العدد 4312 - الجمعة 27 يونيو 2014م الموافق 28 شعبان 1435هـ

نسوة المالكية... يسترزقن من «الخواصَة» بسعف النخيل

تواظب أم علي بشكل يوميّ على مزاولة صناعة نسج الخوص المعروف محلياً بـ «السف» طلباً للرزق بقرية المالكية، وتقضي أم علي عدة ساعات بالسفاف الذي يمر بالعديد من مراحل إنتاجه قبل أن يكتمل ويكون جاهزاً للبيع.

ولا يقتصر الأمر فقط على الحاجة أم علي في ذلك، حيث تستقطب تلك الحرفة اليدوية العشرات من نسوة قرية المالكية، اللاتي يتهافتن بالذهاب إلى منزل عائلة الشاخوري والعمل بشكل جماعي في باحة المنزل أو كما يعرف بـ «الحوش».

وتستأنس نسوة المالكية بصناعة الخوص «السف» وتتسابقن فيما بينهن، من أجل صناعة أكبر وأفضل منتجات صناعة الخوص.

وقد التقت «الوسط» نسوة المالكية ممن يعملن بالسفاف وسلطت الضوء على تلك المهنة في وقت أصبح من الصعب عليك فيه إيجاد من لايزال يمارس مثل هذه المهن.

بصمة ملكاوية

بصناعة الخوص

استقبلتنا أم بدر بحفاوة وهي تبدأ بنشر السجادة التي هي بمثابة مقر عمل النسوة في منزل الشاخوري، والذي يضم أكبر تجمع للنسوة بصناعة الخوص في قرية المالكية.

سألتها وأنا أشير إلى كتلة من السعف، كيف كانت بدايتك مع صناعة الخوص؟

أجابتني أم بدر قائلة: «منذ أن كان عمري 8 سنوات وأنا كنت أتقن صناعة الخوص «السفاف « بشكل جيد، إلى أن تطورت مع زيادة الممارسة واستطعت أن أتوسع في هذا المجال وأتقن المزيد من صناعة الأشكال في وقت أقصر».

وقد حملت الخواصة الملكاوية إلى الأسواق منتجات الخوص بكميات وفيرة وأسعار مناسبة، من الحصير إلى السلال مروراً بالأكياس وليس انتهاءً بالمروحة.

وفي هذا الصدد، تقول الخواصة أم بدر: «الحمد لله أن المنتجات التي نقوم بصناعتها هنا مطلوبة، وهذا دلالة على جودة منتجات الخوص وبصمتها طبعاً ملكاوية».

أم علي جمعة عميدة الخواصة بالمالكية

تنقسم جلسة صناعة الخوص «السف» إلى نصفين، هنا 3 نسوة وبالنصف الآخر 3 أخريات، وفي زاوية «الحوش» تجد الخواصة أم علي جمعة، التي قضت قرابة 70 عاماً في مجال صناعة الخوص وأصبحت هي الأقرب لنيل لقب عميدة الخواصة بقرية المالكية.

نظرت من حولي فلم أجد شابة تعمل على صناعة الخوص «السف» فسألت أم علي جمعة عن افتقاد لمة النسوة هنا عن العناصر الشابة، فابتسمت وقالت: «فرق كبير بين الماضي والحاضر في حجم الإقبال على مزاولة الخواصة، إلا أن للماضي نكهة يفتقدها الوقت الحاضر، حيث كنا نجتمع في بيتنا القديم وكان عدد النسوة أكبر، ومع مرور الوقت أصبح العزوف هو السمة الأبرز لهذا الجيل الحالي المشغول بالأجهزة الحديثة أكثر من أي شيء آخر».

ومن المعروف أن العائلات قديماً كانت يستخدم السفرة للغداء عليها، والمروحة لتبريد الأجواء لها، ولكن مع التطور التكنولوجي أين موقع تلك المنتجات، سؤال أجابت عليه أم علي جمعة قائلة: «من الطبيعي أن تكون هناك فترة ركود وخمول في اقتناء مثل هذه المنتجات، ولكن مع مرور الوقت نجد أن الأغلب أصبح لديه هوس بإعادة إحياء كل شيء قديم، ولا يقتصر الأمر على منتجات الخوص فقط بل يشمل حتى المنازل التي باتت تعود تدريجياً في نمط بنائها على الطريقة القديمة، وهذا يدل على تمسك البحرينيين بالتراث والأصالة».

أم ميرزا: خواص السعف لا يعرفها إلا الخواصة

تقوم الخواصة بشراء سعف النخيل، حيث يقمن بعملية تنظيفه من الشوك وتجفيفه في الشمس، فهل هناك طريقة معينة لاختيار السعف بعملية السفاف، سؤال أجابت عليه الخواصة أم ميرزا قائلة: «نعم للسعف خواص ومميزات لا يعلم سرها إلا الخواصة، إذ ليس كل سعف يكون صالحاً للسفاف، بل لابد أن تكون له متطلبات معينة يجب توافرها فيه، كما أنه يمر بعدة مراحل قبل أن يكون جاهزاً للعمل فيه».

طفقت أنحني لالتقاط حقيبة مصنوعة من الخوص، وقلت: «ماذا عن هذه الحقيبة يا أم ميرزا؟ يبدو لي واضحاً تطوير هذه المنتجات الخوصية؟

وعن ذلك أجابت الخواصة أم ميرزاً بأن «من الطبيعي أن نواكب التقدم ونحاول قدر الإمكان تلبية رغبات الزبائن عبر تطوير تلك المنتجات، وأبرز تلك التطورات هو إضافة الألوان الزاهية التي تجذب الزبون للمنتج وذلك بطرحها في أوقات المناسبات مثل المواليد والأفراح».

أم حسن وأم سلمان متفقتان: لا يحلو العمل ويتقن إلا بـ «القدو»

ناوليني إياه لأتلذذ بطعمه الساحر ورائحته العبقة، ثم قالت الحاجة أم حسن وهي تمسك أطراف «القدو « من دونه لا يحلو السفاف ولا يتقن العمل!

وتوافقها في ذلك الخواصة أم سلمان، حيث تقول: «هو مصدر قوتنا والزاد لنا في إتقان هذه الحرفة اليدوية ومن دونه لا يكون للعمل طعم ولا رائحة، فكيف يعقل أن تكون جلسة العمل من دون وجوده؛ مشيرة إلى «القدو»!

وعلى رغم عناء وتعب صناعة الخوص إلا أن الحاجتين أم حسن وأم سلمان مستأنستان لوجود القدو بينهما، وتتبادلان شربه بين الحين والآخر، وتجب الإشارة إلى أن القدو يعتبر ظاهرة غير صحية، إلا أن إدمانه من قبل النسوة لعشرات السنين كفيلة بأن تلتزم الصمت في وجوده، فهو مقدس بالنسبة لهن وإصابته بأي شيء يكون بمثابة إصابة إحداهن!

السفاف حرفة

ومصدر رزق لنسوة المالكية

يتراقص ضوء مغيب الشمس مع سعف النخيل منعكساً على أيدي نسوة المالكية في منزل الشاخوري بقرية المالكية، وذلك تزامناً مع بدء حلول ساعات المساء من يوم اللقاء معهن، للحديث متعة لا تضاهيها أية متعة، وبسؤال عن سبب استمرارهن للعمل بهذه المهنة، أجابت الخواصة، أم ميرزا بأن «هذه المهنة تعتبر مصدر رزق لي ولأولادي، كما أنها تراث أصيل لا أتصور أنني سأتركه في يوم من الأيام».

وعن حجم الدعم الرسمي والأهلي، أوضحت الخواصة أم بدر «الحمد لله أن الدعم الأهلي موجود وما وجود صحيفة «الوسط» لإجراء هذا الحوار إلا دلالة على وجوده، أما عن الدعم الرسمي فوجوده متمثل بمشاركتنا بين الحين والآخر في المهرجانات التي تقام في متحف البحرين الوطني».

ومع كل ما قيل وما سيقال، تبقى نسوة المالكية الأشهر والأوسع انتشاراً في الخواصة والمعروف محلياً بـ «السفاف» ولكل راغب في اقتناء هذه المنتجات توجه الخواصة دعوة له للشراء في منزل الشاخوري بقرية المالكية.

نساءً في قرية المالكية يعملن على نسج الخوص للاسترزاق منها
نساءً في قرية المالكية يعملن على نسج الخوص للاسترزاق منها

العدد 4312 - الجمعة 27 يونيو 2014م الموافق 28 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 10:24 م

      علي الجميعي

      من الاحساء الي الحرين من القلب احبكي

    • زائر 18 | 7:09 ص

      شايل سيفه

      الله يحفظكم ويبارك لكم ارزاقكم وصبركم علي لقمة العيش قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم { لايكفر الذنوب الصلاة والصيام والزكاة والصدقه والحج وانما يكفرها المنفق علي عيايله بالحلال } وفي المثل الشعبي يقول { ناس بالهيل وناس بالجيل } وناس مرتاحه وناس تعبانه وناس محرومه وهذا ليس صدفه بل من الظلم في المجتمعات الاسلاميه العربيه في تقسيم وتوزيع الثروه بالعدل وهذا الشان لم يكن في الخيال انما متعمدا حتي يصبح الناس عبيدا للآغنياء والحكام والتجار الذين وصفه الرسول ص بالفجار والكثير يمتنع عن الزكاة .

    • زائر 17 | 6:33 ص

      هدية المالكية للوسط

      اهدت نساء المالكية رئيس صحيفة الوسط سفرة صغيرة مكتوب عليها الوسط تقديرا لوقوف الوسط معهم في استرجاع الساحل.. الوسط والمالكية قصة تكاتف ومحبة و جميل لايمكن ان ينساه الملكاويون لهذه الصحيفة التي تهتم بشؤونهم... شكرا للوسط.

    • زائر 15 | 4:15 ص

      كل نساء البحرين يسفون فى الماضي

      امهاتنا الاولين يسفون ويخيطون ويحنون ويربون دجاج واغنام ويبيعون كل منتجاتهم من حليب وبيض وغير اعباء المنزل من طبخ وغسيل وتربية الاطفال مانجوف يعانون من السمنة والكسترول والسكر ومتعاونين ومتحابين ماتوجد امراة مريضة الا اهل الفريق راحوا يسون عنها الغذاء واحتياجات البيت ولا والدة الى راحوا يسون عنها كل شى ويخافون ربهم ومحتشمين ومسترين من يشوفون الرجال من بعيد غطوا وجوههم عنه ، نسوان هذا الزمن خدامة واكل ونوم وسفر ومصاريف وسمنة زايدة وامراض كثيرة فيهم وكل فى المستشفيات ظهري وبطنى وهم صغار

    • زائر 14 | 3:57 ص

      الله يعطيكم الف عافية

      للغرباء:هذا هو الشعب البحريني الاصيل
      نساء ورجال في قمة الابداع

    • زائر 13 | 2:48 ص

      نعم

      نعم هذه ايادي يحبها الله و رسوله
      فطوبى لكم بحب الله ورسوله لاياديكم

    • زائر 12 | 2:04 ص

      المالچية حلوة وقوية

      المالچية وما ادراك ما المالچية الديرة الوحيدة اللي تدب فيها الحياة ليلا نهارا ترى الجميع متواجدون مترابطون الضحك والغشمرة هو العنوان الأبرز لهم ينحبون صراحة حتى لو ما كنت تعرفهم من تقعد،وياهم تحس انك تعرهم من زمان.. شفت كل القرى بس مثلهم ما شفت.. وصدق من قال المالچية حلوة وقوية

    • زائر 11 | 1:40 ص

      أم السادة

      أمبي سفرة حق الفطور ..
      الله ينطيكم العافية

    • زائر 9 | 1:15 ص

      المالجية

      احلى قرية و احلى ناس المالجاوية الله يعنيكم و يزيدكم من الخير و يرزقكم من حيث لا تحتسبون

    • زائر 8 | 1:14 ص

      المالجية الاصيلة

      " السفاف" مهنة و حرفة أصيلة للبحرينيين فقط و الخوف ان يغزوها المجنسون كما غزو الاسواق الشعبية في القرى احذروا منهم

    • زائر 7 | 1:09 ص

      المالكية رمز الاصالة البحرينية

      المالكية و ما ادراك ما المالكية قرية الاصالة البحرينية و الابداع و الطيبة و الكرم و حسن الضيافة و اهل الشيمة و النخوة شكرا لكم يا أهل المالكية و شكراً لهؤلاء النسوة على محافظتهن على تراثنا الاصيل و شكرا للوسط

    • زائر 6 | 1:00 ص

      هلا بأخواتنا الأصيلات

      ذكرتونا بإمهاتنا بالسفاف وبالخيط السوتلي والمسله وصنع لسفر والحصير والزبيل والقفة والظرف والخصفة القاعودة وهالأسماء مايعرفها إلا البحرانييوت والبحرينيون الأصليون.

    • زائر 10 زائر 6 | 1:16 ص

      ذكرا

      ذكرتوني بأم الله يرحمه ويسكن روحه الجنه بنت الحاج عباس بن مرهون (أم علي)فعلا كنت محترف في مثل هذا العمل الله يرحمه

    • زائر 4 | 12:50 ص

      نعم عمل شاق

      تسلم اناملكم والله يطول في عمرچ ي أمي أم علي جمعة ويحفظ خواتي ام بدر وام سلمان واخت زوجتي ام حسن ولا انسى ام ميرزا واتمنى لكم التوفيق في هذه الحرفة واتقدم بجزيل الشكر الى أخي محمد الجدحفصي والوفد المرافق له في اجراء هذا الحوار الشيق مع العائلة الكريمة واتمنى له التوفيق

    • زائر 3 | 12:33 ص

      A Very Special Thanks

      I would like to send a very special thanks and appreciation to all of them for their great efforts and for maintaining the tradition.
      Those must not be forgotten by the Government, they should be awarded for their hard work and efforts.

    • زائر 2 | 10:19 م

      الله يعطيهم العافية ام بدر و عميدة السلال

      بصراحة لو يسوون شركة المالكية لصناعة السلال راح تنافس الشركات العالمية و يحطون (القدو) لوغو للشركة و يسوون لهم شعار ( سلالنا أمجادنا) و تكون رسالة الشركة ( بسلال و القدو تحيا الامم). و يرسمون لهم استراتيجية تعتمد على اولا غزو أسواق سترة ثم يتسعون الى أسواق المحرق ثم العاصمة بعدها ينتشرون عالميا بأخذ حق الامتياز في الولايات المتحدة على اعتبار ان بين البحرين و الولايات المتحدة اتفاقيات التجارة الحرة. على يكون اسم الشركة ( المالكية لصناعة السلال و إلقداوة)

    • زائر 16 زائر 2 | 5:26 ص

      نتمنى فعلا

      حقا لو وجدت ستكون مكسبا ثقافيا وعالميا أكثر من ماديا

    • زائر 1 | 9:44 م

      عاشوا الموالچه

      ياعيني على ام سلمان خاطري اجي اشرب وياش قدووووووو اتسلم اايياديكم المباركه وتسلم ام علي وام ميرزا

    • زائر 19 زائر 1 | 8:37 ص

      الله ايطول في اعمركن

      اتمنى من الوزاره الاهتمام بهذة الشريحه وتشجيعهم ولا مانع من عمل دورات في المراكز الاجتماعيه لتعليم الجيل الجديد

اقرأ ايضاً