العام 1954 في قرية التنومة، إحدى نواحي شط العرب في البصرة. وعاش فيها مرحلة الطفولة قبل أن تنتقل أسرته وهو في مرحلة الصبا، لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي.

وفي الكويت عمل في صحيفة "القبس" محرراً ثقافياً، كما عمل أستاذاً للمرحلة الابتدائية في مدرسة خاصة، وكان آنذاك في منتصف العشرينيات من عمره.

كانت "القبس" المنبر الذي انطلقت منه تجربته الشعرية إلى المحيط العربي وسجّلت لافتاته دون خوف، وساهمت في نشرها بين القرّاء.

أتاح له العمل في "القبس" الالتقاء بفنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، حيث توطدت علاقتهما وعملا معاً على مستوى ترتيب أفكار لموضوعات العلي؛ إلى أن طلب منهما مغادرة الكويت وظلا يعملان للصحيفة من العاصمة (لندن).

يظل أحمد مطر واحداً من الأصوات الأصيلة في هذا الارتداد الذي يشهده الزمن العربي، وواحداً من القامات الشعرية التي لن يكون سهلاً تناولها عبوراً، وهو الذي ظل مقيماً في الكثير من قضايا أمته وشعبه العربي.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:21 ص

      ~><#

      الله يشافيه ويعطيه الصحه والعافية المتحدث بلسان شريحه كبيره من البشر المضطهدين في أوطانهم .

    • زائر 6 | 6:53 ص

      الشنفرى

      تربينا ونحن نسمع شعرك
      واختصر علينا لوحات زمنية كثيرة
      وعكس واقعا عايشناه
      فنتمنى لك الشفاء والبعد عن الشقاء

    • زائر 5 | 4:49 ص

      شفاك الله

      كنت دوما لساناً معبرا مداوياً جروح المستضعفين فنسأل الله ان يبعد عنك كل شر ويصبغ عليك نعمة الصحة والعافية .
      في كل شبر من دم يدأب كرسي ويسقط بهلوان

    • زائر 4 | 2:26 ص

      بلادنا

      في بلادي.. مات حتى الموت ولم نمت.

    • زائر 3 | 1:35 ص

      احمد مطر

      هو اكثر الشعراء قربا من قلبي لأنه شبيه مظفر النواب الذي يهجو العرب بلذاعة محببة الى نفسي

    • زائر 2 | 11:58 م

      غث و سمين

      ويظل شعر أحمد مطر ، شعرا من أجل الشعر ، لا شعرا يجني من وراه التمجيد بالقتلة ولا يحصل مم ورائه على الهدايا الغالية و لا الألقاب الفضفاضة ولا قناة فضائية يطبل فيها طوال الوقت .
      اللافتات تتميز بالصدق والواقعية .
      أبن مطر ليس من الشعراء الغاوون .

    • زائر 1 | 9:51 م

      b الله يشافيه

      الله يشافيه يا رب و يطول بعمله و نستمتع بقراءة كتاباته

اقرأ ايضاً