العدد 4305 - الجمعة 20 يونيو 2014م الموافق 22 شعبان 1435هـ

حين تكون الطائفة أولى من الإنسانية والدين

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

ما يحدث في العالم العربي من أحداث وتطورات أخيرة، أزاح الأقنعة عن وجوهٍ كثيرةٍ على امتداد الحدود العربية كانت ترتدي قناع الاعتدال أو تحاول ارتداءه؛ فتجد هنا من يؤيد ما تقوم به الجماعات التكفيرية الإرهابية في ذاك البلد، وتجد هناك من يبارك ما قامت به «داعش» من قطع لرؤوس المختلفين عنها مذهبياً وسياسياً، بينما تسمع هنا وهناك من يتمنى لو أنه معهم فيحظى بركل رأس مقطوعة كانت في يوم من الأيام على جسد بريء لا ذنب له سوى أن مذهبه لم يرق لإرهابي فقطعه، ومنهم من أغمض عينيه عن الأعلام السود و«داعشية» التصريحات والخرائط التي يحملها «مغول العصر» في العراق فيصرح بأنها لثوار من العشائر العراقية انتفضوا على الفساد، متناسين أنهم أنفسهم من اعتبروا «داعش» هذه مارقة وإرهابية لا يجب السكوت عنها!

لا نختلف أبداً على أن الدول العربية جميعها بحاجة لإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي وعلمي شامل، ولكن أن يبارك أحدٌ من المحسوبين على قادة الرأي في وطنٍ ما، قتل الأبرياء ويساند بالقول والمال ما يراه ثورةً شعبيةً في بلدٍ معين، بينما يغضّ الطرف عن ظلمٍ واستبدادٍ وفسادٍ يعاني منه وطنه ويغرق به، فذلك عين التناقض الذي لو أعدناه لأصله لوجدناه تناقضاً لصالح الطائفة وضد غيرها من طوائف، حتى باتت المعادلة مختلفة: انصر طائفتك مهما كانت أخطاؤها وجرائمها وتحدث باسم حقوق الإنسان متناسياً ما يحدث في بلدك والذي قد يكون أشد وأعتى.

هذا التناحر الذي يحدث اليوم باسم الدين، يجعلنا في موقفٍ محرجٍ حين يظهر أحد المتشددين من الديانات الأخرى، فيتّهم ديننا الإسلامي السامي بأنه دين إرهابٍ وقتل ودينٌ يقوم على دماء أبنائه، وحين يخرج آخر معتدٌّ بِعِرْقِه فيصف العرب باعتبارهم آبار نفط فقط، أو أجساداً ترتدي أغلى الماركات العالمية وتنسى ارتداء عقولها، وحين لا يرى منا الغرب إلا أننا شعوب ننحر بعضنا كما تُنْحَر الدواب ونمثّل بجثث بعضنا ونقتتل باسم الدين. هذه الأفعال تعيدنا لعصور الجهل والتخلف، وتبدّد كل ما حاول المغتربون من العرب تغييره من خلال جهود مضنية قاموا بها لتغيير صورة العرب في أذهان الآخرين، فأصبحنا اليوم بحاجة لتغيير هذه الصورة في عقولنا نحن قبل تبديدها من عقول الغرب.

ما ينتشر اليوم من تصريحات لبعض الدعاة وبعض النواب وبعض شيوخ الدين وبعض المثقفين حول ما يجري في العراق وقبله سورية وبقية الدول العربية الأخرى يجعلنا نتحسس أعيننا ونحاول قراءتها مرة واثنتين، أو نتحسس آذاننا ونسمعها مرات متعددة؛ كي نتأكد بالفعل من أن هؤلاء انسلخوا من إنسانيتهم وأظهروا طائفية بغيضة نستنكر وجودها في قلوب مَن مِن المفترض أن يكونوا خيرة القوم وأعقلهم، ولكن ما أظهره ويظهره المعتدلون في هذه الدول يجعلنا نحمد الله أن سعار هؤلاء ونعيقهم لن يغيّر شيئاً في عقول من أحبوا الله وعرفوا الإسلام الحقيقي المتسامح وانتصروا للإنسانية قبل الطائفية.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4305 - الجمعة 20 يونيو 2014م الموافق 22 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:31 ص

      صحيح

      كلام في التصميم ، لذلك قامت المرجعية في النجف بالدعوة للجهاد ضد من يحاول تغيير الوضع ، وهذا سلوك ليس طائفي ولا يقصد منه المكون السني في العراق ولا يسبب اي فزعة طائفية

    • زائر 10 | 3:00 ص

      حفيد بن مهزع

      شكر الله لكي أستاذه سوسن فمهما سعى المفتنون في ارض البحرين فلن ينالو مطالبهم لشعبنا الأصيل أبا عن جد متحابون بينهم فاجدادنا تسكن المنامه وتجاور المآتم ولم تكن هناك طائفية فالجميع أخوة حتى وصلتنا تلك الفتن من أشخاص ليس لهم جذور في ارض البحرين وحدث ما حدث وبفضل كتابات الأخوة في صحيفة الوسط ستحارب تلك الفتن بإذنه تعالى .

