العدد 4305 - الجمعة 20 يونيو 2014م الموافق 22 شعبان 1435هـ

مني ومروزان: السنابس قبل 100 عام

من أقدم الخرائط الرسمية التي نشرت وتوثق الغالبية العظمى من قرى البحرين، هي تلك الخارطة التي نشرها لوريمر في كتابه «دليل الخليج العربي» الجزء الجغرافي، وذلك في العام 1908. قبل هذا التاريخ لم يتم توثيق العديد من القرى على الخرائط الرسمية، إلا أنه كان هناك عدد من المحاولات لرسم خارطة لجزر البحرين لكنها لم تكن دقيقة. وربما كان هذا أحد الأسباب التي جعلت الرحالة الذين زاروا البحرين في القرن التاسع عشر الميلادي غير قادرين على تحديد أسماء المناطق في البحرين بصورة دقيقة. على سبيل المثال، في الخارطة التي أعدتها الجمعية الجغرافية الملكية في العام 1890 تم تحديد عدد من القرى والمناطق على الخارطة بصورة دقيقة، لكن يوجد بها خطأ في تحديد منطقة البلاد القديم (Bent 1890)؛ حيث تم اعتبار المنطقة الواقعة غرب المنامة، بما في ذلك جدحفص والسنابس، على أنها البلاد القديم، على اعتبار أنها المدينة القديمة مقارنة بمدينة المنامة الجديدة. وكذلك، Durand في العام 1880 أخطأ في تحديد حدود البلاد القديم، حيث يذكر Durand أن مسجد الخميس، المشهد، يقع بالقرب من البلاد القديم وليس في البلاد القديم (Durand 1880). يذكر أن Durand سمى مسجد الخميس باسم «مشهد أبو زيدان»، وهذه التسمية تم توارثها، فقد ذكرها Bent باسم «مدرسة ابو زيدان»، وهذه التسميات ذكرها لوريمر أيضاً في دليله (Lorimer 1908, V.2, 255).

وهناك أخطاء ترتبت على عدم التحديد الدقيق لحدود القرى، حيث يذكر Durand أنه عثر على حجره الشهير في مدرسة داود في البلاد القديم (Durand 18880)، على رغم أن هذه المدرسة هي مدرسة داود بن أبي شافيز في جدحفص، وكذلك أخطأ في تحديد موقع تلال قبور جدحفص، وهذا ما سنناقشه بالتفصيل في حلقات مقبلة. أما في هذا الفصل فسنتناول جزءاً من الساحل الشرقي الشمالي لجزيرة البحرين والذي كانت تطل عليه عدد من القرى، وهذه القرى لم توثق إلا في العام 1908، أما الآن فقد أصبحت غالبيتها من القرى المجهولة، وحتى آثارها.

السنابس قبل 100 عام

لم تكن حدود السنابس القديمة كما هي اليوم، فقد كانت قرية صغيرة من ضمن ست قرى كونت، بالإضافة إلى المنطقة المدفونة، قرية السنابس الحالية. فالسنابس الحالية كانت في السابق تتكون من خمس قرى أساسية هي: السنابس القديمة، والجبلة، ومني، ومروزان، وفلاة، بالإضافة إلى جزء من قرية البجوية، وقد عمم اسم قرية السنابس القديمة ليشمل باقي القرى. وفي مطلع القرن العشرين وصف Lorimer السنابس القديمة بأنها قرية تقع على الساحل الشمالي في منتصف المسافة بين المنامة وقلعة العجاج، ويبلغ عدد سكانها 1500 نسمة من البحارنة الذين يعملون ببناء القوارب وصيد السمك وتجارة اللؤلؤ، وقد كانت تطل على البحر بامتداد نصف ميل يوجد بها مسجد فخم، وهي غنية بالأراضي الزراعية حيث كان يوجد بها 900 نخلة، وكان يقف في مرفئها قرابة ثلاثين قارباً لصيد اللؤلؤ منها بقارتان و23 شوعيّاً وسمبوك (Lorimer 1908, V.2, p. 227)، وهي بذلك تعتبر من أكبر مرافئ جزيرة أوال.

السنابس الشرقية

السنابس الشرقية هو مسمى حديث أطلق مؤخراً ليشمل أربع قرى كانت معروفة في السابق، وكانت تحيط بها العديد من البساتين، مثل: المقسم، الجابرية، أبو حلاوة، السكينية، شنوسان، البجوية (سيف 2003، ص 81). وقد سبق أن ذكرنا، في الحلقة السابقة، مدى ثراء هذه المنطقة وكذلك منطقة مروزان منذ القرن الثاني عشر الميلادي. وقد كانت السنابس الشرقية عبارة عن ثلاث قرى هي: الجبلة ومني والبجوية.

