العدد 4320 - السبت 05 يوليو 2014م الموافق 07 رمضان 1435هـ

ندوة «التنمية السياسية»: اختلاف الناس ليس دافعاً للعداء والتكفير

ندوة معهد التنمية السياسية بعنوان «أهمية الخطاب الديني في نشر ثقافة السلم الأهلي» - تصوير : أحمد آل حيدر
ندوة معهد التنمية السياسية بعنوان «أهمية الخطاب الديني في نشر ثقافة السلم الأهلي» - تصوير : أحمد آل حيدر

نظم معهد البحرين للتنمية السياسية ندوةً الأسبوع الماضي عن «أهمية الخطاب الديني في نشر ثقافة السلم الأهلي»، قدم خلالها عميد كلية العلوم الإسلامية في جامعة الأزهر محيي الدين عفيفي ورقة عمل في الندوة، قال فيها: «لا شك أن اختلاف الناس ليس دافعاً للصراع والعداء والتكفير، والحكم عليهم بالإعدام المادي والمعنوي؛ لأن الاختلاف دلالة على التنوع والتعدد، وأن المخالفة في العقيدة أو المذهب أو الفكر أو الرأي لا تستلزم العداوة أو البغض للآخرين بل تتطلب المزيد من التفاهم والحوار والاستعداد للتواصل على رغم الاختلافات من خلال السماحة التي تجعل الناس متعايشين ومتواصلين مع إقرار كل منهم بحق الآخر في اختياراته وقناعاته».

ورأى أن السماحة التي قررها الإسلام، والتي يجب أن يتسم بها الخطاب الديني، لا تعني إلغاء رأي المخالف أو إقصاءه أو تكفيره، لكن تعني التعاون في المشتركات، وخلق نوع من التفاهم من خلال احترام الآراء والإقرار بحق كل إنسان في التعبير عن رأيه، شريطة عدم الإضرار أو إيذاء الآخرين، ونبذ ثقافة العنف والتشدد والتكفير.

وقال: «إن السماحة المنشودة في الخطاب الديني تعني القدرة على تحمل الرأي والرأي الآخر، والصبر على أشياء لا يحبها الإنسان ولا يرغب فيها، بل يعدها أحياناً مناقضة لمنظومته الفكرية والأخلاقية».

وأضاف أن الحوار في معناه الصحيح ليس هدفه مجرد فك الاشتباك بين الآراء المختلفة، وإنما هدفه الأكبر إثراء الفكر وترسيخ قيمة التسامح بين الناس، وتمهيد الطريق للتعاون المثمر فيما يعود على جميع الأطراف بالخير.

وتطرق إلى النظرة الإسلامية للاختلاف، وبيّن أن الاختلاف مع كونه ضرورة فهو رحمة بالأمة، والاختلاف في الآراء والأحكام يكاد يكون ظاهرة طبيعية في كل تشريع يتخذ من أعمال الناس وعاداتهم مصدراً له، فيما انتقد من يجنح إلى التشدد والغلو وإنكار المخالفين لهم في الرأي، وتجاوز ذلك إلى تجريحهم والإساءة لهم وتكفيرهم.

وتناول في ورقته النظرة المنصفة للاختلاف، إذ قال: «إن هذه المرحلة الراهنة التي يجتازها العالم الإسلامي تتطلب تعبئة الطاقات، وحشد الجهود لتعميق الوحدة الثقافية بين شعوب الأمة الإسلامية من خلال تعزيز الانتماء للأمة، وتجديد الالتزام بالدين الحنيف، إننا بحاجة إلى السعي الجماعي إلى الاتفاق على ما لا يجوز الخلاف فيه، وإلى أن يصل المسلمون في مختلف طوائفهم إلى لون واضح من ألوان التعاون القائم على المحبة، وعلى ترك العصبية، والترفع عن التنابز بالألقاب، والبُعد عن سوء الظن».

وختم حديثه بالإشارة إلى أن مهمة الخطاب الديني اليوم هي العمل على نشر ثقافة السلم الأهلي والتركيز على المشتركات، والعمل على ترسيخ الوسطية، ونبذ التعصب والتطرف والتشدد والغلو، ومراعاة واقع الناس والعمل على تحقيق مقاصد الشريعة، والتيسير على الناس مراعاةً للطاقة الإنسانية.

من جانبه، تحدث السيد حسن علي الأمين (لبنان)، متناولاً في ورقته أهمية الخطاب الديني في نشر ثقافة السلم الأهلي.

وتطرق إلى كيفية إخراج خطاب الاعتدال الديني من الحالة الفردية إلى الحالة المؤسساتية التي تجعل منه مرجعية عامة في ثقافة السلم الأهلي المؤثرة في سلوك الأفراد والجماعات.

ورأى أن ذلك يبتدئ من المدرسة والكتاب، وهذا ما يتطلب تنظيماً للتعليم الديني وتعديلاً لمناهجه وإيجاد المعاهد المشتركة للدراسات الدينية، وغيرها من المقترحات التي سبق أن قدمها في هذا السياق في مؤتمر الحضارات في خدمة الإنسانية، الذي عُقد قبل شهرين في البحرين.

وأشار في كلمته إلى أن مسئولية الولاة وأهل العلم والقلم، لافتاً إلى ضرورة التعاون بين ولاة الأمر وأهل العلم والقلم على نشر خطاب الاعتدال، الذي يجمع ولا يفرق، ويصلح ولا يفسد.

وقال إن الباحث يجد في بدايات تكوين المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة الاهتمام الجلي والواضح بعنصر سلامة العلاقات الداخلية بين أفراد المجتمع، لافتاً إلى أن تلك العناية قد برزت بإصلاح ذات البين من خلال جملة من التشريعات ذات الأبعاد الجامعة بين مكونات المجتمع المتعددة والمؤلفة بين قلوبها وبها تحققت نعمة الله على تلك الجماعات المتفرقة المتناحرة والمتصارعة، فجمعتهم بعد الاختلاف، وأصبحوا أهل مودة وائتلاف.

وأضاف أن عقد المؤاخاة، الذي قام به الرسول (ص) في المدينة المنورة بين قبائل الأوس والخزرج والمهاجرين والأنصار جاء ليجعل الأخوة أساساً لقيامة المجتمع الجديد، وعنواناً من عناوين دعوته الرائدة، التي اعتمدت على السلم قاعدة من قواعدها وبنداً من بنودها.

ورأى أن عقد الأخوة شكل أهم الوسائل وأفضل الطرق المؤدية إلى فض الخلافات والنزاعات والمحققة للسلم بين الأفراد والجماعات، فيما لفت إلى أن الشريعة حذرت من كل ما يؤدي إلى إضعاف وحدة الأمة والمجتمع في فعل أو قول كالنزاعات والشائعات، وبيّن أنه وتعزيزاً لسلامة العلاقات الداخلية، تعددت الروايات والأحاديث في الدلالة على ترسيم نهج أخلاقي من خلال منظومة القيم والمبادئ التي تبعد الاختلاف عن دائرة الخلاف والنزاع وتهيئ المناخ لسلامة المجتمع الداخلية.

العدد 4320 - السبت 05 يوليو 2014م الموافق 07 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً