بقي من الزمن 17 شهرا قبل أن يقّيم العالم مدي نجاحه، أو فشله، في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي أقرها زعماؤه، في الموعد النهائي المحدد لذلك في ديسمبر 2015. ومع ذلك بدأت الأمم المتحدة تقرع الطبول لنجاحاتها المحدودة … ولكن بتفاؤل حذر ووسط تشكيك متنامي.
وبحسب تقرير لـ "ثاليف ديين" نشرته وكالة الأنباء العالمية "انتر بريس سيرفس" (آي بي اس) قال الأمين العام بان كي مون في أحدث تقرير عن هذه المسألة، "لقد تقلص الفقر إلي النصف قبل خمس سنوات من الإطار الزمني الموضوع لهذا الهدف في عام 2015". فقد كان ما يقرب من نصف السكان في المناطق النامية كانوا يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم في عام 1990.
"هذا المعدل انخفض إلى 22 في المئة بحلول عام 2010، ما قلص عدد الأشخاص الذين يعيشون في حالة الفقر المدقع بمقدار 700 مليونا"، وفقا للتقرير الأممي.
ومع ذلك، فتنتمي الغالبية العظمى من الأهالي الذين يعيشون في حالة فقر مدقع إلى منطقتين: جنوب آسيا وجنوب الصحراء الأفريقية، وفقا لتقريرالأهداف الإنمائية للألفية تقرير لعام 2014.
لكن بعض المنظمات غير الحكومية التي تتابع عن كثب اتجاهات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في العالم النامي، تشكك في صحة هذه النتيجة.
فيقول روبرتو بيسيو -مدير المرصد الاجتماعي ومقره أوروغواي-أن المتوسط العالمي الذي تحتفل الأمم المتحدة يكاد يكون نتيجة حصرية تقريبا بفضل ما أنجزته الصين في هذا الشأن، بل والأهم من ذلك هو أن الحد من الفقر في الصين حدث من قبل عام 2000.
ويضيف لوكالة إنتر بريس سيرفس: "وهكذا تسجل الأهداف الإنمائية للألفية الآن نتائج كانت قد تحققت بالفعل قبل وجود هذه الأهداف...".
ثم شدد بيسيو علي أن الدول المتقدمة، من خلال تركيز الاهتمام على الفقر المدقع، تشعر الآن أنها ليس في حاجة إلي التحدث عن إلتزاماتها الخاصة بها أمام شعوبها، وبهذا تتجاهل الفقر وعدم المساواة في صفوف مجتمعاتها، مما تحول إلي عائق رئيسي الآن علي طريق النمو الاقتصادي (بصرف النظر عن كل الاعتبارات الأخرى) كما هو معترف به حتى من قبل صندوق النقد الدولي.
أيا كان الأمر، فيشير التقرير إلي أنه "إذا استمرت الاتجاهات الحالية، سيتجاوز العالم الأهداف الإنمائية للألفية في مجال الملاريا والسل وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية (في حين) يبدو هدف (تقليص) الجوع وقد أصبح في متناول اليد".
أما أهداف أخرى، مثل الحصول على التكنولوجيات، والحد من متوسط التعريفات، وتخفيف عبء الديون، وزيادة المشاركة السياسية للمرأة، "فتبدي تقدما كبيرا"، حسب التقرير.
وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، تم خفض احتمال موت الأطفال قبل بلوغ سن الخامسة، إلى النصف تقريبا، مما يعني إنقاذ حياة نحو 17،000 طفلا يوميا، وفقا للتقرير.
أما نير لينغ -من شبكة العالم الثالث في ماليزيا- فتقول لوكالة إنتر بريس سيرفس أن تقرير الأهداف الإنمائية للألفية "مفرط في التفاؤل" ويتجنب العقبات التي لا تزال تحرم أجزاء كبيرة من العالم من حقها في التنمية.
وكمثال، تشرح أن "الدول الغنية لا تزال ترفض آلية العمل التي تشتد الحاجة إليها للخروج المنظم من الديون السيادية، ونحن نرى الأرجنتين على وشك أزمة أخرى بسبب جشع"الصناديق النسور". كذلك أن الفشل في التعامل مع الحواجز الهيكلية قد يقضي علي أي نجاح تحقق على مدى العقدين الماضيين.
"لسوء الحظ، الاتجاه في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة والعديد من البلدان المتقدمة هو تعليق الآمال علي الشركات الخاصة و"الشراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين" لتناول المشاكل الهائلة التي تسببها العديد من الشركات.
ومن جانبها، أكدت منظمة "ووتر إيد" ومقرها لندن في بيان لها تزامننا مع صدور تقرير الأمم المتحدة يوم 8 يوليو الجاري، أن تقرير الامم المتحدة هذت، يعتبر بمثابة تذكير بحقيقة رهيبة: أنه لا يزال هناك 2.5 مليار شخص في العالم محرومين من المراحيض الأساسية.
من هذا المجموع البالغ 2.5 مليار نسمة، هناك 644 مليون شخصا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأكثر من 1.0 مليارا في جنوب آسيا، وفقا للمنظمة.
عن هذا، صرحت فلور أندرسون -رئيسة الحملات العالمية بمنظمة "وتر إيد"- أن "التغاضي عن هذا الحق يمس بالصحة والسلامة والأمن والكرامة لمليارات من البشر". فيشدد النشطاء علي أن الأمم المتحدة، وهي تعمل الآن على مجموعة متجددة من الأهداف الإنمائية، يجب أن تولي قضية الصرف الصحي أولوية مركزية في التنمية.
هذا ويشير تقرير الأمم المتحدة أيضا إلى أنه، بعد عامين من التراجع، ضربت المساعدة الإنمائية الرسمية رقما قياسيا بقدر 134.8 مليار دولار في عام 2013، "ومع ذلك، تحولت المعونات بعيدا عن أشد البلدان فقرا حيث غالبا ما يتأخر تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية".