العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ

الناصر: الهدف الرئيسي من التغذية السليمة هو الحصول على الطاقة اللازمة للقيام بالأعمال اليومية

دعا إلى الاعتناء بالصحة الروحية والجسدية

السلمانية - محمد باقر أوال 

03 يوليو 2014

قال رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع في جامعة الخليج العربي فيصل عبداللطيف الناصر، عن المحافظة على صحة الصائم في شهر رمضان، يجب الاعتناء بالصحة، سواء كانت الروحية أو الجسدية أو المعنوية، لذا فإنه من الضروري خلال هذا الشهر المحافظة على صحتنا والاهتمام بغذائنا. إن العناية بالغذاء لا تعني أبداً الاهتمام بكمية الطعام وزيادة حجم الموائد الرمضانية فقط، بل هو يتعدى ذلك، ويشمل الاهتمام بالنوعية والاستخدام الأمثل.

واضاف: «قد يتبع البعض عادات غذائية غير سليمة خلال هذا الشهر والتي تؤثر تأثيراً مباشراً على صحة وسلامة الجسم. لذلك يجب اتباع بعض الأمور الغذائية السليمة التي لو اتبعت ونفذت لكان لها الإفادة المثلى للصائم في هذا الشهر الفضيل. وفي البداية سوف نتطرق إلى أساسيات مهمة مرتبطة بالغذاء».

أنواع الغذاء واحتياج الإنسان

أما بشأن احتياج الإنسان إلى غذاء لنموِّه وللمحافظة على حيوية خلايا جسمه وللطاقة اللازمة، قال الناصر «الاعتماد سواء للأعمال اليومية أو وظائف الاحتراق الداخلي، على الغذاء الذي يشمل البروتينيات والنشويات والدهون والخضراوات والفواكه والسوائل، وتعتمد كمية الغذاء المطلوبة يومياً على عوامل كثيرة الرئيسي منها عمر الإنسان وطوله ووزنه وجنسه. وأهم من ذلك كله نوعية النشاط الممارس يومياً».

موضحاً ان «الهدف الرئيسي من التغذية السليمة هو الحصول على الطاقة اللازمة للقيام بالأعمال اليومية والمحافظة على حيوية الخلايا وضمان بقاء عناصر الجسم الغذائية. وتقدر كمية الغذاء الذي يحتاجه الإنسان بكمية السعرات الحرارية التي يستهلكها يوميّاً، فكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها الإنسان يومياً تختلف من شخص إلى آخر، وبالتالي نجد أن الإنسان الدائم الحركة والذي يمارس مجهوداً عضليّاً يحتاج إلى 3000 سعرة حرارية في اليوم (2500 سعرة حرارية بالنسبة للمرأة). بينما لا يحتاج الشخص الذي لا يمارس أي نوع من أنواع الرياضة والذي لا يتطلب عمله القيام بمجهود عضلي أكثر من 2500 سعرة حرارية في اليوم (2200 بالنسبة للمرأة)».

نسبة السعرات الحرارية في الأغذية

وذكر الناصر ان «توفر جميع أنواع الأغذية سعرات حرارية تساعد الإنسان على القيام بالنشاطات المختلفة يومياً، ولكن مقدار تلك السعرات تختلف من غذاء إلى آخر، فالأغذية الرئيسية التالية تبين كمية السعرات الحرارية التي توفرها، ومنها البروتينات: توفر نحو 4 سعرات حرارية لكل جرام، النشويات: توفر نحو 4 سعرات حرارية لكل جرام، الدهون: توفر نحو 9 سعرات حرارية لكل جرام».

واضاف «كما أن على الإنسان أخذ احتياجاته من الغذاء بصورة متوازية، فإن أي اضطراب في توازن كمية ونوعية الغذاء قد يؤدي إلى أمراض مختلفة، فنقص الغذاء يؤدي إلى نقص حيوية الجسم وفقر الدم، وزيادة الغذاء وعدم الاتزان قد يؤدي إلى مجموعة أمراض يطلق عليها بأمراض العصر (مثل داء السكري وضغط الدم وتصلب الشرايين والذي يتسبب في أمراض القلب)».

فوائد الصيام

اما بالنسبة لفوائد الصيام، فقال الناصر «إن شهر رمضان المبارك لهو شهر الخير والبركة، ولو لم تكن هناك فوائد جسمية وروحية للصيام لما فرض الله سبحانه وتعالى صيامه. فقد اكتشف الطب حديثاً ما كان معروفاً لدى المسلمين قديماً من أن المعدة هي بيت الداء. كما وجد أن الصيام يفيد في تجنب مضاعفات أمراض عديدة وخصوصاً أمراض العصر الآنفة الذكر. ولقد برهنت دراسات علمية عديدة منها ما أجري في البحرين، بأن الصيام المعتدل والمنظم يساعد على خفض نسبة السكر في مرضى داء السكري، كما يؤدي إلى تقليل نسبة ضغط الدم المرتفع».

