التجنيس خارج القانون، لا يُختزَل فقط في منح الجنسية، بخلاف النص القانوني وشروط التجنيس، بل يمتد إلى مدى حقوقية الدستور، ومدى دستورية وحقوقية القانون الذي ينظمها، من حيث الإكتساب الطبيعي التلقائي أو الإسقاط عن المواطن، ومن حيث المنح والمنع أو السحب من المُجنَس والمُتجنِس، ومدى حقوقية وقانونية الإجراء.
وكما أسلفنا في المقال السابق، أن المُجَنس (بقرار السلطات وأمر الحاكم) أو المُتجنِس (بطلبه الجنسية في حال تحقق شروطها)، كلاهما وكذلك المواطن بالولادة، (صاحب الحق في الجنسية منذ لحظة الولادة)، لهم نفس الحقوق وعليهم ذات الواجبات أمام القانون، ويتساوون في الكرامة الإنسانية، وفي الإستحقاق من الدولة لتقديم الخدمات العامة للمواطنين، بغض النظر عن الأصل، أو الجنس أو الدين والمذهب، أو الرأي والموقف السياسيين.
والنظام الاقتصادي في أي دولة يحدد الخدمات المجانية المُشاعة الاستخدام، وتلك التي يدفع مستخدموها كلفة استخدامها في صورة ضريبة أو رسوم، فالخدمات العامة المُشاعة التي تقدمها الدولة، هي خدمات البنى التحتية الضرورية لإقامة الحياة البشرية، التي توفرها الدولة، لكل من يعيش على أرض الوطن، من المواطنين والمقيمين، وهي حقوق إنسانية مدنية، ترفع من شأن الوطن، مثل خدمات البيئة للتخلص من الملوثات الجوية والبحرية، وتشييد الشوارع والجسور والأنفاق، لتسهيل حركة المواصلات والنقل البري، وغيرها من الخدمات التي لا تستقيم الحياة البشرية إلا بها، بما في ذلك المقابر.
وهناك من الخدمات، التي توفرها الدولة، ويدفع مقابلها جميع مستخدميها من المواطنين والمقيمين في الوطن، سواء بشكل مباشر من كليهما، أو عبر تكفُّل المواطن بالمقيم العامل لديه، إلا أن هناك خدمات واجب على الدولة تقديمها للمواطن دون مقابل مثل الصحة العامة والتعليم الأساسي، أو مدعومة بجزء معتبر من كلفتها، مثل النفط والغاز والكهرباء والماء، وكذلك السلع الغذائية الأساسية، فلا يحق لغير المواطن التمتع بالدعم الخاص بها والذي توفره الدولة للمواطنين جميعهم، من مواليد البحرين والمجنسين والمتجنسين طبيعياً وحسب القانون، ولكن الحال على غير ذلك، فهذه الدعومات المخصصة للمواطن كفرد، يستنزفها المقيمون من غير المواطنين، وتستنزفها الشركات الوطنية والأجنبية، ويستنزفها المجنسون خارج القانون، مقابل استفادة قلة من المتنفذين، بحصد العمولات والشراكات المجانية في رؤوس أموال تلك الشركات، سواء بصورها القبيحة المباشرة أو بصورها المغلفة بالهدايا، لقاء منح الجنسيات أو تسهيلها خارج القانون، ولقاء منح التراخيص للعمل سواء للأفراد أو الشركات أو تسهيلها، خصوصاً تلك المتركزة إجراءاتها في أيدي أفراد بعينهم، بمقدورهم المنع والتعطيل أو التسهيل، في حين أن المستفيد الأكبر هو الراشي، لأنه سيستحصل مقابلها على أضعاف ما دفع، في صورة الخدمات ودعم أسعار المواد الأساسية، وبعض الاستثناءات لتسهيل أعماله، وكلها شراكات يستفيد منها الطرفان على حساب المواطنين.
إذاً جنسية المواطن حسب القانون وخصوصاً صفة الولادة في البحرين لأب بحريني أو أم بحرينية أو كليهما، هي حق طبيعي إنساني قانوني تلقائي الاكتساب، ولا يملك أي كان التصرف فيها، لا بالمنح ولا بالمنع، أما قرار إسقاط الجنسية عن ذات المواطن، فله وجهان لا ثالث لهما، أما تخليه عنها بمحض إرادته، وإما إسقاطها عنه جبراً، لسبب وحيد لا ثاني له، هو الخيانة العظمى، من خلال حكم قضائي وحسب القانون، فالسلطة التنفيذية ليس لها أن تقرر نيابة عن المواطن رغبته في التخلي عن الجنسية، وليس لها أن تتخطى السلطة القضائية لإثبات الخيانة العظمي والحكم البات بإسقاط جنسية المعني، متى ما ثبت لدى القضاء، بل تتولى السلطة التنفيذية أو الوزير تنفيذ ذلك الحكم القضائي، (فعل الخيانة العظمى يتمثل في انخراط المواطن المعني، في جيش دولة أخرى وممارسة أفعال التجسس على أسرار الوطن العسكرية أو ممارسة الفعل في المعارك العسكرية ضد الوطن ولصالح تلك الدولة).
وكذلك موضوع سحب الجنسية من المجنس أو المتجنس، لا يجوز بأي حال إلا في حالتين، الخيانة العظمى من أي منهما، إضافة للتزوير في الأوراق الثبوتية للمتجنس حين طلبه الجنسية والتي على أساسها تم قبول طلبه، أما المجنس الذي يَثبُت تزوير أوراقه التي أُعتمدت لمنحه الجنسية، فعقابه سحب جنسيته، وهناك عقوبة أيضاً على من زكّى مستنداته لمنحه الجنسية، وعموماً لا يتم إسقاط أو سحب الجنسية إلا بمثل أو أعلى من مستوى منحها، بأمر من رئيس الدولة ومن بعد صدور الحكم القضائي البات.
ومفردة المواطن في الدساتير والقوانين، تشمل المواطن الذي اكتسب الجنسية بالحق الطبيعي، وذاك الذي طلب الجنسية واستحقها حسب القانون، وذاك الذي تم منحه الجنسية تقديراً لخدماته الجليلة للوطن وبقرار من الحاكم، ويتساوى المواطنون بغض النظر عن سبب التمتع بالجنسية طالما أنها حسب القانون، في الحقوق والواجبات. ومن أهم حقوق المواطنية، حق مباشرة الحقوق المدنية والسياسية، ومنها الحق في الترشح والانتخاب في المجالس البلدية والتشريعية، والحق في التوزير في الحكومة إن كان تعييِناً، والترشح والانتخاب إن كان انتخاباً.
فعليه فإنه حين نفذت سياسة التجنيس خارج القانون، وبدوافع طائفية وأمنية، مقابل عمل المجنس في هذا السلك أو ذاك، تتحمل السلطة المسئولية التاريخية جراء الإضرار بالوطن، من وراء ممارستها تلك، ولن ينفعها على المدى الطويل، على الرغم من عدم بروزها والاهتمام بها على المدى القصير حتى حينه، تلك التشريعات التمييزية، التي منعت منعاً باتاً على مكتسبي الجنسية البحرينية، اكتسابهم شرطية توليهم مناصب الوزراء، وكذلك المنع عليهم شرطية عضوية مجلسي الشورى والنواب، إلا من بعد عشرة أعوام على اكتسابهم الجنسية، التي اكتسبوها من بعد مضي 25 عاماً للأجانب (وهم غالبية المجنسين)، و15 عاماً للعرب، بمعنى أنهم مواطنون من درجة دونية غيرها المواطنة الطبيعية الجامعة (راجع نصوص المادة 45 البند أ، المادة 53، 57 البند أ، من مواد الدستور حسب تعديلات المجلس الوطني عام 2012، المادة 6 البند 3 من قانون الجنسية لعام 1963)، وهي من تراجعات الحقوق المدنية والسياسية، بالمخالفة للعهد الدولي الذي وقعته البحرين، بما جاءت بها حزمة التراجعات التشريعية التي أصدرها المجلس الوطني بمقترحات من مجلس النواب، في فصله التشريعي الثالث 2010-2014.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4313 - السبت 28 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ
يرجى التنبه:
الخلل في التجنيس غير القانوني وغير الطبيعي، وليس في مبدأ التجنيس في حال إتباعه الإجراءات القانونية والإنسانية التي تحقق خدمة الوطن والمواطنين
تجنيس الحاجه
شكرا لك مقال رائع وجريئ لكن اتوقع اكبر من البحرين اتخاذ هذا القرار وبهذا الحجم اتمنى تفهمو رسالتي لان هالمرة اصرو دول الجوار ع احتلال البحرين بالمجنسين جيش غير معرف امميا وسيثبت التاريخ صحة مااقول .....
ماذا عن تجنيس الستينات و الخمسينات ؟
ماذا عن تجنيس الستينات و الخمسينات ؟
أكيد
المجنسون بمجرد النظر الي عنوان مقالك لا يحبذون قرائته لأنهم هم المقصودون به ، فهم من نهب خيراتنا وأستغل وضعنا المتشرذم لسد حاجته فلا غرابه منهم
صح لسانك وسلم قلمك فالخطر اكبر مما ذكرت
لن يقتصر شر التجنيس على مسألة إهدار لحقوق المواطنة بل هو تدمير لكل الوطن بما فيه من بنية تحتية وقيم اخلاقية وانسانية وهو غرق كامل للسفينة اذا زيد في حملها من دون حساب. والحمد لله لاول مرة يصل الدين العام الى هذا المستوى المخيف والمتنامي
قناص
شكرا استاذنا العزيز هناك كثير من المسؤولين الذين وصلوا الى رتب عالية في مؤسسات الدولة طبعا ليست بالضرورة ان يكون لديه مؤهلات علمية او عملية ولكن جميعنا يعرف الفيتامين المنشط وهؤلاء اصبحوا مستشارين للقيادات في الدولة وايضا اغلبهم ليسوا من اصول بحرينية أو حتى عربية .
سياسي سياسي
التجنيس السياسي نتيجة مباشره للانجاب السياسي
ذبحتونا
ذبحتونا .كل يوم هذه سالفتكم ماعندكم غير التجنيس. ..
ههههه
الأخ مجنس أو عندك أحد من قرايبك مجنس هههههههه
ذابحنك هالموضوع هههه، أقول ويش رايك بعد تحدد المواضيع اللي على الكاتب الخوض فيها
التجنيس. نزيف للثروة
هل يعلم من يرضى بالتجنيس ان المال الذي يتم تحصيله من المتجنسين يذهب الى حساباتهم قي وطنهم الام وان هولت لايملكون مدخر في بلادنا بل يحول شطر كبير من الراتب او القرض الى الوطن الاصلي
لأنه مُدمر
لان هذا الشي مدنر للبلد وباعث للخراب ويجب فيه توعيه الناس مث هذا الخطر المتمثل بالتجنيس الذي ينهش في وطننا الحبيب فبعد خراب البلد سيذهب المجنسون والمتجنسون الى بلدانهم واما المواطن الاصلي مكانه هذا الوطن فبعد الخراب اين يذهب ??
دمروا البلد
كل التجنيس الي صار دمر كل البلد اقتصاديا و اخلاقيا
خلطونه مع ناس ......................... خلقوا لنا عادات و ظواعر سيئة و دخيله على المجتمع غير عن الجرائم الي زادت
التجنيس مو شي سيء ولا عيب ولا حرام بس بالعقل و للي يستحقه مو لكل من هب و دب
نتمنى موضوع غير
ياريت تطرح موضوع يخص غلا المعيشه وارتفاع الاسعار والصحة والتعليم ومواضيع تلامس حياة الناس وخاصة الفقراء لان الانسان البسيط لايهمه الا قوت يومه وقوت اولاده وان يعيش بسلام
انها جريمة العصر التجنيس السياسي
اتمنى من مخططي التجنيس السياسي ان يتجرعوا مثواهم امام محاكم عادلة بتهمة الخيانة العظمى وأشدد عليها ماذكرته سيدي الكاتب كله لا خلاف عليه وجب على شعبنا العظيم عدم التسامح فلقد دمرت بلدنا بهذه اللعنة واقصد التجنيس السياسي واليد المطلقة لقله همها مصالحها
مشكور
مشكور وهذا من اهم الموضيع. التجنيس السياسي