يعتبر التنظيم النقابي شرطاً أساسياً للحوار الاجتماعي الحر والديمقراطي، بل وواحداً من الأمور الضرورية التي تصاحب تطور المجتمعات وتقيها من الانتهاكات وذلك تحت إطار حقوقي لا يخرج من مواثيق حقوق الإنسان ومعايير منظمة العمل الدولية. ولذا فإن أي عامل يجب أن يكون له حق العضوية في النقابة مهما اختلفت طبيعة عمله ووظيفته أو حتى البلد الذي يعمل فيه.
وتاريخياً فإن البحرين تعد من أوائل دول الخليج العربية التي انطلق فيها الحراك النقابي، وقد ناضلت من أجله الحركة العمالية البحرينية منذ ثلاثينات القرن الماضي في العام 1938، أي بعد اكتشاف النفط في البحرين بعدة سنوات من العام 1932. وكان أول تحرك انطلق مع عمال «بابكو» (عمال شركات النفط) الذين طالبوا بتشكيل نقابة عمالية تحفظ حقوقهم، واستمر هذا النضال في خمسينات القرن الماضي ومن ثم تم تشكيل اتحاد العمل البحريني كتنظيم نقابي عمالي واستطاع أن يشارك في إعداد وإصدار قانون العمل لعام 1957، وشارك في صوغ باب خاص عن النقابات من دون تمييز بين القطاعين العام والخاص.
وعندما استقلت البحرين في العام 1971 تم التحرك على المطلب النقابي لتشكيل نقابات في كلا القطاعين العام والخاص، وفي عامي (1973 - 1974) تشكلت النقابات من دون تمييز في القطاعين العام والخاص في كل من شركة نفط البحرين (بابكو) وشركة البرق واللاسلكي وشركة طيران الخليج وألبا ووزارة الصحة ودائرة الكهرباء، ولولا تطبيق قانون أمن الدولة (السيئ الصيت) في العام 1975 وحل النقابات لاستمر التشكيل النقابي من دون تمييز في كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وتواصل المطلب النقابي والحرية النقابية في ظل قانون أمن الدولة من خلال العرائض التي رفعتها اللجنة العامة لعمال البحرين في العام 1996.
وفي الوقت الحالي يأتي الحديث بقوة في أروقة الأمم المتحدة بين الدول المصدرة للعمالة المهاجرة وبين الدول المستقبلة لهذه العمالة بأن دول الخليج عليها تحسين قوانين للحد من الانتهاكات التي تصيب عمالتها، ولكن كما يبدو من قراءة المشهد المعاش في الساحة الخليجية والبحرينية فإن الأمر لا يكفي بتغيير القوانين فقط ولكن يجب أن يصاحبه وعي وإلمام تام بأهمية إنشاء وتشكيل وحرية العمل النقابي.
ورغم أن البحرين هي البلد الخليجي الوحيد في المنطقة الذي يسمح بعضوية العمالة المهاجرة إذ تشكل 10 في المئة بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين - حسب إحصاءات الاتحاد الذي يضم عضوية 12 ألف عامل - إلا أنها مقتصرة على القطاع الخاص وهي مثلاً لا تنتسب في عضويتها عاملات المنازل تبعاً لمعايير منظمة العمل الدولية. بينما الأمر غير مسموح به حتى الآن في نقابات الكويت وسلطنة عمان، أمّا في قطر والإمارات والسعودية فهو منعدم كلياً؛ إذ أن القوانين هناك لا تسمح بإنشاء النقابات من حيث المبدأ حتى للمواطنين وليس فقط للعمالة المهاجرة.
والكويت اليوم مثلاً تتعامل بشكل جزئي مع وضع العمالة المهاجرة؛ إذ قامت بإنشاء مكتب لحماية حقوقها يتبع الاتحاد العام حتى الآن، لكن في البحرين فإن القانون النقابي الذي صدر في العام 2002 يعتبر متقدماً لأنه لم يتحدث أصلاً عن جنسية المنتسب ولذا فإنه يسمح لغير البحريني بالانتساب.
ولذا فإن غياب حق التنظيم النقابي والتمثيل العمالي هو شكل من أشكال المغالطة؛ إذ تبقى هذه الإصلاحات جزئية ولا تسعى إلى الحماية الحقيقية لهم، والتي هي مسئولية إنسانية وأخلاقية اتجاه العمالة المهاجرة في بلدان منطقة الخليج ولبنان والأردن.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4302 - الثلثاء 17 يونيو 2014م الموافق 19 شعبان 1435هـ
عندما ننعم بالمساواة في بلدنا الحبيب
فقط حينها بإمكاننا التفكير في كيفية تطبيق حقوق العمالة الوافدة، أما الآن فأعتقد بأن ماتدعين له سيؤثر سلبا على المواطن البحريني في ظل غياب العدالة وتكافؤ الفرص. وبصراحة اخت ريم لا تستهويني مقالاتك في هذه الفترة، فنحن محتاجين لمن ينادي بحقوقنا اولاً لا بحقوق الأجانب في بلداننا ونحن نتجرع المر بسبب وقوفهم (بعلم او بغير علم) كصف دفاع اول في وجه حقوقنا.