واضاف «تتاح في هذا الشهر الفضيل فرصة فريدة للذين يرغبون في تغيير عادات وممارسات غير صحية قد اعتادوا عليها كالتدخين والإفراط في الأكل... إلخ، وبالتالي يتمكن الشخص من الابتعاد عن هذه العادات الضارة والمتسببة في أمراض غير حميدة. كما أن به فرصة لمحاربة السمنة وتخفيض الوزن. إن الصيام خلال هذا الشهر والالتزام بالغذاء الجيد يؤدي إلى خفض نسبة الإصابة باضطراب وآلام الجهاز الهضمي الذي عادة ما ينتج عن مشاكل في الهضم، وكذلك فهو يساعد على التقليل من الإصابة بأمراض قرحات المعدة والإثنى عشر، كذلك الصفاء الذهني والاطمئنان النفسي خلال هذا الشهر يساعد على خفض نسبة الإصابة بهذه الأمراض».

الغذاء المناسب في رمضان

وذكر «لقد كان الرسول (ص) يبدأ إفطاره بالتمر، (عدد ثلاث تمرات) أو شيء لم يصبه النار، فإن لم يجد فماء. وعن سلمان بن عامر عن النبي (ص): «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فماء فإنه طهور».

مضيفاً «إن لنا في قول رسول الله أسوة حسنة نقتدي بأفعاله وأقواله في جميع أعمالنا اليومية. فلقد كان الرسول (ص) في هذا الشهر المبارك يبكر في الإفطار (أي كسر الصيام بشيء من التمر) ويؤخر في السحور، بينما كان يعمد إلى تأخير وجبة الإفطار الرئيسية إلى ما بعد أداء الصلاة. ولو نظرنا إلى هذه العادة من منظار صحي نجد أنها ذات فائدة عظيمة لجسم الصائم. فالتمور إضافة إلى أنها بركة، فهي سريعة الهضم، لا ترهق المعدة وبها نسبة عالية من السكريات والعناصر الأخرى التي يحتاجها الجسم، فالسكريات الموجودة بالتمر لها خاصية مهمة، فهي سريعة الامتصاص وبالتالي تعطي جسم الصائم الطاقة اللازمة في أسرع وقت ممكن (خلال دقيقتين ونصف). كما أن بدء الإفطار بالتمر يساعد على زيادة إفرازات الأنزيمات الهاضمة للطعام للاستعداد للوجبة الرئيسية، وبالتالي تهيئة المعدة وإعدادها لتقبل وجبة الطعام وعدم إجهادها بكميات كبيرة من الطعام في فترة وجيزة».

ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه مهما عمل الإنسان فلن يستطيع الامتناع كلياً عن الطعام، مضيفاً «من يدعي عكس ذلك فهو خاطئ. فكم من شخص حاول حرمان نفسه من الطعام لفترة معينة، وذلك باتباع حمية غذائية صارمة تهدف إلى الفقدان السريع لوزن الجسم، نجد أنه يفشل في البقاء لفترة طويلة على هذا النمط الغير صحي وسرعان ما يعاود إلى تناول الغذاء بكمية أكبر وبشراهة. لذلك فنحن لن نستطيع الامتناع عن الطعام، ولكن بإمكاننا تقنين تغذيتنا والتعود على نمط غذائي صحي معين».

وقال «ففي شهر رمضان الكريم تتنوع الأطعمة المعدَّة، والتي توضع على مائدة الطعام وليس هناك أي مانع من ذلك، فهذا جزء من العادات والتقاليد المتبعة في الدول الإسلامية. ومع الاحتفاظ بهذه العادات، بالإمكان ممارسة طرق صحية وسليمة في التغذية وذلك باتباع الإرشادات العامة والخاصة بالطعام والأكل أثناء هذا الشهر الفضيل. وهناك مقولة تقول: «إن الصوم جوع للبطن وشبع للروح» ولكن ما نراه في الواقع هو عكس هذه المقولة. فالبعض يعتبر شهر الصيام هو شهر إعداد الموائد وتنويع الطعام والشراهة في الأكل».

وللاستفادة الصحية التامة من شهر الصيام يجب اتباع بعض النصائح ومنها ما يأتي، موضحاً الناصر بعض النقاط وهي:

- «تبكير الإفطار وتأخير الوجبة»، أي بمعنى أن يبكر الصائم إفطاره ويبدأ ببعض حبات من التمر أو الشوربة ومن ثم يذهب للصلاة والعبادة وبعدها يتناول وجبة الإفطار.