1 - الجبلة

الجبلة أو جبلة مني، وصفها Lorimer بأنها تقع على الساحل الشمالي على بعد ميل واحد غرب قلعة المنامة، وبها 30 كوخاً للبحارنة الذين يعملون بزراعة النخيل وصيد اللؤلؤ وبناء القوارب، وتوجد بجوار مزارع النخيل (Lorimer 1908, V.2, p. 220).

2 - مني

مني اسم قديم لهذه المنطقة ذكر منذ القرن الثاني عشر الميلادي في ديوان ابن مقرب العيوني (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 2996 - 3000). وقد وصفها Lorimer بأنها تقع على الساحل الشمالي على بعد ميل ونصف غربي قلعة المنامة، وأن بها 20 كوخاً للبحارنة الذين يعملون بزراعة النخيل وصيد الأسماك، ويقدر عدد النخيل بها بنحو 19.000 نخلة (Lorimer 1908, V.2, p. 224)

3 - بجوية

ذكرت البجوية على أنها أحد البساتين بالقرب من قرية مني (سيف 2003، ص 81)، لكنها كانت في السابق قرية وكانت تمتد من جنوب قرية مني وتصل حتى مقبرة أبي عنبرة، وقد هجرت هذه القرية وذابت حدودها وتداخلت بين مني وجدحفص ويبدو أن التسمية اختزلت في اسم أحد البساتين. وقد وصف Lorimer هذه القرية بأنها تقع على بعد ميلين إلى غرب الجنوب الغربي لقلعة المنامة، وبها 20 كوخاً للبحارنة والسكان من زراع النخيل ويبلغ عدد النخيل 750 نخلة (Lorimer 1908, V.2, p. 218).

الفلاة أو الضاحية الشرقية للسنابس

الفلاة هي الزاوية الشمالية الغربية للسنابس والمطلة على البحر، وقد ذكر Lorimer أنها تقع على الساحل الشمالي على بعد ميل ونصف شرقي قلعة عجاج، وبها حوالي 30 كوخاً يسكنها البحارنة الذين يعملون بصيد اللؤلؤ وزراعة النخيل، وهي الضاحية الشرقية للسنابس وتقع بين الساحل وحدائق النخيل (Lorimer 1908, V.2, p. 219).

وملاصق لمنطقة الفلاة أحد المضاعن (مقيض أو مصيف)، وهو البدعة، الذي ذكر Lorimer أنه يقع على الساحل الشمالي فيما بين السنابس وكرباباد، وهو مكان مفضل في الصيف يلجأ إليه سكان المدينة وينصبون به أكواخاً من سعف النخيل (Lorimer 1908, V.2, p. 218).

تلال مروزان

سبق أن تطرقنا إلى جزء من تاريخ مروزان في الحلقة السابقة، وتطرقنا أيضاً إلى تلال القبور في مروزان. وتمتد هذه القبور في المنطقة المشتركة للأطراف الغربية لقريتي مروزان وجدحفص، وقد نقب فيها كل من Cornwall في العام 1941 واسماها تلال مروزان (Porter and Boutin 2012)، وHigham في العام 1969م (During-Caspers 1980)، وهذه التلال الأخيرة عرفت باسم تلال جدحفص (Salles 1983). لا نعلم تحديداً بعدد هذه التلال، لكن أقدم ذكر لها جاء في تقرير Durand إلا أنه أخطأ في تحديد اسم المنطقة، فهو يعتبر أن هذه المنطقة هي جزء من البلاد القديم (Durand 1880) وبذلك توهم البعض أن هناك تلال قبور في البلاد القديم الحالية.

هذه التلال تمت إزالتها، ورصف مكانها شارع البديع وجزء من شارع الشيخ خليفة بن سلمان الذي يتقاطع مع شارع البديع، وقد كانت التلال تمتد على جانبي موقع (كوبري القدم) حاليّاً، ولم يبق منها إلا تل واحد بالقرب من مدرسة جدحفص الثانوية للبنين. ولا يعلم ما هي الآثار الأخرى التي طمست مع دفن هذه التلال. لكننا نعلم أن على مقربة من هذه التلال شمالاً يوجد موقع أثري نقب فيه Cornwall والذي رجح وجود معبد دلموني فيه (انظر الحلقة السابقة). وجزء من هذا الموقع الأخير تم التنقيب فيه مؤخراً، وهذا الموقع يدل على وجود عاصمة سياسية قديمة للبحرين في هذه المنطقة. فما طبيعة هذه الآثار؟ .. (يتبع).

العدد 4305 - الجمعة 20 يونيو 2014م الموافق 22 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً