العامل الأول الذي يدفع للضعف العالمي في التضخم هو ضعف الاقتصاد العالمي. على الرغم من التحاليل والتوقعات التي تشير إلى عودة النمو الاقتصادي خلال السنوات القليلة الماضية، لم ينتعش الاقتصاد العالمي وهو من غير المتوقع أن يحدث قريباً لأن علامات التراجع لازالت كثيرة، مثل معدلات البطالة العالية التي عدّت نسبة 11 في المئة في أوروبا، ومعدل مشاركة القوى العاملة الذي يبقى الأكثر تدنياً في تاريخ الولايات المتحدة، وأيضاً سياسة تضييق الائتمان في الصين التي دفعت العديد من المصانع إلى التشغيل تحت مستوى إمكانياتها.
وهذا التوجه يَظهر بشكل واضح في معدلات التضخم الأساسي الذي يقيس مباشرة النشاط المحلي في بلد معيّن، إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي في أوروبا بنسبة 0.8 في المئة فقط، وبنسبة 1.9 في المئة فقط في الولايات المتحدة. أما الصين، التي من المفترض أن تشهد معدل قوي للتضخم الأساسي بما أنها من الاقتصاديات الناشئة، بلغ معدلها للتضخم الأساسي 1.7 في المئة فقط. لا تزال الفجوة في الإنتاج كبيرة في هذه الاقتصاديات، كما هنالك موارد كثيرة لا يتم استخدامها (كالعمالة والمصانع والمكائن والرأسمال).
أما العامل الثاني الذي يدفع تدني مستوى التضخم، فهي الاحتمالية النادرة التي حصلت في ظل ضعف الاقتصاد العالمي، حيث عادةً ما تخلق أسعار السلع الغذائية والطاقة لولبيةً تضخميةً.
كما تكون أيضاً الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات في الدول المنتجة للغذاء دافعاً لزيادة التضخم حول العالم وبالأخص في الأسواق الناشئة حيث تشكّل السلع الغذائية الحصة الأكبر في سلّة التضخم. ولكن، الإنتاج الجيد والأجواء الخالية من الكوارث الطبيعية قد ساهمت في إنتاج السلع الغذائية بشكل وفير في الأسواق العالمية، ما أبقى الأسعار متدنية.
وخلال الأشهر الاثني عشر الماضية، ارتفع سعر الأرز بنسبة 5.3 في المئة، وانخفض سعر فول الصويا بنسبة 16.5 في المئة، وانخفض أيضاً سعر القمح بنسبة 11 في المئة، وسعر الذرة انخفض بنسبة 43 في المئة. هذه هي أهم المحاصيل الغذائية وهي أيضاً العامل الأساسي في بقاء الأسعار بمستواها المنخفض، وبالأخص في دول مجلس التعاون التي تعتمد كثيراً على استيراد السلع الغذائية.
وتريد البنوك المركزية أن يعود التضخم، ولكن ليس لكل عنصر في سلّة التضخم، فقط للتضخم «الإيجابي» الذي ينتج عنه مستوى صحي من النشاط الاقتصادي. للأسف، تشير المؤشرات الاقتصادية الشاملة إلى أن احتماليات أن يزيد التضخم «الإيجابي» غير واردة على المدى القصير، وهو ما يدعو إلى النظر للتضخم «السلبي» في أمل أن يبقى متدنياً.
فرانسيسكو كينتانا،
رئيس الاقتصاديين، شركة آسيا
العدد 4330 - الثلثاء 15 يوليو 2014م الموافق 17 رمضان 1435هـ