شهدت البحرين أزمات سياسية داخلية تمثلت في الصراعات ما بين الشعب والسلطات، واستمر السجال طوال السنوات الماضية إلى اليوم، مع الأخذ في الاعتبار، متغيرات الزمن وتأثيراته، في وعي الأجيال وتطور الحاجات والمطالب الشعبية، قبالة جمود الفهم وبطء الاستجابة من قِبَل السلطات، وانطلاقها من زاوية الحلول الأمنية المتسمة بطبيعتها بالقسوة اللفظية والفعلية، في شكل عنف يتصاعد في القوة المفرطة، كلما زادت وتكررت المطالب الشعبية، بحكم طبيعة التطوارت عبر الحقب الزمنية المتلاحقة، فترى السلطات دائماً أن المطالب الشعبية إنما هي مسٌ بهيبتها وسيادتها.
تلك الرؤية التي تزيد وتُراكم الإضرار بالجموع الشعبية بشكل عام، عبر إضرار السلطات بالأفراد، دون احتساب لاتساع دائرة العلاقات الاجتماعية والعائلية، واتساع نسيج التقارب الإنساني المناطقي والمذهبي والديني، وكذلك الفكر الإنساني المدني، السياسي والاقتصادي والاجتماعي. كل هذه العلاقات بين الأفراد، تخلق مساحة ترابط إنساني بين الأفراد، وخصوصاً أنها محوية في مساحة وطنية صغيرة نسبياً، ولم تهتم السلطات عبر كل الحقب، إلا بما تفارق به استمالة موالين لها ضد معارضيها، مستبيحةً في ذلك تشجيع الفرقة الطائفية، المذهبية والاجتماعية والمناطقية. واستكملتها بإجراءات حماية مثيريها من المحاسبة والعقاب، وبإحلال الأجنبي والمجنّس خارج القانون، بدل المواطن والمتجنّس حسب الأصول القانونية، في هذه الأجهزة أو تلك.
وعبر كل الحقب السياسية، في إجراءات السلطات، هناك الثكالى والأيتام والأرامل، والجرحى والمعتقلون والمشردون والمنفيون، ويشهد على معاناة كل أولئك، الشهداء الأحياء عند ربهم وفي قلوب الناس، نتيجة ممارسات العنف الرسمي لمواجهة التحركات الشعبية، كأول وآخر إجراء، بالحكم المسبق على أفراد الشعب المطالبين بالحقوق، بالخيانة الوطنية والتبعية للخارج، فيستشهد عبر تصدي السلطات العنيف عدد من الشهداء، ثم تنهج السلطات التحقيقات المصحوبة بالعنف والتعذيب الجسدي والنفسي، لإجبار الذين تحاول السلطات محو الوطنية عنهم، بنزع الاعترافات منهم تحت التعذيب الشديد، بما لم يرتكبوه من أعمال، وترسم سلطات التحقيق حدوده وصفاته، بما يتواكب مع ما يحتسبه القانون جريمة وجناية، لتشويه وطنيتهم، بإلصاق تهم الخيانة بهم ونوايا الإرهاب، استدراراً للتعاطف الإقليمي والدولي، ويستشهد في مراحل التحقيقات عدد من الشهداء، ثم يستشهد عدد آخر جراء تنفيذ أحكام الإعدام المنقوصة الإثبات، أو تمثيل عمليات إعدام لشهداء سبق أن استشهدوا تحت التعذيب، أو إلصاق تهم الشروع في التفجيرات بالبعض، بما يفيد أنهم لقوا حتفهم أثناء إعداد المتفجرات، ويتم دفنهم في قبور مجهولة أو محروسة من قبل الأمن، إلى أمد تتحلل فيه آثار التعذيب على أجسادهم، أو رمي أجسادهم على الشواطئ وأسقف البيوت المهجورة، وتسجل الجريمة ضد مجهول. ثم سلسلة من التحقيقات المؤدية لذات الدائرة من التجاوزات الحقوقية الإنسانية، ويشهد عليها شهيد آخر حي.
ومن شهداء الوطن، الشاهد الحي، على استشهاده بالسلاح، عبدالعزيز العبّار الشاب عن عمر يناهز 27 عاماً والذي رفضت السلطات واستماتت في عدم الاعتراف بقتله خارج القانون. الشهيد الذي تم دفنه ثلاث مرات، مرة في سرير المستشفى، للفترة من تاريخ إصابته بعبوة طلقة صوتية، وإصابات نارية رشّية في الرأس والوجه والعين، بتاريخ 23 فبراير/ شباط 2014، وكانت هي سبب إدخاله المستشفى حتى تاريخ استشهاده بتاريخ 18 أبريل/ نيسان 2014. ومرةً أخرى في قبر بارد بمشرحة مستشفى السلمانية، للفترة ما بين تاريخ استشهاده إلى تاريخ زفافه إلى قبر الشهادة راضياً مرضياً بجوار ربه، وهي المرة الثالثة لدفنه.
