العدد 4298 - الجمعة 13 يونيو 2014م الموافق 15 شعبان 1435هـ

هل نملك القدرة على تغيير مستقبلنا؟

في الجزء الجديد من «إكس مين»

هل يمكن لأحد ما تغيير قدره أو أقدار الآخرين من حوله. هل يمكن استرجاع الماضي وأفعال الإنسان واستبدالها بأفعال أخرى لتغيير المستقبل لما هو أفضل للبشرية. هل يغير ذلك القدر أصلاً، أم أن القدر مكتوب و «مقدر» وحاصل مهما كانت أفعالنا؟ القدر على أية حال هو مستقبلك المعد سلفاً، هو سلسلة من الأحداث التي اخترتها لتؤدي بك إلى نهاية محددة، وهو نتاج اختياراتك في الحياة. يقودنا هذا الحديث بكل تأكيد إلى قضية التسيير والتخيير وهي قضية لا طاقة لي بمناقشتها ولا مساحة تكفي للتطرق إليها هنا.

لنكتفي بالسؤال عما إذا كان ممكنا لأي منا تغيير قدره ومستقبله بتغيير اختياراته الحالية في الحياة. على الأقل لأن هذه هي الثيمة الرئيسية للفيلم موضوع هذا المقال وهو الجزء الجديد من فيلم «اكس مين» X-men. عنوان الفيلم الفرعي هذه المرة هو «أيام من ماضي المستقبل» Days of future past وهو يكشف الكثير عما يريد الفيلم أن يقوله.

الفيلم هو السابع في سلسلة أجزاء «اكس مين» الشهيرة، ويأتي مكملا لفيلمي العام 2006 (X-men: The Last Stand ) وفيلم العام 2011 (X-men: First Class). في الجزء الجديد تعود جميع الشخصيات التي شاهدناها في الأجزاء السابقة، نشاهدها هذه المرة في المستقبل وهو الحاضر في الفيلم، وفي الماضي الذي يمتد لعقود مضت حين كانت الشخصيات في شبابها.

هذا الجزء، كسابقيه، مأخوذ من قصص «الكوميكز» التي بدأ نشرها في الولايات المتحدة منذ العام 1963 على يد الكاتب ستان لي والرسام جاك كيربي، ثم تواصلت على أيدي كتاب ورسامين آخرين ولكن جميعها نشرت من خلال شركة مارفيل كوميكز وهي المسئولة عن ابتكار أشهر الشخصيات الخارقة التي نعرفها مثل سبايدر مان والرجل الأخضر والأربعة الخارقين وغيرهم. الحلقة التي بني عليها هذا الجزء هي حلقة كتبها كل من كريس كلارمونت وجون براين ونشرتها مارفل عام 1981، تحت الاسم نفسه Days of future past.

من المهم أيضا أن نعرف أن هذا الفيلم كسابقيه هو فيلم خيال علمي له اسقاطات سياسية من واقع تاريخ الولايات المتحدة. استلهمت فكرة القصص «الكوميكز» من نضال السود في المجتمع الأميركي. شخصيات الفيلم مقتبسة من شخصيات حقيقية بارزة في تاريخ هذا النضال، فكزافيير، المتحول الذي يتبع النهج السلمي العقلاني، هو في واقع الأمر الزعيم السياسي الإفريقي مارتين لوثر كينغ الذي لم يحد يوماً عن نهجه السلمي في مطالباته بإنهاء التمييز العنصري ضد السود وفي نضاله من أجل حقوق الإنسان، في حين اقتبست شخصية ماغنيتو، الدموي الذي لا يؤمن سوى بنهج العنف والدم من شخصية مالكولم اكس المناضل الإفريقي الذي اتهم دوماً بتحريض السود على البيض وتغذيته للأفكار العنصرية لديهم وذلك بناء على دعوته للتفريق بين البيض والسود وإيمانه بتفوق العرق الأسود. وعلى رغم تراجعه عن مواقفه تلك وتبنيه منهجا أكثر سلمية بعدها واعلانه الرغبة في العمل مع دعاة الحقوق المدنية، إلا أن الصورة التي كوّنها في شبابه ظلت ملتصقة في الأذهان. والفيلم بالفعل يقدم شخصين لماغنيتو، شخصية دموية في شبابه وأخرى أكثر هدوءاً وتعقلاً وتمتلئ ندماً على أخطاء الماضي.