    • زائر 9 | 2:32 ص

      احدهم يقول ليس ما تكلمتي عن فساد الماكلي وبشار!!!!

      الجهل اذا عشعش فلا دواء له. بدل ان ينتقد مقالك ويفنده بأدلّة قفز رأس الى قضية سوريا وقضية المالكي. طيب انت ضمنا حين تقفز على موضوع دون ان تفند الموضوع الاول فذلك يعني اعترافا منك بصحة ما ذكر من كلام.
      ليس لديهم منطق يناقشون فيه ودائما حين نطرح قضيتنا الوطنية يقفزون على قضية سوريا!! مالنا ولسوريا؟ وهل نحن المسؤولون الذين خوّلهم الله بتعديل العالم بالقوة؟ كل بلد فيه شعب يستطيع المقاومة والتضحية من اجل نيل حقوقه ولكن
      جلب بشر لا يعرفون شيء من الديمقراطية وحقوق الانسان ليبثوا ما فقدوا

    • زائر 8 | 2:18 ص

      أزعجتك لأنها انتقدت داعش؟

      لماذا قفزت على موضوعات اخرى دون ان تردّ على كلامها؟
      هذا دليل عجز حين تقول لشخص هذا الانسان فاسد او ظالم فبدل ان يفند كلامك يقول لك فلان ايضا فاسد وظالم وذلك يعني ضمنا انك اعترفت بصح ما ذكر الكاتب فقط تريد اشراك ظلم وفساد الآخرين للتخفيف من ظلم .............يا ذكي

    • زائر 4 | 1:38 ص

      اختي العزيزة

      اختي العزيزة انتي ايضا اصبحتي ..........في مقالك ذكرني داعش وذكرتي تكفيريين و و و ولاكن لم تذكري اي من مظلومين اهل السنة في عراق وايران ولم تذكري اي شي من اجرام بشار فرجاء لما تكتبين شي ابعدي عن ..........نحن قرائك

    • زائر 5 زائر 4 | 1:59 ص

      كلام الكاتبة في نقطة واضحة وهي القتل

      الكاتبة تحدثت عن القتل والنحر ، فهل رأيت شيعيا نحر سنياً؟
      هي لم تتحدث عن الحقوق ، حتى تتحدث عن حقوق السنة او الشيعة، مع انها قالت ان الدول جميعها تحتاج الى اصلاح شامل.

    • زائر 7 زائر 4 | 2:16 ص

      ايران وبشار فقط هذه شماعتكم وماذا عن باقي الانظمة العربية الظالمة

      انت ايضا لا ترى ظلما الا في الشيعة فقط وعينك عوراء بل نظرك يحتاج لتصحيح لأنك تذهب بعيدا لترى فساد وظلم انظمة بعيدة ولا ترى ما هو قريب منك وحولك فلا تطالبنا بالحول او قصر النظر.
      اشعلتم حربا في سوريا ودمرتم سوريا ثم الآن حولتم بوصلة التدمير الى العراق.
      ايران والعراق بهما انظمة ديمقراطية وان كانت ذات بعض العلل فيها لكن رؤساها تبدلوا خلال العقدين الماضيين وهذه اخر فترة للمالكي مها كان سيئا سيذهب

    • زائر 3 | 1:36 ص

      وعدنا الرسول الاكرم بالانحدار الاخلاقي واقتفاء الامم السابقة

      كل منا يعيب على اليهود اخلاقياتهم ولكن الرسول الأكرم ص اخبر خبرا رافقه التأكيد (لتحذونّ أمتي حذو بني اسرائيل) (لتحذونّ حذو الامم من قبلكم) الكلام منقول بالمعنى وليس بالنص والمدلول انّ الاسلامية ستقتفي الاخلاقيات السلبية لدى الامم السالفة قبل الاسلام وكرر الحديث لحتمية حصوله وها نحن نشهد ذلك. والادهى ان الكل يعرف ذلك ولكنه لا يهتم لذلك ابدا

    • زائر 1 | 11:01 م

      لدي حلم

      اكثر معتقداتنا مؤسسة علي الحلم. حلمت بان مشاكلنا الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العلمية كلها محلولة بعد مليون سنة. استيقظت من الحلم و حمدا رب العالمين. الحلم اراحني و طمنني علي مستقبلنا و نمت مجددا.

اقرأ ايضاً