العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ

الإنارة الكفوءة في المنطقة العربية

إبراهيم عبدالجليل

أستاذ كرسي الشيخ زايد للطاقة والبيئة في جامعة الخليج العربي في البحرين

تكنولوجيات الإنارة الكفوءة بالطاقة هي مجدية اقتصادياً وتجارياً ومتوافرة تقنياً، لكنها لم تتمكن من اختراق السوق بسبب عقبات عدة.

وقد اتخذ عدد متزايد من البلدان في المنطقة العربية إجراءات للتحول إلى نظم إنارة أكثر كفاءة. ويعتبر استبدال المصابيح المتوهّجة (incandescent) في القطاع السكني أحد أكثر السبل وضوحاً وسهولة لتحقيق كفاءة الطاقة في المنطقة.

يمكن أن يحدث التحوّل إلى إنارة كفوءة بكلفة منخفضة جداً وبالتقنيات المتوافرة، وأن يقدم نتائج فورية. وقد وضعت مبادرة en.lighten من برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومرفق البيئة العالمي تقديرات لمئة وثلاثين بلداً بهدف احتساب توفيرات الكهرباء وتخفيضات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والفوائد الاقتصادية المحتملة التي يمكن تحقيقها من استبعاد الإنارة غير الكفوءة واستبدالها بمصابيح فلورسنت مدمجة (CFLs).

من بين البلدان المئة والثلاثين التي تمت دراستها، كان ثمانية عشر بلداً من المنطقة العربية. وسيوفر استبعاد الإنارة غير الكفوءة في المنطقة نحو 37,8 تيراواط ساعة من الكهرباء، ويشطب 24,8 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون.

تستهلك الإنارة نحو 34 في المئة من إجمالي استهلاك الكهرباء في المنطقة العربية. وتختلف توفيرات الطاقة وتخفيضات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بين بلدان مختلفة استناداً إلى نمط الطلب على الطاقة، ومزيج الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء، وكفاءة الطاقة.

وتشكل الإنارة أعلى نسبة من استهلاك الكهرباء في الجزائر 41,3 في المئة والسودان 35,5 في المئة، بينما السعودية ومصر هما أكبر مستهلكي الكهرباء ولديهما بالتالي أعلى إمكانات التوفير.

أطلقت بعض البلدان العربية مبادرات للتحوّل إلى إنارة كفوءة. هذه البرامج الوطنية هي حالياً في مراحل مختلفة من التطوير. وقد صاغت البلدان سياسات وتدابير مختلفة لدعم هذا التحوّل، وكانت المقاربة المفضلة في معظم الحالات تقديم حوافز مالية لتخفيض الكلفة الأولية لمصابيح الفلورسنت المدمجة.

وزعت خمسة بلدان، هي مصر ولبنان والمغرب وتونس والإمارات، ما مجموعه نحو 30 مليون مصباح. إضافة إلى ذلك، أعلنت بعض البلدان، مثل مصر وتونس ولبنان، أنها ستحظر بيع جميع المصابيح المتوهجة بعد عدد محدد من السنوات. وشكل توزيع كميات كبيرة من مصابيح الفلورسنت المدمجة خطوة أولى إيجابية نحو تطوير سوق للإنارة الكفوءة. فهو يظهر فوائد هذه المصابيح، مثل الجدوى الاقتصادية والجودة والكفاءة، كما يساهم في توعية الناس حول توافر هذه التقنية، وتخطي حاجز ارتفاع الكلفة الأولية لمصابيح الفلورسنت المدمجة، وزيادة الطلب عليها لتشجيع المورّدين على دخول السوق، والمساعدة في تخفيض العبء عن نظم الطاقة بشكل سريع ومؤثر.

لكن برامج التوزيع بكميات كبيرة ليست كافية لضمان تحوّل مستدام إلى إنارة كفوءة. يجب تنفيذ هذه البرامج ضمن إطار سياسة متكاملة أوسع. وتتضمن العناصر الرئيسية لهذه المقاربة المتكاملة: تطوير معايير الحد الأدنى للأداء الطاقوي (Performance Standards - MEPS Minimum Energy)، ودعم سياسات للحد من الإنارة غير الكفوءة وترويج الطلب على منتجات تتناسب مع هذه المعايير، وآليات مراقبة وتثبت وتنفيذ(Monitoring, Verification and Enforcement - MVE) وإدارة نفايات مصابيح الفلورسنت المدمجة بشكل سليم بيئياً عند نهاية حياتها.

تظهر الدراسات أوجه شبه لافتة على صعيد السياسات المنفذة للتحوّل إلى إنارة كفوءة في المنطقة. فمعظم البلدان التي دُرست صاغت حزمة سياسات شاملة تتضمن إصلاح سعر الطاقة، وتقوية الإطار التشريعي والمؤسسي، وتوفير حوافز مالية، وتطوير معايير وخطط لوضع بطاقات بيانية على المصابيح، وزيادة الوعي العام.

علاوة على ذلك، تطلق جميع بلدان المنطقة تقريباً حملات توعية لترويج كفاءة الطاقة والإنارة الكفوءة، حتى لو لم يكن لديها حالياً أي برامج للتحول إلى مصابيح الفلورسنت المدمجة. في هذه الحالات، يجب قياس فاعلية هذه الحملات في تغيير آراء المستهلكين وعاداتهم الشرائية.

وفي حين وضع كثير من بلدان المنطقة، مثل المغرب والأردن ومصر وتونس، استراتيجيات متكاملة لكفاءة الطاقة وأهدافاً أو تشريعات في أطر سياساتها الطاقوية الوطنية، لم تتخذ خطوات كهذه في بلدان أخرى مثل بلدان مجلس التعاون الخليجي، حيث أعاق الدعم الكبير لأسعار الطاقة ووفرة الوقود الأحفوري الاستثمار في كفاءة الطاقة، بما فيها الإنارة الكفوءة.

إقرأ أيضا لـ "إبراهيم عبدالجليل"

العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً