منذ العام 2002 الذي أطلقت فيه منظمة العمل الدولية يوماً عالمياً لمكافحة عمالة الأطفال وحتى العام 2014، ظل اهتمام منظمة العمل الدولية يرتكز على ضرورة الحد من انتشار ظاهرة عمالة الأطفال حول العالم، وظلت منظمة «اليونسيف» تطرح مشاريع جديدة وخرائط طرق تهدف للقضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال حتى حلول العام 2016.
وفي 17 مارس/ آذار 2014 أطلق الفاتيكان مبادرة دولية للمساهمة في تحرير ملايين الأشخاص في العالم بما فيهم الأطفال، من ظلم الاستعباد الذي لايزال سائداً في العصر الحديث، ولكن على الرغم من كل هذه الدعوات والتمنيات الكبيرة بشأن حماية الأطفال من العمالة القسرية أو الاستجداء أو امتهان الجنس أو تصوير أفلام الجنس لأغراض المتاجرة وكسب الأموال، فإن الحقائق على أرض الواقع لاتزال تكشف الكثير من الانتهاكات الصارخة في حق الأطفال وحرمانهم من براءة طفولتهم وتعلمهم وتعلقهم بمباهج ورغبات وأحلام الحياة المتطورة العصرية.
وبالتزامن مع سنوات الأزمة الاقتصادية العالمية وتوسع مناطق الحروب والاضطرابات والكوارث الطبيعية وموجات الفقر، التي نتجت عن عدم استقرار العامل الاقتصادي والضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الموارد الطبيعية حول العالم، تزداد معدلات العمالة القسرية لدى الأطفال الأبرياء الذين يجدون أنفسهم مجبرين أو مضطرين للعمل من أجل رعاية أنفسهم أو مساعدة أفراد أسرهم الفقيرة والمعدمة والمسحوقة.
وتشير تقارير منظمة «اليونسيف» التابعة للأمم المتحدة، إلى وجود قرابة 158 مليون طفل دون سن الخامسة عشرة من العمر يعملون في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد لدى غالبيتهم سوى تحقيق حلم الحياة الجميلة والتغلب على أعباء الأمية التي تقوض مستقبلهم وتدفع بهم إلى متاهات ومآزق خطيرة. وتقول المنظمة الدولية أن طغيان عمالة الأطفال نتيجة عدم المساواة الاجتماعية والتمييز، قد يعزز من دورات الفقر بين الأجيال ويعمل على تقويض الاقتصادات الوطنية ويعرقل مسار التقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، التي وضعتها الأمم المتحدة لمكافحة عمالة الأطفال.
وتفيد تقديرات المنظمة الدولية، بأن هناك أكثر من 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم مابين 5 سنوات و14 سنة في البلدان النامية، وأكثر من 16 في المئة من مجموع الأطفال في هذه الفئة العمرية يتجهون نحو ممارسة المهن الصعبة والقاسية والمحرمة في القوانين الوطنية والدولية.
وأشار التقرير الأخير الصادر عن منظمة العمل الدولية للعام 2013 إلى أن حوالي 10.5 ملايين طفل في أنحاء العالم، 71 في المئة منهم فتيات، معظمهم دون سن العمل يعملون كخدم في المنازل في ظروف بالغة الخطورة وتكون شبيهةً أحياناً بتجارة الرقيق المحرمة دولياً؛ وحوالي 216 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعمل الكثيرون منهم بدوام كامل في جميع دول العالم. وفي أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى يعمل واحد من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 5 سنوات و17 سنة مقارنةً بواحد من كل 8 أطفال في قارة آسيا والمحيط الهادي، وواحد من كل 10 أطفال في أميركا اللاتينية.
ويبدو الأطفال في بعض الدول الأوروبية الغربية وخصوصاً دول المنظومة الاسكندنافية (الدنمارك والسويد والنرويج)، هم الأكثر فرحاً وسعادة وسلامة جسدية، حيث تحرص القوانين والاجراءات المعمول بها في جميع هذه الدول على مواجهة ظاهرة عمالة الأطفال القاصرين والأقل من 18 عاماً، وذلك بفرض قيود محكمة وصارمة على مشاركتهم في أسواق العمل المختلفة، التي يمكن أن تنتهك حقهم في الفرح والمرح والابتهاج والتعلم وممارسة هواياتهم المتعددة أسوةً بأقرانهم الأطفال السعداء والحالمين بمستقبل أفضل وتعويضهم عن مزاولة أية أعمال يمكن أن تعرض صحتهم الجسدية والعقلية والأخلاقية للخطر، بتلقيهم دورات تعليمية وتنشيطية وتأهيلية مدفوعة الأجر من صناديق الرعاية الوطنية للأطفال القصر.
ولذلك أثبتت كافة الدعوات والمشاريع الاستراتيجية المهمة، التي ظلت تطلقها منظمات العمل التابعة للأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات المدنية ذات الصلة بقضايا حقوق الأطفال في كل المناسبات، ولاسيما اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، التي تحتفي به الأمم المتحدة في 12 يونيو/ حزيران من كل عام، عجزها عن مواجهة ظاهرة العمالة لدى الأطفال بكل أشكالها الإنسانية والأخلاقية، التي مازالت تنتهك حقوق وأحلام الطفولة البريئة، وتحقيق أهداف القضاء الفعلي على عمل الأطفال، التي تعتبر إحدى الأدوات الرئيسة والمهمة المعتمدة لدى منظمة العمل الدولية منذ نشأتها في العام 1919 وحتى الآن. الأمر الذي يبرر توجيه الانتباه وتكرار الدعوة للعمل من أجل احتواء هذه الظاهرة ومحاصرتها ومعالجة أسبابها ومسبباتها بمختلف القوانين الرادعة والإجراءات المنسجمة مع التشريعات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية المعنية بحقوق الانسان، والتي يمكن أن تعول عليها مسائل تحرير الأطفال من متاعب الحياة الصعبة ومن كوابيس أسوأ أشكال عمل الأطفال المطلقة، التي عرفت في القوانين الدولية بالاستعباد والاتجار بالبشر والعمل لسداد الديون وسائر أشكال العمل الجبري وتوظيف الأطفال جبراً لاستخدامهم في الأعمال المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4302 - الثلثاء 17 يونيو 2014م الموافق 19 شعبان 1435هـ
الطفل هو الضحية
دائما يكون الاطفال هم ضحايا تربية خاطئة او نظام ظالم لا يعرف الرحمة ؟؟؟؟؟؟؟؟