يسعي تحالف عالمي جديد لجمع شمل أتباع مختلف الديانات للتغلب، من خلال الحوار، علي الهوة القائمة بين أولئك الذين ما زالوا يتحدثون عن "ربنا" و "ربكم"، وذلك علي أمل بناء مجتمع عالمي يحتضن المؤمنين بكل الأديان، وذلك بحسب ما نقل موقع انتر بريس سيرفيس "آي بي إس".
في هذا الشأن، صرح الأمين العام للمؤسسة الدولية "مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات"- فيصل عبد الرحمن معمر أنه لا توجد صراعات دينية.. فالدين يرفض الصراع... والعنف باسم الدين هو عنف ضد الدين".
ويذكر أن "مركز الملك عبد الله عبد العزيز العالمي للحوار بين الثقافات والأديان"، ومقره في فيينا، هو مؤسسة دولية أسستها المملكة العربية السعودية بمشاركة النمسا واسبانيا وعضوية الفاتيكان كعضو مراقب. ويضم مجلس إدارة المركز ممثلون رفيعو المستوى عن الديانات الرئيسية في العالم (اليهودية والمسيحية والإسلام والهندوسية والبوذية) وكذلك مختلف الثقافات في العالم.
وللمركز "منتدى إستشاري" مكون من نحو 100 عضو من الديانات الأخرى والمؤسسات الثقافية والمنظمات الدولية، بغية توفير المزيد من منظور الأديان والثقافات. ويسعي المركز أساسا إلي تعزيز عملية إشراك وتمكين المنظمات الدينية المحلية والقيادات الدينية في مجال حفظ السلام ومنع الصراعات والتنمية.
هذا ويقدر المركز أن ثمانية من بين كل 10 شخصا في العالم يتبع دينا ما وأن أغلبيتهم يصنفون أنفسهم كأفراد محبين للسلام.
وأضاف الأمين العالم للمركز فيصل عبد الرحمن معمر، أنه للأسف "إختطف" سياسيون ومتطرفون، الطبيعة المتسامحة والسلمية لممارسة الشعائر الدينية في خدمة غاياتهم الخاصة بهم، وهي في كثير من الأحيان عنيفة ومثيرة للانقسام.
وشدد علي أنه فقط من خلال الحوار المستمر، يمكن تمكين الناس من التغلب على خوفهم من "الآخر"، والعمل من أجل عالم أكثر شمولية وتسامحا.
هذا ولقد جاء توقيت صعود مركز الملك عبد الله عبد العزيز العالمي للحوار بين الثقافات والأديان على خشبة المسرح العالمي مواتيا للغاية. فقد بينت دراسة جديدة أجراها مركز "بيو" للأبحاث المستقلة في 198 بلدا تأوي 99.5 في المئة من سكان العالم، أن الأعمال العدائية الاجتماعية ذات "الصبغة" الدينية، آخذة في الارتفاع في كل القارات باستثناء القارة الأمريكية.
كما بينت الدراسة أن عدد البلدان التي تشهد أعمال عنف إرهابية مرتبطة بالدين قد تضاعف خلال السنوات الست الماضية. وفي عام 2012، سجل 20 في المئة من دول العالم تصاعد مثل هذه الأعمال، بالمقارنة بنسبة تسعة في المئة في عام 2007".
كذلك فقد شهد نصف بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عمليات عنف طائفي في 2012، وهو ما يرفع إجمالي المعدل العالمي للدول التي تواجه مثل هذه الأعمال إلى 18 في المئة مقارنة بنسبة ثمانية في المئة في عام 2007، وفقا للدراسة.
وفي سنة واحدة، بين عامي 2011 و 2012، ارتفع عدد البلدان التي تعاني من مستوى عال جدا من الأعمال العدائية الدينية من 14 إلي 20 دولة، في حين شهدت ستة من تلك البلدان -سوريا ولبنان وبنغلاديش وتايلاند وسريلانكا وبورما - عددا قليلا نسبيا من الأعمال العدائية في عام 2011 بالمقارنة بعام 2012.
كذلك فقد ساءت الأمور أيضا بالنسبة للأقليات الدينية، وفقا لهذه الدراسة، حيث أبلغت 47 في المائة من البلدان التي شملتها الدراسة عن إعتداءات تستهدف الأقليات، وذلك بالمقارنة بنسبة 38 في المئة في عام 2011.
وكمثال، أشارت الدراسة إلي أنه "في سري لانكا ذات الأغلبية البوذية، هاجم الرهبان أماكن العبادة للمسلمين والمسيحيين، بما في ذلك ما أبلغ عن مهاجمة مسجد في بلدة "دامبول" في أبريل 2012، واحتلال كنيسة السبتيين بالقوة في بلدة "دينييايا" وتحويلها إلي معبد بوذي في أغسطس 2012".
إنها صورة قاتمة لا شك في ذلك، لكنه يمكن تغييرها بسهولة، وفقا لأمين عام مركز الملك عبد الله عبد العزيز العالمي للحوار بين الثقافات والأديان الذي اجتمع مع الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الاسبوع الماضي، للتخطيط للتعاون الممكن بين المنظمة الأممية وهذا المركز العالمي من أجل تحقيق هدف وقف أعمال العنف المرتبكة تحت راية الإسلام.
في هذا الشأن، تلتزم الأمم المتحدة بالفعل بقضية التفاهم بين الأديان والسلام من خلال الحوار. كما تنص مهام منظمات أخري، مثل "تحالف الحضارات"، علي هدف تعزيز التفاهم بين البلدان أو الطوائف بغية منع الصراعات وتعزيز التماسك الاجتماعي.
لكن الرؤى رفيعة المستوى لا يمكن أن تصبح حقيقة واقعة دون تركيز الجهود لإشراك القاعدة الشعبية، وفقا لمركز الملك عبد الله عبد العزيز العالمي للحوار بين الثقافات والأديان. ويشار إلي أن المركز، فقط في العام الثاني من انطلاق عملياته، قد حقق بالفعل نتائجا ملموسة، بما في ذلك الحوار الناجح بين الأديان في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث قتل المئات من المواطنين أكثر من 500،000 مواطنا عن ديارهم منذ اندلاع الصراع في عام 2012.
وصرحت مديرة البرامج في المركز- هيلاري يزنر - "لقد عملنا منذ 8-09 مايو مع القيادات الدينية في جمهورية أفريقيا الوسطى وضمنا تواصلهم مع الزعماء الدينيين في البلدان الأفريقية الأخرى، للتأكد من أننا نعمل جنبا إلى جنب مع المنظمات الأخرى التي تقوم بنشاط مماثل".
وأضافت لوكالة إنتر بريس سيرفس، "نحن نعمل مع المجتمعات الدينية من الداخل، لا كمؤسسة علمانية من الخارج". وأفادت أن "هذا النهج يساعد على تعزيز الشعور بالثقة بين المركز ورجال الدين المحليين... وهذا أمر بالغ الأهمية، حيث تشكل المنظمات الدينية مجتمعة أكبر مؤسسة للمجتمع المدني في العالم".
في هذا الشأن، أفادت المديرة التنفيذية لـ "حوار الأديان للتنمية العالمية" الذي يسعى إلى سد الفجوة بين الدين والتنمية العلمانية كاثرين مارشال - أن "ما بين سبعة و 70 في المئة من إجمالي خدمات الرعاية الصحية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يتم توفيرها من قبل منظمات ذات جذور دينية".