العدد 4330 - الثلثاء 15 يوليو 2014م الموافق 17 رمضان 1435هـ

«الجوهرة السوداء»... العباءة تاريخها من الطبقية إلى ما بعدها بمراحل

تصل إلى 18 مليون دولار... وأخرى مكيَّفة...

«الجوهرة السوداء»... أو العباءة. النسائية منها تحديداً، هو موضوع كتاب/ألبوم صور يلتفت إلى الفن الذي طرأ وتعاقب على العباءة النسائية. لم تعد كساء من قطعة واحدة، بلونها الأسْود المميز الذي عرفت به. ومثلما يتموج ذلك الكساء على أجساد مرتديه؛ يتموج أيضاً بما طرأ عليه من فنون تطريز وألوان غاية في الدقة والجمال.

العنوان سالف الذكر اشتغال على ذلك الفن ومراحل تطوره والأدوات والمراحل التي تمر بها صناعة العباءة النسائية. عمل تصدت له «أمسية» وتولت صوره وإخراجه في كتاب «الورّاقون» المؤسسة الثقافية التي حققت إنجازات على مستوى موضوعات الصورة ومراحلها، تجاوزت المحلي إلى العربي والعالمي بالجوائز التي حازتها.

يحضر المتنبي في مطلع العمل:

هام الفؤاد بأعرابية سكنتْ بيتاً

من القلب لم تمددْ له طُنُبا

بيضاءُ تُطْمِعُ في ما تحت حلّتها

وعزَّ ذلك مطلوباً إذا طُلبا

كأنها الشمس يُعيي كفّ قابضه

شعاعُها ويراه الطرْف مقتربا

مرّتْ بنا بين تِربيْها فقلت لها

من أين جانسَ هذا الشادنُ العَرَبا

في زمن بعيد... بعيد جداً كان نظام الطبقات الاجتماعية حاضراً وبقوة. لم يكن بأخلاق أيضاً. نظام الطبقات موجود إلى اليوم وإلى قيام الساعة. في بعض صور ذلك النظام شيء ولو يسير من المجاملة. هامش يتحرك فيه الناس. الثروات الطارئة تلغي الطبقات بين الناس. لا أحد يبحث عن الأصول والجذور وشجرة العائلة. الثروة تخلق جداراً سميكاً يحول دون الالتفات إلى ذلك.

في زمن بعيد... بعيد جداً... حيث نظام الطبقات المتوحش «شاع بين الناس في أيام الجاهلية أيام ما قبل الإسلام، مفهوم الطبقات الاجتماعية والتي ميّزت الملكَ عن العبد؛ فامتازت النسوة في ذلك الزمن بطابع ارتداء العباءات من باب التألق والتميّز فكانت حصراً على العائلات الكبيرة والغنية وصفوة المجتمع اللاتي لم يلزمن بالعمل، في حين أن الإماء لم يكن لديهن الحق في ارتداء العباءات أياً كان شكلها في ذلك الوقت، وهذا ما ميز صفوة المجتمع عن الإماء وغيرهن». في الكلام ذاك أخذ ورد. الصحيح أن الإماء كن يلبسن العباءات وخصوصاً في البيوتات العربية الكبيرة وإن كانت أقل جودة وأرخص سعراً. كان النظام الطبقي يسري ويمتد إلى الملابس نفسها. كانت ملابس العبيد والإماء إشهاراً وعلامة صارخة على نظام التمييز الطبقي ذاك. ذلك من جهة، من جهة ثانية كانت البيوتات تلك تلتمس الستر والعفة التي لم يعدمها الناس في الجاهلية، فكان الستر والحشمة يطولان أهل تلك البيوت وما يتبعهم من إماء.

منذ «قل للمليحة»

منذ أول إعلان دعائي قام به ربيع بن عامر الدارمي، لصديق له شكا كساد سلعته (الخُمُر) بعد أن باع الملونة منها وبقيت السوداء، وذلك اللون يفعل فعله:

قل للمليحة في الخمار الأسود

ماذا فعلتِ بناسك متعبّدِ

قد كان شمّر للصلاة ثيابه

حتى وقفت له بباب المسجد

على أن إقحام الخِمار هنا ربما بسبب لونه في «الإصدار» الذي اختص بالعباءة؛ إذاً الخمار ما يغطى به الرأس، فيما العباءة تتولى غطاء الجسد.

هامش أول... بني جمرة وصناعة عباءات للأسر الغنية والفقيرة

في قرية بني جمرة تعهد حرفيوها ممن اشتهروا بصناعة النسيج في المنطقة بأسرها، صناعة عباءات موشاة بخيوط الذهب وإن غلب عليها اللونان الأسود والأحمر؛ وخصوصاً لتجار وموزعين في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وكانت بعض البيوتات

تتطلب تصميمات بعينها وضمن نقوش وتطريزات معينة؛ فيما يترك بعضها أمر ذلك إلى النسّاج نفسه. الفقراء أو أصحاب الدخل المحدود كان لهم نصيبهم من تلك الصناعة وإن بكلفة أقل ووشي وتطريز عادي يختصر الوقت ويوفّر المال.

وفي الكتاب تعريف للرداء أو العباءة في البحرين: «قيل بأن الرداء نوعان، الأول يتكون من قطعة مستطيلة من القماش الأسود يشبه الملاءة، ويكون جزؤها السفلي مطرزاً بخيوط حمراء ويسمى (بريسم)، والثاني يطرز بالزري الذهبية، ويسمى (بروجي)، إلا أن الغالبية من النساء الكبيرات في السن يفضلنه من دون زري».

ومثل أي صناعة تتماشى مع الوقت طرأت على الرداء أو العباءة مراحل من التطور الذي صار موضع تنافس بالتباري في ابتداع النقوش والتطريزات ونوعية الخام الذي غلب عليه الحرير ضمن أنواعه الفاخرة».

اليابان قبلة المواد الخام

«اشتهرت اليابان بتصدير أفضل الخامات والأقمشة إلى دول الخليج، فانتشر القماش الياباني في منطقة الخليج فور انتشار العباءة بين النسوة بنوعيها. يمتاز القماش الياباني بنعومة ملمسه وخفة وزنه وكونه أجود وبالتالي أكثر سعراً من غيره».

يتطرق الكتاب/الألبوم إلى أدوات قياس العباءات وتخطيطها قبل الصنع، والمراحل التي تمر بها إلى أن تأخذ مكانها في المحل أو على الرأس أو الكتف.

هامش ثانٍ... استعراض وتبارٍ

باتت العباءة بالجنون الذي طرأ على مواد تكوينها وحشوها بمثابة فرصة لتسويق الأغلى ثمناً في العالم؛ وسجلت أرقاماً قياسية، بحيث باتت قيمة عباءة واحدة تعادل قيمة قصور! شركات الموضة تقوم بتصنيع ذلك النوع من العباءات من دون أن تحمل هم بيعها بعد أن تتفق على صناعتها ملايين الدولارات وأحياناً الدنانير؛ إذا ثمة مدن وعواصم الأموال فيها مكدّسة وخصوصاً بعد الطفرات التي عاشتها وتعيشها منطقة الخليج خصوصاً؛ إذ «شهدت مدينة دبي العام الماضي (2013) عرض واحدة من تلك العباءات تعدى سعرها 65 مليون درهم أي ما يعادل 18 مليون دولار لتكون أغلى قطعة أزياء نسائية على مستوى العالم.

وقالت الشركة العارضة لهذه العباءة إنها مطرزة بأكثر من 200 قطعة من الجواهر والذهب والأحجار النادرة، وتزينها بعض قطع الألماس. وتولى تصميم العباءة المصممة البريطانية ديبي ونجهام التي تعتبر أن العباءة ليست مجرد قطعة ملابس للمرأة، بل تحفة فنية احتاجت وقتاً طويلاً من التصنيع والتزيين ونشر قطع المجوهرات على أجزائها. وأضافت لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.ا) أن العباءة نالت إعجاباً كبيراً من نساء الخليج، وتلقت طلباً لشرائها على رغم سعرها الكبير، لكن المصممة رفضت الكشف عن شخصية المشتري، احتراماً لخصوصيته. ولا يقتصر الأمر على العباءات، بل امتد لتصنيع قماش غير تقليدي من الذهب، لتنتج منه أزياء نسائية ذهبية».

هامش ثالث... للتجارة حيلتها... العباءة المكيفة!

كل تفصيل في المنطقة يتم استغلاله فيما يُراد تصنيعه. للمرأة نصيب أكبر من ذلك. درجة الحرارة يمكن أن تكون مدخلاً لذلك. هنا حيث تسجّل المنطقة أرفع درجات للحرارة في العالم؛ فكان لزاماً البحث عن حل للعباءة؛ فتفتّق عن ذهن المصنّعين صنع عباءة مكيّفة! وبحسب صحيفة «اليوم» السعودية؛ فإنه يتم إنتاج العباءات من أقمشة صحية مصنوعة من ألياف نباتية طبيعية وغير محولة ذات ملمس بارد، تبعث الندى الخاص بها إلى جلد الإنسان وتعمل كمرطب من خلال «مسام» تسمح بدخول الهواء إليها؛ ما يساعد على تقليل درجات الحرارة، والشعور بهدوء البشرة وخصوصاً الحساسة والمتعرقة، كما تمتلك القدرة على التنفس ولا تلتصق بجسم الإنسان. وللتجّار في تصنيع العباءات شئون!

العدد 4330 - الثلثاء 15 يوليو 2014م الموافق 17 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:28 م

      اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد

    • زائر 5 | 10:45 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،استغفر الله ربي واتوب اليه ،،العباءه هي لبس إسلامي ،، صنعت لستر مفاتن المرأه ،،وليست للموضه او التباهي ،،ياعجب الله في خلقه ،،السلام عليكم .

    • زائر 4 | 8:22 ص

      65 مليون درهم قيمة عباءة ..لا بعد في مشتري

      وحريم علي قائمة الانتظار..انها حقا من علامات الساعة الصغري ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
      في الماضي القريب كان التعليق علي كثرة البرادات في الفرجان اما الآن فالحديث عن محلات بيع العبايات حيث في احدي المناطق في الرفاع الشرقي شارع لا يتجاوز طوله 300 متر ، يوجد 22 محل لبيع العبايات ..الله يزيد ويبارك لبنات البحرين وجود هذا الدد الكبير من المحلات

    • زائر 3 | 7:06 ص

      ابراهيم الدوسري

      اشكرك علي هذا الموضع سلمت يداك

    • زائر 2 | 2:54 ص

      الجوهرة السوداء بيليه

      لاعب البرازيل المخضرم من احد القابه الشعيره راحت ايامه اكان ماهزموا البرازيل هالارجنتيين

    • زائر 1 | 2:45 ص

      نكتة هالموضوع

      تحولت للاسف في هذا اازمن من رداء للستر و العفاف للباس للتزين و اظهار مفاتن المرأة فلم هي العباءة اامنشودة مع الاسف الشديد

اقرأ ايضاً