تدور أحداث هذا الجزء بين فترتين زمنيتين، فترة الحاضر أو المستقبل، والماضي، تحديدا عام 1973. يبدأ الفيلم بهجوم ساحق تتعرض له مجموعة من شخصيات الفيلم «المتحولون» على يد الحراس أو Sentinels وهم رجال آليون مطورون بشكل خارق يجعلهم قادرين على هزيمة المتحولين والبشر الحاملين لجين المتحولين. تتمكن مجموعة صغيرة من المتحولين من الفرار من موت محقق، تلجأ إلى الأب الروحي للمتحولين وهو البروفيسور كزافيير أو بروفيسور اكس كما تطلق عليه المجموعة (يقوم بدوره باتريك ستيورات) ونراه في هذا الجزء مختبئاً في دير في الصين. في مخبئها، تقرر المجموعة الناجية أن تنقذ البشرية من هؤلاء الحراس اعتماداً على القوة الخارقة لإحدى المتحولات وهي كيتي برايد (إلين بيج التي التقيناها في جزء العام 2008 من الفيلم). تتمثل قدرة كيتي الخارقة في تمكنها من اقتحام وعي الآخرين في الماضي والتأثير على قراراتهم وبالتالي تغيير أفعالهم والتأثير على آخرين من حولهم الأمر الذي يمكن أن يغير مصير البشرية مستقبلا. الفكرة الأساس لهذا الجزء تذكرنا بفكرة فيلم Inception الذي شاركت فيه إلين بيج أيضاً.

يقع اختيار مجموعة المتحولين على ولفرين (هيو جاكمان) لتقوم كيتي بإرسال وعيه إلى الماضي، نعرف تماماً أن ولفرين يملك القدرة على «ألا يموت». يعود وعيه لعام 1973 لعله يتمكن من أن يحول دون تطوير السلاح الذي يكاد يقضي على ما تبقى منهم، وأقصد هنا الرجال الآليين أو الحراس الذين نشاهدهم في بداية الفيلم. سيتمكن ولفرين من فعل ذلك إن تمكن من الوصول إلى بعض الشخصيات التي كان لها تأثير كبير على هذا الأمر، أهمها ميستيك أو رايفن (جنيفر لورنس بطلة أفلام Hunger Games كما شاهدناها في The American Hustle). رايفن هي إحدى أهم المتحولين، وهي من قتلت مصمم الحراس الآليين بوليفار تراسك (بيتر دينكلايج). كان ذلك في السبعينيات وحين كان تراسك يقوم بأبحاثه على المتحولين ليتمكن من تصميم سلاح يفتك بهم. كان لازماً أن يقع أحد المتحولين في يده، وذلك ما قدمته له رايفن حين جعلت مهمتها ملاحقته من أجل قتله وإيقاف أبحاثه. بالفعل تتمكن رايفن من قتل تراسك لكنها أيضا تقدم لأبحاثه ما كان ينقصها. عينة من الدي ان ايه DNA الخاص بها كانت كافية لتساعد من استلم ابحاث تراسك بعده على تصميم حراس يمتلكون كل القدرات التي يمتلكها المتحولون، ورايفن واحدة من أقوى المتحولين ما يعني أن حمضها النووي كان أفضل ما يمكن أن يتحقق لهذه البحوث.

هكذا فإن مهمة ولفرين هي البحث عن كزافيير في شبابه (يقوم بالدور جيمس ماكفوي) ومن ثم إنقاذ ماغنيتو (مايكل فاسبيندر) ليقوم الاثنان بالتأثير على رايفن وردعها عن إنجاز مهمة القتل.

يجد ولفرين كزافيير شاباً مختلفاً، قادراً على المشي على عكس واقعه في شيخوخته لكنه فاقد لقدرته الخارقة على التخاطر عن بعد. ماغنيتو من جانب آخر، ملقى في زنزانة تقع على عمق مئة طابق تحت مبنى البنتاغون بسبب اتهامه بقتل الرئيس جون كنيدي. بالطبع يتعرض الفيلم، بشكل سريع، لإحدى نظريات اغتيال كنيدي، ليخبرنا بأن الرصاصة الحقيقية انطلقت من مسدس ماغنيتو، وأن العملية مخابراتية بحتة. ينقذ ولفرين صديقيه وينطلق الثلاثة في مهمة منع رايفن من تدمير المتحولين مستقبلا. يغير الثلاثة شيئا من الماضي، إذ لا تقتل الفتاة العالم المجنون لكن المستقبل رغم ذلك يظل قاتماً، أفعالها الطائشة تجعل تراسك يحصل على عينة من حمضها النووي بعد عراك دموي يقع بينها وبين ماغنيتو. هنا يقرر ماغنيتو التدخل وتدمير النماذج الأولية من الحراس. يجيب الفيلم عن السؤال المحوري له في نهايته. يزعم أنه يمكن لنا أن نصنع مستقبلا أفضل للكون إن اتخذنا خيارات أكثر سلماً وتصالحاً مع فكرة التعايش السلمي بين البشر العاديين والمتحولين، وحسبما ما يقتضيه اقتباس الفيلم بين البيض والسود أو أي عرق آخر مختلف عن البيض، وكذلك إن أقصينا عن موقع القرار من هم ليسوا أهلا له.

العدد 4298 - الجمعة 13 يونيو 2014م الموافق 15 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً