رفع متحاورون بمؤتمر الوفاق الثالث للمرأة البحرينية، رسائل حقوقية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشأن الوضع البحريني بعد الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011، وأوضاع حقوق الإنسان فيها.
المؤتمر، والذي يعد الثالث، ودشّن يوم أمس السبت (21 يونيو/ حزيران 2014) بتنظيم من دائرة شئون المرأة بجمعية الوفاق تحت شعار: «أنا هنا... المرأة البحرينية»، أوصى بتشكيل لجنة وطنية لمتابعة وضع المرأة والانتهاكات التي تمارس ضدها، وإعداد برنامج لتأهيل المرأة البحرينية من الناحية السياسية وصولاً بها إلى درجة الاحتراف السياسي لتكون قادرة على إدارة الشأن العام، وتفعيل المبادرات النسوية لتأهيل المرأة حقوقياً وإعلامياً وسياسياً بمساندة المؤسسات ذات العلاقة.
هذا وتم إصدار بيان في ختام المؤتمر جاء فيه: «تعرضت المرأة البحرينية منذ بدء الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد إلى عدد من الانتهاكات، منها 13 شهيدة جراء القمع والترويع وفصل 120 طالبة من التعليم الجامعي وفصل 308 عاملات في القطاع العام و47 من القطاع الخاص، إذ بلغت نسبة المفصولات بحسب إحصاءات الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ووزارة العمل 25 و30 في المئة من إجمالي المفصولين عن العمل، من جانب آخر تعرضت 231 امرأة للاعتقال بحسب إحصاءات جمعية الوفاق بينهن 18 معتقلة لم تتجاوز أعمارهن 18 عاماً، أصغرهن تبلغ من العمر 14 عاماً، أضف إلى ذلك الآلاف من النساء ممن تعرضن للتحقيق في لجان تحقيق خاصة في العمل ومراكز الشرطة بصورة محطة للكرامة».
ومن بين جملة الرسائل الحقوقية التي وجهها المتحاورون للأمم المتحدة «نتمنى منكم العمل على التعامل مع القضية البحرينية بميزان العدالة الأممية»، «يجب أن تتوقف الحكومة في البحرين عن الإقصاء لطائفة معينة ونؤكد على تكافوء الفرص في مختلف الوزارات الحكومية والمؤسسات الخاصة وعدم التمييز»، «نتعلم من هيئتكم سيادة القانون وحقوق الإنسان والمساواة في الكرامة الإنسانية، ألا يستحق منكم شعب البحرين نظرة لأوضاعه كما هي نظرتكم لأوضاع البلدان الأخرى؟»، «انقذوا المعتقلات البحرينيات والمعتقلين جميعاً، المرأة في البحرين تعتقل وتعذب وتنتهك حرمتها صغيرة أو كبيرة مريضة أو سليمة، وبالأخض مرضى السكلر، انقذوهن»، «أريد أن أخبرك أن هناك قلب والدة يتفطر لاحتجاز جثة ابنها الشهيد»، «شعب البحرين يتطلع إلى دور كبير من جنابكم في المجال السياسي والحقوقي وأن يتعامل الشعب البحريني بكرامة وأن ينال حقوقه»، «الرجاء الضغط على الحكومة لتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق»، «أما آن الآوان لتدفعوا حكومة البحرين لمزيد من التمكين السياسي الفعلي للمرأة في مناصب صنع القرار، ومحاربة الوجود الشكلي لها في هذه المناصب؟».
هذا وألقى رئيس شورى الوفاق سيد جميل كاظم كلمة الافتتاح في المؤتمر، والتي لفت فيها إلى أن المؤتمر ركز على ثلاث محاور تتعلق بالجانب الحقوقي والسياسي والإعلامي، وهو الذي يصب في تمكين المرأة سياسياً، مشيراً إلى أهمية استمرار عقد هذه المؤتمرات العلمية والثقافية والتنموية لصياغة وصنع الكوادر النسائية وتدريبها لحمل المشروع.
