شكلت الدورة 26 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في جنيف محطةً أخرى في النضال الحقوقي في البحرين ومنظماتها وشخصياتها الحقوقية المستقلة في ظل أزمة سياسية مستحكمة، أفرزت أزمة «حقوق إنسان» ما انفكت تتدهور، ويترتب عليها المزيد من الضحايا والمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.
وسبق انعقاد هذه الدورة خلال الفترة ما بين 7 و28 يونيو/ حزيران 2014، مهمة لوفد المفوضية السامية لحقوق الإنسان، مكلفة من قبل المفوض السامي نافي بيلاي، ومكوّنة من فرج فنيش وجورجيا بريوني ومازن شقورة، لمسح الأوضاع الحقوقية في البلاد، في إطار تقييم المفوضية للبيئة والشروط التي يتم التفاوض عليها لإقامة مكتب للمفوضية يختص بالتدريب والتأهيل، إلى جانب مهمات أخرى.
والملاحظ أن الوفد الأممي سعى، إضافةً إلى الاجتماعات واللقاءات والزيارات لمختلف الأطراف، إلى تنظيم سلسلة من الاجتماعات التي تجمع الأطراف البحرينية المعنية بالحقوق، من المسئولين الرسميين والمنظمات الحقوقية والخبراء والشخصيات البحرينية العربية والدولية.
وقد لوحظ أن ممثلي الطرف الرسمي إما حضروا والتزموا الصمت المطلق، أو لم يحضروا نهائياً، وكذلك هناك أطراف محسوبة على الحكومة، ما أحبط هدفاً مهماً للاجتماعات، وهو الحوار الصريح. لكنه كان أمراً متوقعاً في ضوء مهمة الوفد الأممي، أن تكون المشاركة في جنيف أكثر إيجابية، أي أن يسبقها حوار رسمي – أهلي، لكن ذلك لم يحصل رغم إحالة ملف حقوق الإنسان إلى وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بدلاً من وزير حقوق الإنسان صلاح علي، في مؤشرٍ مأمولٍ لإيجابية متوقعة.
استعد الوفد الأهلي جيداً للدورة، سواءً بإعداد الملفات أو حجز قاعات الاجتماعات الموازية، أو حجز الكلمات الشفوية، وتقديم المداخلات المكتوبة وتشكيل وفد متكامل من داخل البحرين وخارجها، مع التنسيق فيما بين أعضائه منظماتٍ وأفراداً.
جاء البيان المشترك للدول الـ47، والذي قرأه سفير الدنمارك في جنيف ستيفن شميدت، واضحاً وجلياً في رفض المجتمع الدولي للسياسة التي تتبعها حكومة البحرين، من قمع ومصادرة للحريات، والدعوة إلى حوار جاد يخرج البلاد من أزمتها، وإجراء معالجة جذرية لأوضاع حقوق الإنسان.
ثم جاءت كلمة الاتحاد الأوروبي التي قرأها السفير اليوناني جورجيوس كاكليكس لتؤكد هذا السياق. فما هو رد فعل حكومة البحرين؟
الحكومة ممثلة برئيس وفدها في جنيف عبدالكريم بوجيري، ردّت بسلبيةٍ على البيان الأممي، وبدلاً من التعاطي مع قلق المجتمع الدولي، اتهمت البيان بمجافاة الواقع. وكان ذلك مؤشراً لحملة شعواء من مختلف المسئولين والبرلمانيين والمروّجين، ضد المجتمع الدولي، والدول الموقعة على البيان، وهي كلها تقريباً صديقة للبحرين بل وبعضها حليف للبحرين.
وكان واضحاً أن حكومة البحرين لا تعير اهتماماً لمعالجة الأزمة، وتراهن على الوقت أو غير ذلك، وبالتالي غير معنية بالمجتمع الدولي، وتراهن على تحالفاتها الخليجية، واستنفارها الداخلي.
حسناً فعل وزير الخارجية بعدم إرسال المروّجين إلى جنيف، وبذلك وفّر المال العام. كما وفّر المزيد من الإحراج لحكومة البحرين. لكن الحملة ضد الوفد الحقوقي الأهلي لم تتوقف قبل وخلال وبعد انتهاء الدورة وبالأسماء، ويبدو أن هؤلاء لا يدركون أنهم يضرّون الحكومة التي يدافعون عنها، لأن هؤلاء المستهدَفين حقوقيون يمارسون مهماتهم ضمن تفويض الأمم المتحدة والتزامات حكومة البحرين نفسها، وأن استهدافهم يُسجّل ضد حكومة البحرين، ويفقدها المصداقية.
الوفد الحقوقي الأهلي أنجز جميع مهماته بنجاح، بحيث كانت قضية شعب البحرين وحقوقه حاضرةً بقوة، وحظيت بدعم المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان والدول الديمقراطية والمنظمات الحقوقية الدولية، ونالت تغطية إعلامية جيدة فيما كان حضور ندوات الوفد كثيفاً ونوعياً.