هكذا وقف العبار بجسده المسجى في المستشفى، ثم في المشرحة، ثم في قبره بجوار ربه، وقف شاهداً وسيظل شاهداً حياً على محاولات السلطات إهدار دمه، وعلى إهمال وزير فيها للقانون، بتقاعسه أو تردّده عن أداء دوره في تصويب شهادة الوفاة، مما كان يشير إلى بؤس وضحالة عقل بعض المستخدَمين في وزارته، إذ أشارت الشهادة الصادرة من وزارته بأن سبب الوفاة توقف الدورة الدموية، على منوال القول بأن سبب الوفاة أنه مات، أو بمعنى أن توقف الدورة الدموية، هي الحالة التي كان عليها العبار، حين دخوله المستشفى، وقد عجز الأطباء عن إسعافه بإعادة الدورة الدموية من توقفها إلى نشاطها، وقد كانت تلك المحاولة طوال فترة بقائه لتلقي العلاج لمدة 55 يوماً.
حدِّث العاقل بما لا يُعقَل، فإن صدّق فلا عقل له، وقد أثبت ذا القول، وحفظ حق الشهيد، والداه، وصدق من قال: ما ضاع حق وراءه مُطالب.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4327 - السبت 12 يوليو 2014م الموافق 14 رمضان 1435هـ
الله يحفظك
الله يحفظ هذا القلم النزيه الحق.
والله انك أصيل
شهادة وكلمة حق لابد ان تقال لشخص شريف من اشرف رجال الوطن سلمت يمناك وجعلك .....مبروك عليك باقي الشهر
في كل عقد لنا عشرات الشهداء داخل وخارج السجون
هذه حالنا في كل عقد لنا مجموعة من الشهداء اما قتلا برصاص الشوزن او تحت التعذيب وهناك من يدعوا لمزيد من استخدام الشوزن وكأن الدماء التي سقطت وتسقط غير كافية
منذ وعينا الى هذه الدنيا ونحن نتذكّر كم من الجثث اخرجت من الداخلية
التعذيب الذي لا ينقطع عن هذه الارض. يوصف اهل البحرين بالطيبة والسماحة في الخلق بينما تعامل معاملة اسوأ الشعوب من حيث ان التعذيب سنة قديمة حديثة على اجساد ابناء الوطن المطالبين بابسط حقوقهم
ندعوا سعادة وزير الخارجية لقراءة المقال
ويعطينا رأيه هل السيد الفاضل سيادي بعد متحامل على البحرين كما قال عن قناة الجزيرة لفلم صرخة في الظلام . ام هو المواطن الشريف الخائف على ابناء بلده ؟؟
شهيدنا؟
نعم رحم الله شهيدنا العزيز عبد العزيز العبار . واسكنه فسيح جناته والهم اهله وذويه الصبر والسلوان . وقد ذهب الى جوار ربه وهو شاهد على ظلم وهوان لأمة لا تستحق الظلم.
كل ملامح الشهيد تدل على ظلامته
كل نقطة دم تدل على براءته فلم يكن يحمل سلاحا ولم يكن يركب مدرعة ولم يكن يواجه بحجر ببساطه سيقف قاتل الشهيد وجها لوجه مع الشهيد وايتامه
عبدالعزيز العبّار مثواك الجنه ان شاء الله
البحرين بخير في ظل وجود كتاب امثال الاستاذ يعقوب سيادي عندما يقول ( وبإحلال الأجنبي والمجنّس خارج القانون وكذلك بالحكم المسبق على أفراد الشعب المطالبين بالحقوق، بالخيانة الوطنية والتبعية للخارج )
سلمت أناملك
ذكرت عين الحقيقة التي طالما نسمع أنها مغايرة للواقع على لسان أتباع السلطة بالنظر للأحداث وكأنها إفتعال مشاهد من 2011 في بداية الأزمة والآن أختفت .! تلك هي الحقيقة ولمن لم يعيها فليصم أذناه بيديه أو فليصمت .. والمشكلة تكمن أن عقول البعض في أكفهم .! فمتى تفهم أن المطالبة بالحقوق واجب ومحتم لا منحة أو مكرمة ..!!