إن في التمور كمية كبيرة من الجلوكوز التي يحتاج لها الإنسان وهذا الجلوكوز هو سكر سريع الامتصاص يعطي الجسم طاقة من غير إرهاق المعدة، ولكن الخطأ يكمن هنا بأن يضع الشخص أمامه طبق التمر، وأن يستمر في تناوله خلال وجبة الإفطار، إضافة إلى الأغذية الأخرى المتوافرة على المائدة. وللعلم فإن التمر يعطي طاقة كبيرة؛ لأن به نسبة عالية من السعرات الحرارية تصل إلى 500 سعرة حرارية لكل كوب واحد منه. وهذا بالطبع يضيف إلى السعرات الحرارية التي يحصل عليها الشخص من المأكولات الأخرى. لذلك يجب الانتباه لكمية التمور التي يتناولها الإنسان خلال وجبة الإفطار، ومن المستحب أن لا يوضع التمر على المائدة، ولكن يستخدم لكسر الصيام فقط.

- عدم الإفراط في الطعام، بل تناول كمية معتدلة منه، لأن زيادة الطعام تؤدي إلى التخمة وعسر الهضم، ومن ثم الخمول الشامل الذي يصحبه آلام بالمعدة. ويجب الاقتداء هنا بقول النبي (ص) «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع». كما ينصحنا الرسول الكريم بأن يجعل المرء عند الأكل ثلث حجم المعدة للطعام والثلث الآخر للشراب والثلث الأخير للتنفس.

- يجب تجنب الإصابة بالتخمة وما يترتب عليها من مشاكل في الهضم، باتباع أسلوب بسيط وسهل عند تناول الطعام، يعتمد على تحديد كمية الطعام، وعليه يقوم كل شخص بتناول الطعام من خلال طبقه الخاص (أي غرف الطعام في ذلك الطبق) ومحاولة الابتعاد عن طريقة اشتراك جميع أفراد العائلة عند الأكل في طبق كبير مشترك، حيث لن يستطيع عندئذ أي منهم معرفة كمية الطعام المأكول.

- محاولة معرفة كل ما يؤكل من طعام، وذلك من حيث الكمية، والنوعية، أي نوعية الأغذية المتناولة.

- لابد من التنويه بأن البطء في تناول الطعام وعدم الإسراع فيه مفيد جداً للجسم، ولقد وجدت الدراسات أن مع الأكل البطيء تستطيع المعدة هضم الغذاء بصورة جيدة، وهذه العملية تحد تلقائياً من الإفراط في تناول الطعام، أي لن يتناول الإنسان أكثر من طاقته من الطعام. بينما مع الأكل السريع تفشل المعدة في إعطاء مؤشر الشبع، لذا فلن يشعر الشخص بالشبع إلا بعد فترة طويلة وبعد أن يكثر من الطعام الذي يؤدي إلى الإصابة بالتخمة وعسر في الهضم.

- السوائل مادة أساسية في السفرة الرمضائية والعادات تحتم تحضير أنواع متنوعة من السوائل التي تشمل العصائر الطازجة والمشروبات الأخرى ذات النكهات المختلفة، وكذلك المشروبات الغازية. فمع إدراكنا بأهمية السوائل لجسم الإنسان يجب التنبيه هنا إلى أنه من المستحسن تأجيل شرب السوائل إلى ما بعد الإفطار لكي لا تعمل هذه السوائل على تخفيف نسبة أحماض المعدة، ما يؤدي إلى سوء هضم الغذاء. كما أنه من المستحسن الاعتماد على السوائل المستخلصة من عصارة الفواكه الطازجة أو الماء وعدم الاعتماد على المعلبات المحفوظة أو السوائل المركبة (مثل الشربت) والتي تحتوي على نسبة عالية من السكر، علماً أن العصائر الطازجة لها فوائد عديدة منها إعطاء الجسم حاجته من السوائل، وكذلك تغذيته بالفيتامينات المهمة لحيوية الخلايا. والعصائر الطازجة بها سكر الفواكه الذي يوفر للجسم بعض السعرات الحرارية.

- الحذر من الإكثار من أكل المأكولات المشبعة بالدهون، وكذلك عدم استخدام الدهون الحيوانية في الطهي أو القلي، بل الاعتماد على الزيوت النباتية، لأننا وكما ذكرنا مسبقاً أن كل جرام من الزيت أو الدهن يعطي 9 سعرات حرارية. والفائدة المرجوة من استخدام الزيوت النباتية تكمن في عدم التعرض للإصابة بارتفاع نسبة الدهون في الجسم والذي يؤدي إلى أمراض متنوعة منها تصلب الشرايين.