حظي الوفد الأهلي بمقابلة المفوض السامي نافي بيلاي، والتي ناصرت شعب البحرين وشعوب العالم والتي ستترك منصبها نهاية أغسطس/ آب المقبل، وسوف يفتقدها الحقوقيون وشعوب العالم المضطهدة، ونأمل أن يكون خلفها الأمير زيد بن رعد الهاشمي الأردني، أميناً على حقوق الإنسان، والخط الذي رسمته نافي بيلاي.
الوفد التقى أيضاً بعض المقرّرين الخاصين ومساعديهم، ومسئولين في المجلس والمفوضية وسفراء الدول أو من يمثلهم، وأقام أربع اجتماعات موازية لم تقتصر على قضايا حقوق الإنسان في البحرين بل شملت العمالة المهاجرة في الخليج أيضاً، كما شارك في اجتماعات مختصة بقضايا شعوب أخرى مثل سورية واليمن، وقضايا مثل التسامح الديني، ودور المجتمع المدني في المنظومة الحقوقية الدولية، ما يؤكد أن رؤية الحقوقيين البحرينيين ليست ضيقةً ومنحصرةً في البحرين، بل هي رؤية إنسانية.
ومما هو جديرٌ بالذكر، أن أهم المنظمات الحقوقية الدولية مثل منظمة مراقبة حقوق الإنسان (HRW) والعفو الدولية (Amnesty) والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) ورابطة مناهضة التعذيب (APT) و»لا سلام بلا عدالة» No peace without justic والشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية والراصد الاجتماعي (SW)، قد ساهمت بمتحدثين في هذه الندوات الموازية، حيث وزعت المطبوعات والأقراص المدمجة التوثيقية. وإلى جانب أوراق العمل فقد عرض فيلمان وثائقيان هما: «رهائن خلف القضبان» و»البحرين تحت الحصار».
الفعالية الحكومية الوحيدة كانت بتنظيم من قبل وزارة التربية والتعليم وبعثة البحرين الرسمية، بعنوان «المدارس ضحية التخريب»، وكانت فضيحةً بالفعل، حيث وُزّع كتاب بثلاث لغات (العربية والإنجليزية والفرنسية) بالألوان والصور يجرّم طلبة البحرين بالتخريب، ويتهم المدرسين البحرينيين بالتحريضّ! ما أثار استياء واسعاً ورُفعت شكوى بشأنها إلى رئاسة مجلس حقوق الإنسان، باعتبار أن الندوة حثّت على الكراهية وازدراء مكوّن وطني ومعارضة وطنية.
حضور الحقوقي البارز نبيل رجب، الذي خرج لتوه من السجن، أضفى على الدورة بهجة، وعلى الوفد الحقوقي البحريني حيوية وإضافة نوعية، من خلال مشاركاته النشطة كمتحدّث في الندوات، ولقاءاته مع كبار المسئولين الأمميين، وعلى رأسهم المفوض السامي نافي بيلاي، ولقاءاته الصحافية، وقد لقي ترحيباً حاراً من المجتمع الحقوقي الدولي.
وجدير بالذكر أن مرصد البحرين لحقوق الإنسان كرّم كلاً من السيدة نافي بيلاي والمناضل الحقوقي نبيل رجب، بإعطائهما درع المرصد مترافقاً مع كلمات ضافية بالإشادة بهما وبنضالهما.
إن بروز قضية حقوق الإنسان بهذه القوّة في جنيف، أثار المروّجين، ما جعلهم ينفلتون مرةً أخرى في حملة تخوين وسباب ضد الحقوقيين البحرينيين المستقلين المخلصين لوطنهم وشعبهم، وهؤلاء المروّجون لا يستحقون الرد، فالرأي العام يعرف معدن هؤلاء الحقوقيين وتاريخهم ومصداقيتهم.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4319 - الجمعة 04 يوليو 2014م الموافق 06 رمضان 1435هـ
بوركتم ايها الشرفاء
بوركتم فنضال الشعوب عملية صعبة و مرهقة تحتاج إلى كل شرفاء الأمة بل و العالم، هي عملية نضالية شاملة تسجل في تاريخ الامم، الأخ العكري مع اخوانه رموز العمل الحقوقي في البحرين بل وفي العالم، اللهم بارك في هذه الطاقات النضالية المؤمنة بقضايا الشعوب وفرج اللهم عن شعب البحرين لنيل حقوقه المهدورة يارب العالمين،
بارك الله فيكم
بارك الله فيكم
مقال جميل
الوفد الحقوقي الأهلي أنجز جميع مهماته بنجاح، بحيث كانت قضية شعب
البحرين وحقوقه حاضرةً بقوة، وحظيت بدعم المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان والدول الديمقراطية والمنظمات الحقوقية الدولية، ونالت تغطية إعلامية جيدة فيما كان حضور ندوات الوفد كثيفاً ونوعياً
عبير
المروجون أم المرجفون في المدينة !؟
كما نعرف معدنهم ايضا
كوا نعرف معدنهم ايضا وبالتالى لا مجال للتقدم فى هذا المجال الا اذا اقرت ................باخطائها وهذا لن يتم بدون ضغط شعبي