بدلا من الاستمتاع بالاحتفالات والولائم الليلية يمضي الفلسطينيون في غزة شهر رمضان قابعين في بيوتهم والملاجئ المؤقتة خشية القنابل الاسرائيلية.
وفي العادة تشهد شوارع غزة المزدحمة أجواء احتفالية عقب الافطار في رمضان إذ تزدان الحارات بالفوانيس ويقبل الاطفال على التهام الحلويات ويلعبون حتى الساعات الأولى من الصباح.
وكانت سهير أبو جليلة وابنتاها ضمن حوالي 17 ألف فلسطيني فروا من منازلهم في غزة الى مدارس الأمم المتحدة المزدحمة بعدما حذرت اسرائيل من أنها ستقصف احياءهم.
وقالت والطائرات الاسرائيلية بدون طيار تحلق فوق الرؤوس "لا توجد بهجة هذا العام. ننام على حشايا في ردهات مكتظة. يمدوننا بالافطار لكننا في احيان أخرى نأكل العصيدة والزعتر."
وتابعت "نال منا التعب والخوف. نتمنى بشدة أن نعود وأن نشعر ببعض الأمان قريبا."
ويواجه قطاع غزة اجواء كئيبة بالفعل في رمضان بسبب ارتفاع البطالة والفقر لكن الشهر تزامن مع معركة بين طائرات اسرائيلية تقصف القطاع ونشطاء حركة حماس الذين يطلقون صواريخ على اسرائيل.
وقتل 180 فلسطينيا على الأقل في القتال وفشلت هدنة اقترحتها مصر أمس الاثنين.
والمتاجر مغلقة الآن ويلزم الناس بيوتهم ينصتون لأزيز الصواريخ وانفجارات القنابل.
وغاب المصلون عن أداء صلاة التراويح في المساجد بعدما دمرت اسرائيل مسجدا وتضرر 34 مسجدا آخر حسبما ذكر مركز الميزان لحقوق الانسان.
وقالت الجمعية إن حوالي 260 منزلا مدنيا دمرت وتضرر 1034 منزلا آخر.
وقالت اسرائيل إن المسجد كان يستخدم لتخزين صواريخ وتقول إن هجماتها تستهدف فقط النشطاء واسلحتهم وإنها تكافح لتجنب الخسائر البشرية بين المدنيين.
وعادة ما تحتفي حركة حماس التي تدير قطاع غزة بشهر رمضان باقامة موائد الرحمن وتوزيع مقررات مالية على موظفي القطاع العام.
لكن أعضاءها السياسيين اختفوا الآن في حين اصبح المقاتلون في صدارة المشهد مما جعل المزيد من الموظفين البسطاء يكدون للتعايش مع الازمة.
ومثل أغلب موظفي الحكومة الآخرين لم يتسلم الأطباء في عنبر علاج الصدمات في مستشفى الشفاء الرئيسي في غزة راتبا منذ ثلاثة اشهر وكانوا يحصلون على نصف راتبهم فقط على مدى اربعة اشهر سابقة بسبب أزمة نقدية في حكومة حماس والمشاحنات السياسية الفلسطينية الداخلية.
ورغم ذلك يعمل المسعفون في نوبات مدتها 24 ساعة يوما بعد يوم ويعالجون سيلا متدفقا من المرضى المخضبين بالدماء وقد بترت اطراف بعضهم. وهم يصومون النهار ويجلسون لتناول افطار متواضع حين تسمح ظروف العمل.
وقال الطبيب محمد بلعمي "الوجبة في المستشفى ليست عظيمة بالطبع لكن حين ترى وضع الناس تشعر بالامتنان لما لديك."
وأضاف "نعرف أننا سنحصل على أجورنا في نهاية الأمر وايضا على حقوقنا كدولة. في تلك الاثناء من الجيد أن تساعد الناس.. ويساعدني ذلك على نسيان الضغط النفسي والحالة المعنوية المتدنية التي أمر بها."
وجلس محمد سلمي بجوار فراش ابن اخيه (14 عاما) الممدد بالمستشفى يتأوه ويتلوى بين الحين والآخر من شدة الألم وقد غطت جبيرة ذراعه وجزءا كبيرا من جانبه الأيسر.
وقال عمه إن ضربة جوية أصابت حارة كان يلعب فيها مع مجموعة من الأولاد الآخرين يوم الأربعاء.
واضاف "بالنسبة لنا.. فسد طعم رمضان. سيذكره دوما كأسوأ شهر في حياته."