بسطنا في مساحة أخرى، واقع العملية الانتخابية للمجلس التأسيسي، الذي جاء لتمثيل شعب البحرين، بـ 22 عضواً منتخباً انتخاباً شعبياً حراً مباشراً، من خلال قانون نظام انتخابي، قسم البحرين إلى 8 مناطق انتخابية، تنتخب كل منطقة عدداً من النواب قريباً إلى التناسب مع كثافتها السكانية، قبالة مؤسسة الحكم، ممثلةً في عدد 8 معينين من قبل الأمير، إضافةً إلى الوزراء بحكم مناصبهم، بما لا يتجاوز 14 وزيراً (الواقع أنه كان هناك 12 وزيراً فقط، مثّلوا الحكومة).
وقد تدارس الجميع مسودة الدستور وصوت على مواده المنقحة المادة تلو الأخرى، بما أنتج دستور 1973، كأول دستور عقدي لنظام حكم أميري دستوري ديمقراطي، توافق عليه شعب البحرين ومؤسسة الحكم لتلك المرحلة السياسية. ثم تلته انتخابات المجلس الوطني (النواب) بذات النظام والمناطق الانتخابية، مع الاعتبار للعدد الإجمالي لأعضاء المجلس الوطني بـ 42 عضواً، 30 منهم منتخبين، و12 وزيراً بحكم مناصبهم، ليزيد عدد المنتخبين من بداية الفصل التشريعي الثاني إلى 40 نائباً كما هو منطوق المادة 43 من دستور 1973.
كانت أعناق البحرينيين مشرئِبَّة إلى المرحلة الجديدة من النظام الأميري الدستوري الديمقراطي، بما رسمه دستور 1973، وخصوصاً موضوع المشاركة الشعبية في الحكم، من خلال المجلس الوطني – السلطة التشريعية والرقابية، المستقلة الإنشاء والقرار بغالبية 30 عضواً منتخباً، وذلك لفصل تشريعي واحد، ثم بدءًا من الفصل التشريعي الثاني ليصبحوا أربعين عضواً منتخباً قبالة حد أقصى 14 وزيراً. كانت تلك المرحلة السياسية، بعد الاستقلال العام 1971، في نظامها الدستوري، والهيكل الديمقراطي التمثيلي، للتكوينات المواطنية السياسية والاجتماعية، بمثابة إرساء أساسات البناء للدولة المدنية الحديثة، بغض النظر عن قصور هنا أو هناك في بعض مفاصلها الدستورية النصية، أو إختلال توازن السلطات فيما بين أطراف التوافق الدستوري الثلاثة، الأمير والحكومة والشعب.
خلال الفترة من 16 ديسمبر 1973 إلى 26 أغسطس 1975، قرابة العشرين شهراً من عمر المرحلة العقدية الدستورية الجديدة، من الطبيعي أن تطفو على سطح العلاقة السياسية، بعض الخلافات في الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فيما يخص واقع وتطوير إدارة الدولة، بين أطرف السلطات (السلطة الأميرية والسلطة التنفيذية/ الحكومة، والسلطة التشريعية)، بما يَفْصِل بين مرحلتي ما قبل الاستقلال وما بعده، بل ما لم تكن تلك الحالة من الخلافات، لكانت العلاقة على غير ما يرام، خصوصاً أن وزراء الحكومة، كانوا هم ذاتهم وزراء المرحلة القديمة.
