كأنه عصر أفول الرواية البريطانية باحتلال القصة المشهد هناك. كأن القصة القصيرة هي المعبّرة عن هذا الزمن واللحظة أيضاً؛ بحسب تعبير نقاد ومعنيين بريطانيين. على الأقل الزمن واللحظة هناك. الجوائز العالمية في الداخل والخارج تحصدها القصة القصيرة. حتى الذين فازوا بالجوائز الكبرى خارج بريطانيا هم في الأساس كتّاب للقصة القصيرة بارعون. هذا الجدل في المقارنة بين الأفضل حضوراً في المشهد الإبداعي البريطاني تسبقه أسئلة جدلية في الوقت نفسه تتعلق بـ : هل هناك كتّاب بريطانيون أساساً؟ ذلك هو المختلف عن بيئاتنا. الفرادة في جانب لا تهمل التساؤل المستفز والمشروع من قبيل السؤال عن الوجود أساساً!
بمناسبة استفتاء أجرته "صنداي تايمز" لتلقي إجابات ومشاركات حول أهم قصة قصيرة في بريطانيا يتزامن مع انعقاد فعاليات مهرجان القصة القصيرة البريطانية في الفترة ما بين 20 و22 يونيو/حزيران 2014، نشرت "الغارديان" البريطانية يوم الثلثاء (10 يونيو 2014)، تناولاً لعدد من الأعمال والتوصيات والاستشهادات بأسماء كبيرة في هذا المضمار.
هل القصة القصيرة هي الشكل الأدبي للحظة؟ يعتقد أعضاء لجنة التحكيم بذلك. عندما تم التحكيم ضد الرواية فازت القصة القصيرة بجائزة "مان بوكر" الدولية، وجائزة نوبل، وجائزة فوليو مؤخراً، وجائزة "الإندبندنت" الخارجية لروايات الخيال.
وحين سألتْ أيه إس بيات، الأبَ الروحي للقصة القصيرة في الولايات المتحدة الأميركية جورج سوندرز الحائز جائزة فوليو في شهر مارس/آذار الماضي: هل البريطانيون كتّاب؟ عند تقييم برنامج لندن لمهرجان القصة القصيرة المقبل بدأ التفكير في كبار كتّاب القصة القصيرة الذين أنتجتهم بريطانيا، وأيها أفضل أعمالهم قد يكون.
وبسؤال مؤسِسة جائزة القصة القصيرة بصحيفة "صنداي تايمز"، ومديرة مصنع الكلمة، كاثي غالفين، فقالت، إن صالون القصة القصيرة يجمع القرّاء والكتّاب، واختيار قصة واحدة مهمة صعبة من "حقل يكتنف الجميع من دي إتش لورنس إلى بي جي وودهاوس؛ ومن تشارلز ديكنز إلى إتش جي ويلز؛ ومن فرجينيا وولف إلى أيه إس بيات".
توصيات بيات الحالية هي "الشاي في ميدلاند" لديفيد قسطنطين" (لأنها أنيقة، وتعويضية وإنسانية") و "كل الغضب" التي كتبها آل كينيدي.
وتكمل "إذا كنت تبحث عن البهجة البسيطة في قصة واحدة، فحاول مع كلايف سينكلير في تفسيره للسلوك التدميري للحاخام الذي يتحول إلى خنزير في "نهاية سيئة" منذ مجموعته الأخيرة "الموت وتكساس".
الكاتب فيليب هينشر يقوم الآن بفرز مختارات لأفضل الكتابات في القصة القصيرة البريطانية، ونحن متفقون على التألق في الجانب الفاكاهي المنسي، عبْر مجموعة الطبقة العاملة التي خلقت توْقاً وإقبالاً على القصة القصيرة لكل منا: في عمل بيل نوتون "ثأر حارس المرمى".
فما هي أفضل قصة قصيرة بريطانية؟ شرَعْنا باب السؤال للقراء والكتّاب في كل مكان، والأصوات ترِد الآن إلى موقع مهرجان القصة القصيرة.
رواية جاكي كاى "ابنتي الماكرة" هي واحدة من الترشيحات. إنها في دور التوصيات. "واحد من أفضل كتاب القصة القصيرة لدينا والأكثر إهمالاً هو الكاتب الأسكتلندي أغنيس أوينز. وإذا اضطررت الى اختيار قصة واحدة فقط، فستكون "المنارة". أحب صوت هذه القصة فأسلوبها وبنيتها ستفاجؤكم".
آدم ماريك هو النجم الصاعد في عالم القصة القصيرة البريطانية؛ تم ترشيح روايته "تماغوتشي" عبر الموقع الإلكتروني.
تصويته سيذهب إلى ذكريات عصر الفضاء الذي جسده جيه جي بالارد: "إنه يضع الكثير من الضغط على قصة فردية لاختبارها كي تكون في هيئتها الأفضل".
ولكن من خط المتابعة لكتّاب القصة القصيرة البريطانيين، سأختار جيه جي بالارد باعتباره واحداً من أفضل كتّابها لدينا، أكثر من أي وقت مضى.
يذكر، أن ديفيد هربرت لورانس أحد أهم الأدباء البريطانيين في القرن العشرين. ولد في سبتمبر/أيلول 1885 وتوفي في 2 مارس/آذار 1930. تعدّدت مجالات إبداعه من الروايات الطويلة إلى القصص القصيرة والمسرحيات والقصائد الشعرية والكتابات النقدية. من أشهر أعماله "عشيق الليدي تشاترلي".
كتب في أدب الرحلات وترجم أعمالاً عديدة من اللغة الفرنسية إلى الإنجليزية وله لوحات عديدة مرسومة، وكان التأثير السلبي للحضارة الحديثة على الجوانب الإنسانية للحياة وتجريد هذه الحياة من البعد الإنساني هو محور أغلب أعماله، ويرى بعض النقاد أن الرجل أسرف في سوداويته وكذلك في الاعتماد على المشاهد الجنسية الفجة في توصيل أفكاره.
يشار إلى أن هربرت جورج ويلز، أديب، مفكر، صحافي، عالم اجتماع ومؤرخ إنجليزي. ولد في 21 سبتمبر 1866 وتوفي في 13 أغسطس/آب 1946. يعتبر من مؤسسي أدب الخيال العلمي، وقد اكتسب شهرته بفضل رواياته التي تنتمي لذاك الصنف الأدبي. بعكس معاصره جول فيرن فقد حوت روايات ويلز انتقادات اجتماعية هادفة ولم يكتف بسرد المغامرات.
تجدر الإشارة إلى أن هـ. ج. ويلز، ولد في بروملي في مقاطعة كنت في إنجلترا. كان أصغر إخوته الثلاثة لأب صاحب دكان ولاعب كريكيت وأم ربة بيت وكانت عائلته من الطبقة الوسطى السفلى. لم يكمل ويلز تعليمه المدرسي إذ اضطر لترك مقاعد الدراسة والعمل مساعداً لتاجر أقمشة بعد إفلاس والده. قام ويلز لاحقاً بوصف عمله هذا ما بين السنين 1880 حتى 1883 في روايته "Kipps". العام 1889 بدأ ويلز دراسته في مدرسة "ميدهيرست" وفي سن الـ 18 عاماً حصل على منحة تعليمية في مدرسة العلوم في لندن. درس ويلز علم الأحياء لدى عالم الأحياء المعروف ت. هـ. هاكسلي واشترك في حلقات علمية وكتب في مجلة الجامعة العلمية. في تلك السنين بدأ اهتمامه بالإصلاحات الاجتماعية، ومال نحو الأفكار الاشتراكية.
كانت رواياته منذ البداية من الخيال العلمي، نشرت روايته الأولى العام 1895 وحملت عنوان آلة الزمن وقد حظيت بنجاح بين القراء. نشر روايته الثانية العام 1896 بعنوان "جزيرة الدكتور مورو" عن عالم مجنون يحول الحيوانات إلى كائنات بشرية.