في المجتمع البحريني ميزة اجتماعية رائعة توارثها الأبناء من الآباء والأجداد، نجدها تزين ليالي شهر رمضان المبارك بأبهى حلة اجتماعية في كل عام ، حيث نجد الكثير من البيوت البحرينية الثرية والفقيرة، من مختلف الطوائف الإسلامية والمستويات الاجتماعية، تفتح أبواب مجالسها الرمضانية، لتستقبل الأهالي والضيوف من مختلف مناطق البلاد.
وتجد سمات الكرم والطيبة والمودة والوئام واضحة بين أصحاب المجالس ومرتاديها، ونجد أن كل الأزمات السياسية التي مرت على البحرين على مر التاريخ لم تؤثر على زخمها وقوتها وتواجدها البارز في المجتمع.
هذه الميزة الاجتماعية الطيبة تمتد إلى قرون من الزمان، ولا نبالغ إذا ما قلنا بأننا لم نجد مثلها بنفس المستوى والزخم والقوة في أي مجتمع آخر، عربياً كان أو إسلامياً. والجميل أن مجتمعنا الطيب الودود مازال محافظاً عليها وعلى ترسيخها في نفوس الأجيال، ومازالت الأسر والعوائل البحرينية الكريمة تحرص على بقائها رغم كل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ورغم انتشار مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
واللافت في المجالس الرمضانية البحرينية أنها تواكب الأحداث السياسية أولاً بأول، وتفتح في الكثير منها نقاشات مفيدة في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا العام القضية السياسية البارزة التي تطرح بصورة موسعة في الكثير من المجالس الرمضانية، الانتخابات النيابية والبلدية المرتقبة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، أي بعد أربعة أشهر تقريباً من الآن.
ونجد أن الحديث عنها في العديد من المجالس فيه تباين واضح وجلي في الآراء، ولكن تجد في نفس الوقت أن هناك شبه إجماع بين مختلف المجالس المنتشرة في جميع المحافظات الخمس على ضعف أداء المجالس النيابية في الفصول التشريعية الثلاثة الماضية (مجالس 2002 و2006 و2010)، وضعف أقل في أداء المجالس البلدية الفائتة، وتجد اختلافاً في تشخيص أسباب ضعف الأداء في المجلسين (النيابي والبلدي)، البعض يقول أن الآليات المتبعة فيهما ونقص صلاحياتها وعدم المساواة في توزيع الدوائر الانتخابية هي الأسباب الرئيسية في عدم فاعليتهما.
وهناك فئة أخرى تقول أن النواب هم السبب الأساس في ضعف الأداء، حيث أنهم يعملون لمصالحهم الخاصة ولم يعملوا لتحقيق مصالح الوطن والمواطن، ولهذا ليس بمستغرب إذا ما وجدنا الغالبية العظمى في دوائر نواب المجلس المنتهي فصله الثالث التشريعي يقولون بعدم ترشيحهم مرة أخرى لأي منهم، لأنهم أثبتوا جميعهم بلا استثناء أنهم غير قادرين على حمل الأمانة التي حملها الشعب لهم.
وقد تسمع قولاً يتكرر في تلك المجالس الرمضانية الاجتماعية، أن النواب عملوا لمصالحهم الخاصة ولم يعملوا لمصلحة الوطن والمواطن، وأنهم أثبتوا لناخبيهم خلاف ما كانوا يعتقدون فيهم بنسبة قد تصل عند الكثيرين منهم إلى مئة في المئة.
وأما في المجالس الموجودة في المدن والقرى المحسوبة من جمهور المعارضة، نجد فيها حوارات ونقاشات سياسية واسعة يشارك فيها مختلف الفئات العمرية، تدور حول انتخابات 2014 النيابية والبلدية، ويثار فيها أسئلة واقعية كثيرة عن سلبيات وإيجابيات المشاركة فيها أو مقاطعتها، وفي بعض النقاشات يستعرض فيها السيناريوهات السياسية المحتملة التي قد تحدث في الشهور الثلاثة القادمة كما يتصورون. وتجد المشاركين في الحوارات ينقسمون إلى فئتين: متفائلة ومتشائمة، وكل فئة لها مبرراتها الموضوعية المستمدة إلى الواقع.
فالمتفائلون يتوقعون حدوث تغييرات إيجابية واسعة في الملف الحقوقي، على سبيل المثال يصدر عفو عام لجميع المسجونين (محكومين وموقوفين)، وفتح حوار جاد بين الحكم وقوى المعارضة الوطنية لمناقشة جميع الملفات السياسية التي تسببت بحدوث الأزمة السياسية في 14 فبراير/ شباط 2011، وإيجاد حلول سياسية وحقوقية ناجعة تحقق للبلاد الاستقرار السياسي والاقتصادي والحقوقي والأمني على المدى البعيد.
أما الفئة المتشائمة فلا تتوقع حدوث أية تغييرات سياسية وحقوقية جوهرية في المرحلة القادمة، وتقول إنها لا ترى أية مؤشرات واضحة تدل على حدوث تغييرات سياسية في المستقبل القريب، والمشتركات بين الفئتين أنهما تجمعان على عدم إمكانية الانتقال إلى مرحلة سياسية أكثر استقراراً من غير أن تحدث تغييرات سياسية جذرية تؤدي إلى تحقيق المطالب المشروعة.
لاشك أن الآراء التي تسمع في المجالس الرمضانية في المحافظات الخمس ليست جميعها متباينة في كل القضايا المطروحة، في الآراء المتعلقة بالخدمات الإسكانية والصحية والبلدية والكهرباء والماء والمتعلقة بالأوضاع المعيشية وزيادة دخل الأسرة الشهري، فنجد جميع الفئات تتفق على ضعفها وضرورة تحسينها. وأما ما يختلفون فيه في المجالس فهو بعض القضايا السياسية التي عمل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي بكل إمكانياته المتاحة، لإعطاء فكرة غير واقعية عنها للرأي العام المحلي والخارجي. فلو حاولنا معرفة رأي المعارضة في الانتخابات القادمة، سنجدها من حيث المبدأ أنها تنظر إلى الانتخابات بأنها حق أصيل للشعب، ولكنها تطالب بأن يسبقها توافق سياسي على كل الملفات السياسية العالقة، ويعقبه مباشرة تغييرات سياسية وحقوقية على الأرض تكون ملموسة وواضحة للناس. ولاشك أن الأيام القادمة كفيلة بتبيان الحقيقة، إن كانت تتطابق مع سيناريوهات الفئة المتشائمة أم مع سيناريوهات الفئة المتفائلة.
الجميع في البلاد يدعون في شهر الله الأعظم بقلوب مؤمنة لحل الأزمة السياسية عاجلاً، وأن تكون الأيام المقبلة أفضل بكثير من ماضيها في جميع المجالات، وأن يحفظ وطننا وأهله من كل سوء.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4325 - الخميس 10 يوليو 2014م الموافق 12 رمضان 1435هـ
راي
استاذ كيف يطلبون توافق سياسي قبل دخول في البرلمان فاذا ما فائدتة اي المجلس ؟ الذي نعرفة ان الشعب ينتزع مطالبة بممثلين عنة في البرلمانات وبطرق سلمية دستورية قانونية ليس كما حاصل عندنا بالتخريب و طلب تدخل الاجنبي في شوننا