مع طفرة العصر الصناعي وزيادة الاستهلاك اليومي للبشرية في كل أنحاء العالم، فإن حصيلة ذلك تكوين أكبر سلة مهملات تتجمع في نهاية المطاف شمال المحيط الهادي على هيئة جزر، تسمى «حساء البلاستيك»، تتكوّن من أرخبيل جزر. وهي عبارة عن نفايات بلاستيكية عائمة، مشكّلةً حزاماً كبيراً من القمامة، حيث تتجمع كميات هائلة من المواد البلاستيكية والنفايات الأخرى التي تطفو على سطح المحيط من بقايا مخالفات السفن والبواخر وغيرها من ممارسات لا تحترم ولا تحافظ على البيئة.
لقد أصبحت المنتجات البلاستيكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، باعتبارها حاجةً أساسيةً في التعبئة ، ومواد التغليف وحاويات السوائل والأفلام، والتسوق وأكياس القمامة، والملابس ولعب الأطفال والمنتجات المنزلية والصناعية ومواد البناء. والمشكلة الكبرى أن البلاستيك لا يتحلل، ولذا فإنه يبقى وينتشر في الفضاء ويصل إلى البحر، ومن ثم تدفعه تيارات المياه إلى المحيط الهادي.
وبحسب خبراء البيئة، فإنه مع تنامي استخدام كل كيس وكل قطعة بلاستيكية، فإنه من المحتمل جداً أن ينتهي المطاف بشعوب العالم، بتنامي هذه الجزر المضرّة بالبيئة، وبسحب سلات المهملات من كل إنحاء العالم إلى المحيط الهادي وتسميمه، وذلك سيؤثر على الكائنات الحية بمختلف أنواعها، وينتقل أثر هذه السموم عبر السلسلة الغذائية إلى الإنسان، مما قد يصيبه بأمراض قاهرة.
كما أن إعادة تدوير البلاستيك أكثر ضرراً على البيئة من المنتجات الأصلية، إضافة إلى أن إعادة استخدام المنتجات الأصلية محدودٌ جداً، إذ سرعان ما يجد المستهلك غايته تتحقق عبر استخدام منتج جديد بأسعار زهيدة. وعليه، فإننا نرى رمي النفايات البلاستيكية (أكياس النايلون والسفرة النايلونية وغيرها) بصورة عشوائية في كل مكان، كما نشاهد بعض أفراد العمالة الآسيوية يجمع أحياناً هذه المخلفات من أجل إعادة تدويرها، ولكن في كل الأحوال فإن إعادة التدوير (فيما يخص البلاستيك) ليست عملية صديقة للبيئة، كما أن حرق البلاستيك يولد انبعاثات سامة.
وحسب الخبراء، تبلغ مساحة هذه الجزر ما يعادل 34 مرةً من مساحة هولندا، وهي تكبر باستمرار دون توقف، لأن ممارسات إلقاء النفايات والمخلفات في مياه المحيط مازالت مستمرة وبشكل متصاعد رغم تحذيرات الخبراء وعلماء البيئة. وعلى هذا الأساس ابتكر الناشطون البيئيون أياماً يحتفلون بها من خلال مقاطعة الأكياس البلاستيكية، وذلك من أجل توعية عموم الناس بأخطار هذه الأكياس على البيئة، والانضمام إلى الدول المشاركة في حملة مقاطعة البلاستيك «زيرو بلاستيك».
حملة «زيرو بلاستيك» لن تقضي على «حساء البلاستيك»، لأن هذه البقعة التي توصف بأنها سلة المهملات العالمية، ومن المحتمل جداً أن توجد ظروف مماثلة، بسبب الاستمرار في رمي البلاستيك في كل مكان، وبالتالي تتشكل جزر أخرى من المحيط الهادئ، وذلك لأن تيارات المحيط مواتية لخلق مساحات من هذا النوع تتجمع فيها المهملات. وعليه، فإن الوعي بما تحدثه نفايات البلاستيك قد يساهم في عدم خلق المزيد من الجزر التي تلوث الحياة البحرية وتصل إلى جسم الإنسان الذي يستهلك المأكولات البحرية.
حساء البلاستيك هو أكبر شاهد على إهمال الإنسان وعدم اكتراثه بما تؤول إليه نتيجة حياته الاستهلاكية، إذ أنه يدمر البيئة ويحرم الأجيال المقبلة من الحياة فيها بصورة هانئة. وهذه قمة العبثية في التفكير المعتمد على الاستهلاك والربح المادي فقط، دون مراعاةٍ لنتائج ذلك على الإنسان نفسه وعلى الطبيعة التي تفسح له المجال للحياة.
إن هناك العديد من المناطق والمدن في بلدان متقدمة بدأت تحرّم استخدام أكياس النايلون وتفرض استخدام الأكياس الورقية، والهدف من هذه القرارات تثبيت نوايا الإنسان في تلك المنطقة، بأنه لن ينهزم أمام رغباته الآنية ليدمّر مستقبل البيئة والحياة فيها، وعلينا أن نستفيد من كل ذلك الدرس.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4313 - السبت 28 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ
التلوث هو بسبب الأنسان!!!!
بما ان الانسان له يد في تغيير الصناعة الطبيعية فيكون له مضرة على البشر والحيوان والبحر, ولكن اذا استخدمنا اشياء طبيعية مثل الورق وهي في الأصل من الشجر فإنها ترجع الى الأرض فتكون لها فائدة.
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. لنتأمل هذه الآية وما تحويه ...
اقترح ان تباع أكياس البلاستيك
لتشجيع. الناس على استخدام البدائل