ورأى ضرورة أن يكون لدى الوفاق بشكل خاص والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بشكل عام توجه مستمر لعقد هذه المؤتمرات والمنتديات التي تبرز دور المرأة ليس فقط في الجانب السياسي بل حتى الجانب الثقافي والتنموي، إذ قال: «أعتقد أنها مسئولية كبيرة أن نخطط لكيفية إعداد الكوادر لتحمل المشروع، فكل الشكر لدائرة المرأة بالوفاق في عقد هذا المؤتمر بالرغم من الصعوبات والواقع الأمني الذي تمر به البلاد».
وأضاف «هناك رؤية للوفاق قد ترتقي في المستقبل إلى استراتيجية لكي تكون المرأة في الموقع القيادي المتقدم، سماحة الأمين العام عندما تحدث في إحدى المهرجانات عن أن المرأة ستكون في قائمة الاستحقاق السياسي المقبل، أتصور أنه يتحدث عن رؤية نتمنى أن تتحول إلى استراتيجية».
ومن جانبها، لفتت رئيسة دائرة شئون المرأة في الوفاق في المؤتمر أحلام الخزاعي، إلى أن المؤتمر تطرق إلى كيفية السعي إلى تمكين المرأة سياسياً، حقوقياً، وإعلامياً، عبر جلسات تخصصية سعى من خلالها التوصل لتوصيات عملية تشرف على تنفيذها لجنة خاصة لمتابعة التوصيات.
وأشارت إلى أن المؤتمر يأتي ضمن برامج دائرة شئون المرأة المهمة، منوهة إلى عقد مؤتمرين سابقين للمرأة من تنظيم الدائرة كان آخرها مؤتمر المرأة الوطني العام الماضي، وتميز بمشاركة ضيفات من الداخل ومن الخارج، سواء في تقديم أوراق عمل، أو بالمداخلات والمشاركة في جلسات النقاش.
وقالت: «مؤتمرنا لهذا العام تميز بمشاركة الرجل لأول مرة في جلسات العمل، بل وفي تقديم أوراق العمل وإدارة الجلسات، وذلك إيماناً منا بأن التغيير في أي جانب من جوانب المجتمع بحاجة لشراكة حقيقية بين المرأة والرجل لبلوغ الغايات».
وفيما يتعلق بأهداف المؤتمر، قالت: «إن المرأة البحرينية أوصلت رسائلها عبر كل الميادين، في الاقتصاد والسياسة والحقوق وفي الإعلام، في الهندسة والطب في التربية وفي الفن وفي الثقافة والأدب، بل وحتى في ميادين النضال، فكانت المعتقلة والمفصولة، والمعذبة، والمسجونة، والشهيدة».
وفيما يتعلق بجلسات المؤتمر، والتي تضمنت جلسات سياسية، حقوقية وإعلامية، منها جلسة بشأن الاحتراف السياسي للمرأة البحرينية «فرص وتحديات» قدمها المساعد السياسي لأمين عام جمعية الوفاق خليل المرزوق، تحدث فيها عن حقوق المرأة التي يكفلها لها القانون والمواثيق الدولية، فيما تناولت إحدى الجلسات الحقوقية مسألة دور المرأة في التنمية الحقوقية والتي أعدتها كل من إيمان الحبيشي وزهراء مهدي، وتمت الإشارة في الورقة إلى أن المرأة البحرينية دخلت بشكل ملحوظ المجال الحقوقي فأمست ترصد «الانتهاكات» وتخاطب المؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان وتقود حملات الدفاع عن حق الإنسان في التعبير عن رأيه وممارسة حرية معتقده، مستشهدة بالعهود والمواثيق المحلية والدولية، وبذلك برزت العديد من القيادات النسائية الحقوقية التي كانت محط استهداف من قبل السلطة، على حد ما جاء في الورقة.
كما وجاء في الورقة دعوة لكل امرأة للتصدي ورفض ما وصف بعمليات التهام فئات المجتمع لبعضها البعض بفتح ممرات وطرق للتحاور والتفاهم، في حين تم تدشين جلسة حقوقية ثانية لطرح الآليات المتاحة للمرأة البحرينية لتقديم الشكاوى بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان.
أما الجلسة الإعلامية فقد أعدت ورقتها سكينة خليل، تحت عنوان «المبادرة الإعلامية النسوية»، والتي تمت الإشارة فيها إلى «الطفرة الإعلامية في البحرين بعد الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011»، واستشهدت فيها بتقرير نادي الإعلام الاجتماعي العالمي بشأن نسب المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي، وموقع البحرين عربياً في هذا الصدد، إذ تمت الإشارة إلى أن الإحصاءات بيّنت أن الإعلام «الشعبي» غطى الساحة، وأخذ دور الريادة في نقل الخبر بالصورة والنص والفيديو؛ مما جعل الإعلام الرسمي رغم ضخامة موازنته غير قادر على التسابق مع الإعلام الشعبي، على حد ما جاء في الورقة.
وتطرقت الورقة إلى «الانتهاكات» بحق الإعلاميين في البحرين، إذ صنفت منظمة (مراسلون بلا حدود) البحرين كواحدة من أخطر المناطق على الصحافيين في العالم وخلال العام 2012 وثقت 40 حالة انتهاك للإعلاميين، بينها حالة قتل لمصوّر، وتم تصنيف البحرين من أشد أعداء الإنترنت، وفي العام 2013 وصلت حالات انتهاك الصحافيين إلى 53 حالة متنوعة».
كما وتناولت الورقة عدداً من المحاور والمفاهيم، منها مصداقية الخبر والشائعات، الدقة والخبر الحصري والعاجل فضلاً عن تناولها لنموذج المرأة البحرينية إعلامياً والمشاركة الإعلامية في الحراك السياسي المتمثل في التوثيق، النشر في مواقع التواصل الاجتماعي، البروز كوجه إعلامي إلى جانب تطرقها إلى المبادرات النسوية الإعلامية، والتي منها منظمة برافو، بسمة، أنا حر، ابن الشهيد ابننا.
وتطرقت إلى صورة المرأة البحرينية في الإعلام، فيما أوصت بإقامة حملة إعلامية توعوية تبين للإعلاميين أهمية الدمج بين أخلاقيات الإعلام والحدود الشرعية، تنظيم ورش إعلامية متخصصة لتدريب الإعلاميين على العمل الإعلامي الميداني، العمل على استقراء ودراسة الوضع الإعلامي البحريني خلال الحراك السياسي، رعاية المبادرات الإعلامية النسوية وتشجيع النساء على تقديم الأفضل إعلامياً فضلاً عن إقامة مسابقة لأفضل صورة.
أما الجلسة الإعلامية الثانية فقد تناولت عرضاً لفيلم «الميدان» المرشح لجائزة الأوسكار مع نقد وتحليل بإدارة المخرج محمد الصفار.
هذا، وتم منح نائب رئيس جمعية المعلمين البحرينية (السابقة)، والتي تم حلها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية جليلة السلمان، على هامش المؤتمر جائزة بهية العرادي، والتي يتم منحها في كل عام لإحدى النساء الفاعلات في الوطن، وجاء منح السلمان الجائزة وفقاً لما ذكر في المؤتمر لأنها أنموذج للمرأة البحرينية المعطاء، وشاهد حي للمرأة البحرينية التي تعرضت لشتى الانتهاكات، ولعلمها وكفاءتها التي أهلتها للوصول إلى منصب المدير المساعد في إحدى المدارس الحكومية وشغلها لمنصب نائب رئيس جمعية المعلمين البحرينية سابقاً، وكونها صوتاً مدافعاً عن حقوقهم لسنوات، ولتعرضها للفصل تعسفياً من العمل على خلفية الأحداث السياسية، ومن ثم احتجازها في السجن الانفرادي لمدة ثمانية عشر يوماً، وتعرضها لسوء المعاملة.
العدد 4306 - السبت 21 يونيو 2014م الموافق 23 شعبان 1435هـ