أكثر ما شدني في تألق المنتخب الجزائري في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل كان الجزائر نفسها كشعب وحضارة وتاريخ ومواقف سجلت لهذا البلد العربي الذي أعدنا اكتشافه مجددا عن طريق هذا المنتخب الذهبي.

الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، والجزائر كأحد أعمدة العالم العربي والاسلامي والجزائر كريادة في غرب افريقيا وشمالها والجزائر كأكبر مساحة جغرافية في افريقيا والعالم العربي، والجزائر كبلد يسير نحو الاستقرار والتنمية والتقدم بعد سنوات من الدماء، ويفعل كل ذلك وسط موج متلاطم من المشاكل في محيطه.

استقرار هذا البلد لا شك في أنه انعكس ايجابيا على الرياضة فيه، كون الرياضة لا تزدهر إلا في ظل الاستقرار وهي تعبير صادق عن تقدم البلد ورقيه فهي بطبيعتها تمثل وجهة كمالية أكثر منها احتياجا حياتيا.

تقدم واستقرار الجزائر قابله تراجع الرياضة التونسية والمصرية وحتى المغربية في ظل حالة عدم الاستقرار في بعض هذه البلدان، وتقدم الجزائر جاء ليضيء على واقع بلد عربي بات يقدم مثالا مختلفا لما نشاهده حولنا.

الجزائر التي كانت ومازالت دوما داعية ورائدة في السلام، والتي كانت ومازالت تسير بسياسة هادئة بعيدا عن التطرف وبعيدا عن اختلاق المشاكل، كانت هي كذلك البلد العربي الوحيد في مونديالي 2010 و2014 لتنجح في مشاركتها الرابعة في بلوغ الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخها.

ما حققه المنتخب الجزائري من إنجاز يدعو للفخر والاعتزاز ليس في قيمته فقط وإنما في كيفيته، كونه جاء وسط أداء مبهر والتفاف جماهيري كبير ودعم عربي غير مسبوق.

التأهل لم يكن وليد صدفة وإنما كان مستحقا بأداء هجومي هو الأروع لمنتخب عربي في كأس العالم منذ تأسيسه إذ لم يسبق أن شاهدنا مثل هذا الأداء الهجومي وهذا المعدل من التسجيل لأي منتخب عربي في بطولات العالم.

أثبت الجزائريون بأدائهم واصرارهم وعزيمتهم ومهارات لاعبيهم قبل نتائجهم أن العرب قادرون بل أنهم لا يقلون شأنا عن عمالقة العالم، وقبل كل ذلك أثبت الجزائريون للعرب أنفسهم قيمتهم ومكانتهم ومدى تقدمهم لنعيد سويا اكتشاف الجزائر.