استقالة وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ يوم الاثنين (14 يوليو/ تموز 2014)، ربما كانت مفاجئة في التوقيت، ولكنها جاءت لتؤكد ما كان يخشى منه هذا الوزير المخضرم، من أن بريطانيا تسير في رحلة «الانكماش الاستراتيجي». هيغ (53 عاماً) دخل السياسة عندما كان عمره 16 عاماً (في 1977) وذلك عبر إلقاء خطاب مؤثر ولبق جداً بالنسبة إلى عمره، وفاز بعضوية في البرلمان العام 1989، وتدرّج بسرعة إلى الأعلى، إذ تسلّم وزارة رئيسية في 1995، ومن ثم أصبح زعيم حزب المحافظين ما بين 1997 و2001.
بعد الخروج الأولي لهيغ من السياسة (في 2001) درس وتطور أكاديمياً وألّف كتاباً عن شخصية بريطانية كان ولايزال معجباً بها، وهي شخصية رئيس الوزراء البريطاني وليام بيت الأصغر، والذي تولى رئاسة وزراء بريطانيا في 1783 عندما كان عمره 24 عاماً، واستطاع بحكمته أن يتغلب على الهزيمة النفسية التي منيت بها بريطانيا آنذاك بعد خسارتها للمستعمرات الأميركية (الولايات المتحدة حالياً)، وتمكَّن ذلك السياسي الشاب من إعادة هيبة بريطانيا والانتصار على فرنسا والتمهيد لخروج بريطانيا العظمى مرة أخرى، وتولى منصب رئاسة الوزراء مرتين حتى وفاته في 1806.
هيغ عاد إلى السياسة في 2010، وتسلّم وزارة الخارجية، وأعلن حينها أنه يرفض فكرة «الانكماش الاستراتيجي» لبريطانيا وانسحابها من المسرح الدولي، وكان وهو يدلي بتصريحاته يحلم بالقيام بدور «وليام بيت الأصغر» في منع بريطانيا من الانكماش واستعادة دورها في العالم. ففي الماضي كانت بريطانيا «مركز العالم»، ولكن هذا الدور انتهى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وصعود نجم الولايات المتحدة الأميركية. في العقود السابقة طرح سياسيون بريطانيون فكرة «العلاقة الخاصة مع أميركا»، وأن تلك العلاقة تعني أن بريطانيا هي الجسر الأسرع والأقرب إلى مركز القرار في أميركا، وأن ذلك يضمن استمرار النفوذ البريطاني في العالم.
على أن هذه العلاقة الخاصة مع أميركا أصبحت على المستوى النظري فقط، وبريطانيا لم تستطع أن تؤثر في سياسات أميركا خلال السنوات الماضية كما تحب، بل إن بريطانيا تواجه مخاطر انفصال اسكتلندا (شمال بريطانيا) عنها في استفتاء سيجرى في سبتمبر/ أيلول المقبل، وإذا نجح حزب المحافظين في العودة إلى الحكم في 2015 فإن هذا الحزب وعد ما يتبقى من الشعب البريطاني (بعد استفتاء اسكتلندا) باستفتاء على استمرار بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن بريطانيا أصبحت اهتماماتها للتأثير في العالم أقل بكثير مما كانت تأمل، ونرى أنها تركز حالياً على سَنّ تشريعات دولية لمكافحة اغتصاب النساء أثناء الحروب.
هيغ كان قد وعد بمنع «الانكماش الاستراتيجي» لبريطانيا، ولكنه انكمش هو نفسه استراتيجياً وانسحب إلى منصب أصغر من وزارة الخارجية، بل أعلن أنه سينسحب من السياسة العام المقبل، وهو بذلك ربما يؤكد أن الانكماش أصبح حقيقة ثابتة يصعب منع استمرارها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4330 - الثلثاء 15 يوليو 2014م الموافق 17 رمضان 1435هـ
الى مزبلة التاريخ
بريطانيا المستعمرة ظلمت الشعوب على مدى قرون ولها يظ طولى في عذابنا بالبحرين ونرجو من الله ان تستقل اسكتلندا عن بريطانيا وايضا ويلز لأن بريطانيا العجوز اصبحت ثقلا على العالم ويجب ان لايكون لها دور
انكماشهم بكل مكان الا في البحرين
سبحان الله هذه الامبراطورية العجوز لا نجد مقدرتها الا على شعب البحرين لتعين عليه في زيادة وتيرة الظلم والاستخفاف بحقوقه وما اقول الا الله ينتقم لنا من كل واحد ساهم في ظلامتنا والله لا تخفى عليه خافية وسيأخذ لنا بحقنا حتما
وبريطانيا لم تستطع أن تؤثر في سياسات أميركا خلال السنوات الماضية كما تحب
مقال ممتاز وعميق يا دكتور وبحرينيا ترى بوضوح التمايز في الموقفين البريطاني والأميركي: بريطانيا مع رؤية الحكومة قلبا وقالبا في كيفية الخروج من الأزمة وترى الحل ببساطة في مشاركة المعارضة في الانتخابات دون أن تقدم الحكومة أي تنازلات بينما أميركا ترى ضرورة المشاركة المصاحبة لتنازلات تؤدي لحل مستدام ولذلك تم طرد المسؤول الأميركي مؤخراً.