ولسبب احتمالية تلك الاختلافات، والحاجة الطبيعية للتطويرات، وللحفاظ على مبدأ العلاقة الدستورية للسلطات، والحفاظ على المبادئ الدستورية في الحرية والعدالة والمساواة، والحقوق والواجبات السياسية والمدنية، فقد تضمن الدستور كما كل دساتير العالم، آليات وإجراءات بعينها، وصلاحيات نص عليها الدستور لكل سلطة لاتخاذها، كما في سلطة المجلس الوطني بسحب الثقة من الحكومة، أو إجراء تعديلات على الدستور، أو سنّ وتعديلات القوانين، وكذلك سلطة الأمير، بما يصل إلى حل المجلس القائم والدعوة لإجراء انتخابات جديدة، خلال مدة دستورية منصوص عليها فيه. كل هذه الإجراءات تتم وفقاً لما نص عليه الدستور، وأول تلك النصوص الشعب مصدر السلطات والفصل بين السلطات، وحدود صلاحيات كل منها، ومبدأ انتخاب المجلس الوطني، فليس هناك من إجراء دستوري مباح، لأي سلطة منفردة ولا حتى لإجماع جميع السلطات، إلغاء الدستور أو تعليقه أو بعض مواده، أو إجراء التعديلات عليه، بما هو غير وارد فيه من أحكام.
لم يكن الحال مرسوماً لها الاستمرار بواقعيتها الدستورية، وإلا لكان حالنا الدستوري والديمقراطي اليوم، أفضل من بعض الديمقراطيات العريقة، فقد كان للمنطقة والبحرين خصوصاً، خطط طويلة المدى ومتعددة المراحل، صاغتها الصراعات المحلية والإقليمية والدولية، امتدت إلى يومنا ومازالت خيوطه، قيد الدرس والتطوير بما يخدم مصالح جهة أو جهات بعينها، وكانت مرحلة دستور 1973 والمجلس الوطني إحدى محطاتها، لتخطي مسألة تثبيت الائتلاف الحاكم في البحرين وتمكينه، من بعد بناء وإعداد مؤسسات الدولة لكي تخدم تلك المرحلة وما بعدها، بما بان من نصوص المراسيم الأميرية، التي أوقفت العمل ببعض مواد الدستور، المتعلقة بإعادة انتخاب المجلس الوطني المنحل حسب المدد الدستورية، وتلك المتعلقة باستعادة المجلس المنحل شرعيته والتئام انعقاده بانقضائها دون إجراء الانتخابات، وإتْباعها بقانون أمن الدولة بما نقل البلاد إلى حالة الطوارئ، التي بموجبها تم اعتقال كثرة من أعضاء المجلس الوطني المنتخبين، تعزيزاً لإسقاط الأساس الدستوري لإعادة انعقاد المجلس، حسب المدة الدستورية في حال حلّ الأمير المجلس ولم يدعُ إلى انتخابات جديدة، كما طالت جميع القوى السياسية المعارضة الفاعلة في الساحة.
سادت البحرين فترة مظلمة من القمع، في ظل تغييب الدستور، وانتهاك الحقوق السياسية والمدنية، امتدت لأكثر من ربع قرن، بما أثرت سلباً في الجوانب القانونية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، تصدى لها شعب البحرين، بالكشف والمطالبات بإعادة العمل بالدستور، واستعادة الحقوق التي أقرتها المواثيق والعهود الدولية، بما جعل من ملفات البحرين محلياً وإقليمياً ودولياً ولدى المنظمات الدولية، ذات صيت سلبي وسيء. وللمقال بقية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4299 - السبت 14 يونيو 2014م الموافق 16 شعبان 1435هـ
أربعين سنة!!
منذ أربعين سنة و شعب البحرين يطالب بما خطت يدك أيها الشريف ولكن حكومتنا لا تريد شعب رأسه مرفوع بل تريد عبيد تحكم كيف ما تشاء وتعطيهم الفتات بأسم المكارم والهبات، تخيل لو أستمر الحال من 1973 من دون حل هذا الدستور فماهو حال البحرين من رقي ونماء؟
ذهب هندرسون وجاء ييتس ونفس الحالة تتكرّر
الضحايا زاد عددهم والشهداء تضاعفت اعدادهم حتى صاروا بالمئات وقانون امن الدولة موجود أسوأ منه وتحت مسمى آخر . ويل لجزيرة اوال وما تلاقي من اهوال
(سادت البحرين فترة مظلمة من القمع) لا زالت الحالة هي هي
نفس الحالة هي هي بل زاد القمع والكبت والعنف وعدد المساجين والمهجّرين