بحلول صباح اليوم الخميس (26 يونيو/ حزيران 2014)، يقفل البرلمان أبوابه على آخر أدوار الانعقاد من الفصل التشريعي الثالث، وهو الدور الأطول بين جميع أدوار الانعقاد خلال 12 عاماً من عمر التجربة البرلمانية في البلاد، حيث استمر ما يزيد على ثمانية أشهر.

الشارع البحريني، اليوم في قمة حزنه على مغادرة النواب للقضيبية، كيف لا، وهم من أبهروا العالم بأسره بأدائهم وتفانيهم وصدقهم وإخلاصهم، ودفاعهم المستميت عن حقوق كل البحرينيين، والدموع التي ذرفها عددٌ من النواب في آخر جلساتهم أمس الأول (الثلثاء)، حريٌّ أن يذرفها كل بحريني على الفراق الصعب لممثلي الشعب، وصانعي مجده، والذابين عن حياضه.

أصحاب السعادة النواب السابقين، وهي التسمية التي يفترض أن يحظى بها أعضاء المجلس الحالي بعد فض دور الانعقاد، يستحقون أن تكتب أسماؤهم بماء الذهب من عيار 24، وتعلّق في الطرقات والشوارع العامة والمؤسسات الحكومية والخاصة، عرفاناً بدورهم التاريخي، بعد أثبتوا فعلاً وقولاً، أنهم رجال ونعم الرجال.

ما أحزننا وكدّر معيشتنا، وأصابنا بالاكتئاب، الذي قد يتطوّر إلى عقدة نفسية، إضافةً إلى فراق هؤلاء الأشاوس، هو الحديث الذي أدلى به النائب خالد عبدالعال في آخر جلسة للمجلس والتي اتهم فيها باطلاً، المجلس الحالي بأنه «مجلس تابع بشكل مباشر للحكومة».

سعادة النائب، اعذرنا أن نخالفك الرأي جملةً وتفصيلاً، نوابنا ليسوا بصّامين بالعشرين، ولا يُدارُون بـ «الريموت كونترول»، وهم لا يستحقون منك هذا الاتهام الباطل، فهل مسارعة النواب بإلغاء مجلس بلدي منتخب يمثل العاصمة ويحرم 40 ألف بحريني من حقهم في الانتخاب يستدعي منك وصم المجلس بالحكومي؟ ألم تسمع أن تجربتنا الديمقراطية لها خصوصية تختلف عن باقي الديمقراطيات العريقة؟

نحن نتحسف أصلاً على أن النواب لم يقوموا بإلغاء بقية المجالس البلدية في الشمالية أو المحرق والجنوبية والوسطى، أو على الأقل ألغوا أغلبها، وحبّذا لو أبقوا لنا على دائرة واحدة في كل محافظة يتم فيها الانتخاب، بينما يتم تعيين البقية، فتجربتنا الديمقراطية (special)، يا سعادة النائب!

ثم ماذا في سحب جنسيات غير الموالين، ومن يعيشون في الخارج مدة تزيد عن خمس سنوات؟ ولماذا تعيب على الحكومة أن تتولى هي قرار سحب الجنسيات، بطلب من وزير الداخلية؟ حقيقة لا نفهم ما الضير في كل ذلك، حتى لو خالف هذا الأمر الدستور والميثاق وكافة المواثيق والعهود الدولية والإنسانية، حقاً ما الضير في ذلك؟

لا نفهم لماذا تعترض على تقليص النواب لصلاحياتهم، وهل حماية النواب للوزراء من الاستجواب، أمر معيب؟ أليس من واجب النواب حماية البحرينيين والدفاع عنهم، أليس هؤلاء الوزراء مواطنين بحرينيين، يجب الدفاع عنهم وحمايتهم؟

سعادة النائب، نوابنا أشرف من الشرف، وأنصع من النصاعة، وأبيض من البياض، وأنقى من العسل المصفى، وأطهر من الطهارة، واتهامك للمجلس بأنه فاشلٌ آذانا وأحزننا، هؤلاء النواب أدّوا دورهم الموكل لهم بكل أمانة وشرف، وسيذكرهم التاريخ بكلمات من نور، أما أنت، فغلطان و60 غلطان!