كان الهدوء الملحوظ في سوق النفط يرجع إلى سهولة التنبؤ بمجريات الأمور في الشرق الأوسط إلى حدٍّ ما. أما الآن فقد صارت المنطقة أشد تقلباً بكثير وقد تلحق بها أسعار الخام.
ففي السنوات الثلاث الماضية شهد النفط استقراراً أكبر من أية فترة مماثلة على مدى أربعة عقود ليحوم سعر خام برنت حول 110 دولارات للبرميل. ولو لم تتراجع صادرات إيران بمقدار الثلثين منذ العام 2011 وتقيد العقوبات والحروب والاضطرابات الإنتاج العراقي لأكثر من عشر سنوات لكان الحفاظ على هذا الاستقرار أشد صعوبة. فكلا العاملين أبطل تأثير الزيادة السريعة في إنتاج دول أخرى.
غير أن موجة العنف الجديدة في العراق قد تقلب موازين السوق. فقوة المسلحين المتشددين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وضعف الجيش النظامي العراقي أربكا الحسابات السياسية في المنطقة. ويكمن الخطر في أن يمتد الصراع الخطير من سورية المجاورة إلى جميع أنحاء العراق.
واستوعب تجار النفط الأمر حيث زاد سعر برميل الخام دولارين يوم الخميس. لكن ذلك لا يساوي شيئاً مقارنة بما كان سيحدث إذا تسبب هذا الصراع حقّاً في تقليص إنتاج المنطقة بشكل حاد.
لذلك تتجه الأنظار الآن إلى السعودية وإيران. فلاتزال الدولتان عنصرين مهمين لاستقرار سوق النفط. وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية لشهر (مايو/ أيار 2014) إلى أن السعودية أكبر منتج للنفط في الشرق الأوسط إذ يبلغ إنتاجها نحو 9.75 ملايين برميل يوميّاً. وتنتج إيران 2.8 مليون برميل يوميّاً وهو ما يجعلها ثالث أكبر منتج للخام في المنطقة بعد أن تفوق عليها العراق في الآونة الأخيرة.
وتحظى السعودية بأهمية خاصة؛ لكونها تلعب دور المنتج المرجح (الذي يعوض نقص الإمدادات) في العالم منذ فترة طويلة لتساهم في الحفاظ على استقرار الأسعار.
وثمة أمور كثيرة على المحك بالنسبة إلى الدولتين اللتين تتمتعان بثقل إقليمي. فكل منهما سيتطلع إلى الإبقاء على الوضع الراهن في السوق. إلا أن الصعود السريع لقوة شديدة العداء لكل منهما يشكل خطراً جديداً داهماً.
من إدوارد هاداس
رويترز بريكنج فيوز
العدد 4301 - الإثنين 16 يونيو 2014م الموافق 18 شعبان 1435هـ