- الإقلال من الأطعمة المقلية وخصوصاً تلك التي تستمر لفترات طويلة، وذلك لعدة أسباب منها أولاً: فقدان معظم المكونات الحية في الغذاء بسبب الحرارة العالية والاستمرار في القلي، وثانياً: بسبب العلاقة التي تربط بين ظهور بعض أنواع الأمراض وإطالة فترة القلي، وأخيراً: تشبع تلك الأطعمة بالزيوت والدهون مما يعطي سعرات حرارية عالية.

- الإقلال من الاعتماد على اللحوم الحمراء (كلحم البقر والخرفان وما شابه ذلك)، والاعتماد على اللحوم البيضاء (كالسمك والدجاج)، حيث أثبت علمياً أن اللحوم الحمراء تساعد في ارتفاع نسبة كولسترول الجسم والتي تتسبب في تصلب الشرايين بينما بعض اللحوم البيضاء ومنها السمك (وخصوصاً زيوت السمك) بها مكونات مفيدة للجسم تساعد على خفض نسبة الإصابة بتصلب الشرايين.

- عدم الإكثار من المواد السكرية، وخصوصاً السوائل المركزة المستخدمة في تحلية بعض أنواع الأطعمة (كالكسترد واللقيمات).

- يجب التنويه بأن للخضراوات فوائد قيمة، لذلك يجب الإكثار من استخدام الخضراوات في الأطعمة المتنوعة ويفضل أن تكون هذه الخضراوات طازجة أو مسلوقة لفترة بسيطة وذلك لكي لا تفقد قيمتها الغذائية، علماً أن العنصر الرئيسي في تكوين معظم الخضراوات هو الألياف، وهذه الألياف بالإضافة إلى قيمتها الغذائية تبينت أن لها خواص تساعد على مقاومة بعض الأمراض منها الإمساك وقرحة المعدة ومرض السكري.

- لا تخلو الموائد الرمضائية من الأطباق التي تحتوي على أنواع مختلفة من الحلويات مثل الكسترد، المهلبية، الساقو، الجلي، الكعك البقلاوة... إلخ. ومعظم هذه الحلويات تعطي كمية كبيرة جداً من السعرات الحرارية، فضلاً عن أن المكسرات التي تحشى بها بعض أنواع الحلويات أو توضع فوق سطحها تزود الجسم بسعرات حرارية عالية جداً (نحو 850 سعرة حرارية لكل كوب) زد على ذلك فإن السكر والشوكولاته والزبدة والدهون والبيض المستخدم في إعداد هذه الأطباق تضيف الكثير من السعرات الحرارية إلى الطبق. وقد لا نستطيع في هذه العجالة أن ننصح بالامتناع التام عن هذه المأكولات، ولكن يجب عدم الإكثار منها وأكل كمية بسيطة جداً. وبالإمكان الاعتماد على الفواكه الطازجة (ليست المعلبة) لإعداد أطباق الحلو مثل سلطة الفواكه، الخ، والسبب يكمن في أن الفواكه المعلبة بها سائل سكري مركز، يزود الجسم بكمية كبيرة من السعرات الحرارية، علاوة على مواد كيماوية أخرى قد تكون حافظة أو ملونة أو محلية لتلك الفاكهة المعلبة والتي لا يعرف مدى خلوها من الأضرار.

- بعد إتمام وجبة الإفطار يأتي دور الشاي والقهوة وطبعاً فإن الشاي والقهوة يعتبران من المشروبات التقليدية، وهنا ننصح بعدم الإكثار من السكر في الشاي. وللعلم فإن كل ملعقة سكر كبيرة تعطي نحو 50 سعرة حرارية، لذلك ننصح هنا بتقنين عد أكواب الشاي المشروبة في الليلة الواحدة. ففضلاً عن احتوائهما للسكر، فإن الشاي والقهوة يعتبران من المشروبات المنبهة التي تكثر بها المواد التي قد تؤثر على الأعصاب في حالة زيادة الكمية المشروبة منه.

بعض الإرشادات لما بعد الإفطار

وذكر رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع في جامعة الخليج العربي فيصل عبداللطيف الناصر في حديثه عن الإرشادات في شهر رمضان نجد فيما ذكرنا سابقاً أن كمية المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان في وجبة الإفطار خلال شهر رمضان قد تكون كبيرة جداً، ولهذا لابد من اتباع بعض الإرشادات الصحية، ومنها:

- بعد الإفطار وإلى حين موعد السحور يجب على الشخص الامتناع عن تناول أي شيء عدا السوائل، حيث إن أي طعام يؤكل يعتبر زائداً عن احتياج الجسم، وبالتالي يتحول إلى دهون شحمية تخزن في جسم الإنسان. وللعلم فإن وجبة الإفطار تحتاج إلى وقت يتراوح بين 3 و4 ساعات لكي تهضم تماماً، لذلك فإن كثرة الأكل بعد وجبة الإفطار لا تؤدي فقط إلى تحزين هذه المواد الغذائية في الجسم على هيئة شحوم وزيادة وزن الجسم فحسب، بل تؤدي كذلك إلى الإصابة بالتخمة واضطراب الهضم والإحساس بالخمول والكسل ومضاعفات مستقبلية أخرى غير حميدة.

- السحور: إن الرسول الكريم (ص) أوصانا كذلك بضرورة تناول وجبة السحور مع الحرص على تأخيرها إلى آخر الليل، فقد جاء عنه في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه «تسحروا آخر الليل»، وكان يسمى السحور بالغذاء المبارك، ويقول «تسحروا فإن في السحور بركة».

فالسحور عون للصيام وشد لأزر الصائم، وليست العبرة بكثرة الطعام في السحور، بل تحصيل الفضيلة والسنة ولو بأقل القليل. وقد يكون السحور عبارة عن عدد معين من التمرات وقد يكون جرعة من الماء.

وعلمياً نجد أن لهذه العادة نواحي صحية عديدة مهمة ومفيدة. وحيث إنه من الواجب على المسلم أن يكون قوي الجسم نشيط البدن، سواء كان ذلك أثناء الأيام العادية أو في شهر رمضان المبارك، فإن وجبة السحور تساعد على إمداد الجسم بالطاقة اللازمة التي تساعد الصائم على إنجاز أعماله بنشاط كامل وعدم الإحساس بالخمول نتيجة الجوع في أول النهار أو أوسطه. لذلك فإنه من المستحب ألا تحتوي وجبة السحور على أطعمة دسمة أو الأطعمة التي تكون بها نسبة عالية من السكريات أو الأملاح، لأن الأطعمة الدسمة تأخذ فترة طويلة في الهضم، وقد تسبب عدم الارتياح أثناء النهار، أما الأطعمة المركزة الحلاوة والمالحة فهي تؤدي إلى شدة الإحساس بالعطش أثناء الصيام.

ومن الأمور المهمة في الصيام هو اتزان الأكل من حيث النوعية والكمية، أي يجب عدم الإكثار من كمية الأكل اعتقاداً من الصائم أن هذا الطعام سوف يحميه من الإحساس بالجوع أثناء فترة الصيام. علماً أن الطعام لا يتم تخزينه في المعدة طوال فترة اليوم التالي، بل يهضم ويمتص من الأمعاء خلال فترة تتراوح بين 2 و3 ساعات. والجدير بالذكر هنا أن سبب الإحساس بالتعب أثناء فترة الصوم قد لا يكون ناتجاً عن الجوع ولكن قد يكون بسبب عدم أخذ الشخص القسط الكافي من النوم والراحة بسبب طول السهر وقلة النوم لدى البعض خلال شهر رمضان.

- إن الرياضة مهمة وتعتبر حيوية لجسم الإنسان، لذلك يجب ممارسة نوع معين من أنواع الرياضة خلال الليل حتى ولو كانت رياضة المشي وذلك لمساعدة الجسم على استرداد حيويته.

فعلى رغم كون هذا الشهر فرصة لتغيير بعض العادات الغير صحية وتخفيض الوزن، نجد على عكس ما هو متوقع أن البعض من الناس تزداد أوزانهم خلال رمضان وتكثر لديهم الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي، كما تكثر حالات عدم الاستقرار لدى مرض السكري وضغط الدم، ويزداد التردد على العيادات وقسم الطوارئ بسبب سوء التغذية. إن باتباع الإرشادات الصحية السابقة الذكر يتمكن الإنسان من الاستمتاع بالغذاء الصحي السليم ذي الكمية المعقولة، وأن يقي نفسه من شر أمراض كثيرة، وأن يجعل هذا الشهر شهر خير وبركة وتعبد بدلاً من أن يكون شهر تغذية وشراهة في الطعام.

وأخيراً أدعو الله أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا ويوفقنا لأداء الفرائض في هذا الشهر الفضيل وفي كل شهر، إنه السميع المجيب.

فيصل الناصر
فيصل الناصر

العدد 4318 - الخميس 03 يوليو 2014م الموافق 05 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً