معارض ثلاثة كانت حصيلة مبادرة نسيم التي أطلقتها جمعية ملتقى شباب البحرين، وهي مبادرة شبابية تهدف إلى دعم الفئات المتضررة في المجتمع والتي وصفتها المبادرة بـ «المنسية». وهي فئات الأشخاص ذوي الإعاقات والنساء المعنفات وأطفال الشوارع وغيرهم، وذلك من خلال تقديم الأعمال الفنية التي تعكس هموم هذه الشريحة من المجتمع وتطلعاتها، فترسل رسائل للجمهور تكون على القلب كالنسيم تارةً لتبرد نيران اليأس التي قد تحرق من يستسلم لأي عارض يعترض حياته؛ وتكون كالعاصفة التي تغيّر مجرى حياة من يفهم الرسالة فيحاول الانطلاق بكل أمل نحو تحقيق الهدف.
المبادرة بدأت بمشروع «نقطة تحول» الذي يهدف إلى عرض حالات الأشخاص الذين تعرضوا لحوادث متفرقة أدت إلى إصابتهم بنوع معين من الإعاقة الجسدية، فدشّن ثلاثة معارض في أماكن مختلفة، ومزج بين العرض المرئي والمسموع والفني، حيث عرض فيلماً قصيراً بعنوان «عبور» من إخراج الشاب المبدع حسن الإسكافي الذي برع وطاقمه في إيصال الرسالة بشكل كبير، وهو ما يلمسه المشاهد من خلال تعاطفه مع البطل منذ بداية وقوعه على السلم الخارجي لمنزله في يوم زفافه، وإصابته بالشلل ثم مروره بفترة العلاج فخطو الخطوة الأولى بعد الإصابة، وأخيراً تماثله للشفاء.
الفيلم نجح في إيصال معنى الإرادة الصلبة للمشاهد، ومثّل دافعاً للمرضى والأصحاء كي لا يفقدوا الأمل، ولتظل إرادتهم متّقدةً مشتعلة تكون لهم ولمن حولهم عوناً على ما قد يصادفهم من حواجز وأخطار.
ولم يكتفِ المشروع بإنتاج الفيلم فقط؛ إذ قام بعرض عشرين حالة حقيقية ممن تعرضوا للإعاقة بسبب حوادث مختلفة، إلى أعمال فنية تنوعت بين الأفلام والفيديو كليب والصور الفوتوغرافية واللوحات الفنية والغناء، عُرضت ضمن فعاليات المعرض في نسخه الثلاث التي كان آخرها معرض نقطة تحول في مجمع «السيتي سنتر»، والذي صاحبه العديد من الفعاليات الفنية المختلفة على مدى يومين كاملين.
مبادرة «نسيم» اختصرت واقع الشباب البحريني الذي لا يعرف اليأس أو الإحباط حتى في أصعب الظروف، وذلك من خلال الحالات التي عرضتها فشكَّلت نوراً يضيء طريق من تعرّض لمثلها من حوادث من جهة، ومن خلال الفريق المتطوع الذي عمل جاهداً لإنجاحها من جهة أخرى. فالفريق عمل بشكل تطوعي كامل بكل ما أوتي من دعم مادي بسيط من قبل وزارة التنمية الاجتماعية وبعض الشركات الخاصة، فكان دعم أعضاء الفريق المعنوي لبعضهم هو الأكثر تأثيراً، والذي غطّى على نقص الجانب المادي الذي يحتاجه أي عمل متقن لكي ينطلق بشكل أوسع.
ولو توافر هذا الدعم المادي لهؤلاء الشباب لاستطاعوا أن ينتجوا عدداً أكثر من الأفلام والأعمال الفنية التي ستسهم بلا أدنى شك في تنمية المجتمع وصقل إرادة الشباب ومواهبهم، ولاستطاعوا الانتشار بشكل أوسع ليصلوا إلى كل أسرة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4310 - الأربعاء 25 يونيو 2014م الموافق 27 شعبان 1435هـ