الخوف من القوى الديمقراطية المعارضة أصاب بعض الجهات السياسية والدينية باضطراب جعلهم يخترعون تقليعات ما أنزل الله بها من سلطان، فمن تحريم مقاطعة الانتخابات، إلى المطالبة بسن قانون يعاقب كل من يتخلف عن الإدلاء بصوته، إلى الدعوة إلى تحويل البلاد إلى سجن كبير! حفلة الزار هذه لاتزال في بداياتها، ومن المتوقع جدّاً أن تشتد مع اقتراب موعد أية استحقاقات مستقبلية.

الحفلة بدأت بتأكيد عددٍ من المشايخ ورجال دين وجوب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث إن الامتناع عن التصويت فيها حرام شرعاً، مشدّدين على أن المشاركة واجب عيني باعتبارها واجباً شرعيّاً ووطنيّاً للدفاع عن البلاد.

وفي تقرير صحافي نشر مؤخراً في إحدى الصحف قال أحد علماء الدين: «إن الامتناع عن التصويت في الانتخابات المقبلة حرام شرعاً، وإن البحرين مرت بصراعات واضطرابات كثيرة مفتعلة، ولا يرقى الاختلاف فيها إلى منع الناخب من التصويت، وتحريم صوته».

أحد الكتاب طالب في عموده اليومي بأن يسن تشريع يعاقب كل من يمتنع عن التصويت دون استثناء! وهو يرى أن القانون البحريني أخطأ عندما ترك حرية التصويت من عدمه، ويؤكد أن هذه الحرية وُضعت في غير محلها!

الأغرب من ذلك أنه طالب بأن يكون التصويت في الانتخابات إجباريّاً وبقوة القانون، بحيث توقع عقوبات صارمة على المتخلفين، من بينها الحرمان من تولي المناصب العامة، ومن الحصول على الخدمات الحكومية، ما يعني أن أي شخص لم يصوّت في الانتخابات ومهما تكن الأسباب، يجب ألا يوظف في الوظائف الحكومية، وألا يحصل على بيت إسكان وحتى لا يعالج في المستشفيات الحكومية، أو يدرس أبناؤه في المدارس الحكومية... فأي خبل هو هذا؟ مهما حاول البعض إرعاب المعارضة، سواء عن طريق الفتاوى الدينية أو عن طريق التهديد والوعيد، فإن عليهم أن يعملوا على إقناع الناس بأن هذا المجلس الوطني وبطريقة انتخابه عبر دوائر ظالمة وبتركيبته وأدواته الحالية وانعدام صلاحياته التشريعية الرقابية، وان ما فصل ليكون عليه، لا يمكن أن يقدّم أو أن يؤخر شيئاً، وأنه أصبح للأسف مجرد ختم القرارات والقوانين التي تصادر الحريات.