لستُ من هواة متابعة كرة القدم، ولا أعرف ما الذي يجري في مباريات كأس العالم في هذه الأيام غير أن البرازيل هي من استضافتها على أرضها، ولستُ أيضاً من هواة متابعة أخبار القتل والدمار، ولكنني - كغيري - اضطررتُ لمتابعتها بعد أن اجتاحتْ ديارنا العربية بل والإقليمية والمحلية أحياناً.
ما يحدث في دولنا منذ سنوات جعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خشية تمزّق «الأمة العربية الواحدة» التي لم تعد توجد إلا في كتب التاريخ والمواطنة التي يدرسها أبناؤنا وهم يضحكون على ما بها من «كذبات بيضاء» عرفوها وشاهدوها بأم أعينهم؛ فقد أصبحنا أمماً لا تعرف عن بعضها غير ما هو زائف روّجه بعض المتشددين هنا وهناك عمّن يخالفهم الرأي والعقيدة والدين والمذهب. أممٌ تحاول أن تبقى على حساب غيرها برغم أن بقاءها معهم أمرٌ واردٌ وممكن وسيجعلها تقاوم الموت بأقل خساراتٍ بشريةٍ ومادية. وما يحدث في العراق منذ سنوات خير مثالٍ على هذا السيّئ المقيت من تشرذمٍ واحترابٍ في الأمة العربية، بل وللمواطنين في الدولة الواحدة بسبب قلةٍ من المتشددين الدينيين الذين يعجبهم لون الدم فيرقصون عليه فرحاً كلّما سقط قتيلٌ أو ارتفع شهيد.
كنا نتألم لما يحدث في العراق من قتلٍ وإرهاب، تذهب ضحيته عشرات القتلى في كل تفجير يستهدف المواطنين العزّل الذين لا ذنب لهم سوى مذهبهم الذي لا يروق لفلان أو للجماعة الدينية الفلانية، فصار الدم هو الأحمر الذي يصطبغ به العلم العراقي. واليوم يضع محبو العراق أيديهم على قلوبهم خوفاً على ما تبقى من أمانٍ نسيته كثيرٌ من الأراضي العراقية، من غير أن ينسوا وضعها على أعينهم كلما ظهر إرهابي في صورة أو فيديو وفي يده رأس مقطوع يفخر بنزعه عن جسده!
وفي اليومين الماضيين كان العالم مشغولاً بمتابعة مباريات كأس العالم، فيما كان بعض العرب مشغولين بمتابعة مباريات الدم التي تجري على الأراضي العراقية، وفي المتابعتين هناك مشجعون لهذا الفريق أو ذاك نسوا تفاصيل مهمة.
في مباريات كأس العالم نسيَ المشجعون أن بعض الأهالي أُخْرِجوا من بيوتهم قسراً كي تقام هذه المباريات ولم يهتموا إلا بما سيحققه فريقهم المفضل من أهداف. وفي مباريات الدم في العراق نسيَ المحتربون والمشجعون أن هنالك أبرياء لا يريدون سوى بيت - وإن كان بالياً - يحتمون تحت سقفه من صور الدم وصوت الطلقات، ويمنع - إن استطاع - وصول مهرجان القتل إليهم. أبرياءُ يتحسسون رؤوسهم في كل ساعة ليتأكدوا أنها لم تقطع وأنها مازالت مثبتة على جسدهم المرتجف خوفاً وألماً على ما يحدث لبلادهم. أبرياءُ يصلون لله كي يحفظ العراق ويرجعه كما كان عظيماً بشعبه.
في ظل هذا الدمار الذي عاشته بعض مناطق العراق خلال اليومين الماضيين، كان لابد وأن يتألم المبدعون فيلجأون للكتابة، فكتب الشاعر العراقي عبدالعظيم فنجان قبل يومين وصفاً مختصراً ما يحدث هناك:
«طفلٌ يلعب في الأزقة، يركض في الساحات، مدحرجاً أمامه كرة، هي رأسه...» وأسماه «بورتريه العراق» .
بينما كتب الشاعر والروائي العراقي سنان أنطوان: «انشقاقٌ في داعش بسبب خلافٍ حول استضافة أول بطولة لكأس العالم بكرة الرأس المقطوع»!
أحياناً تكون السخرية طريق الكتابة الموجعة التي لا يمكن أن يُكْتَب لعظم ألمه إلا بها.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4298 - الجمعة 13 يونيو 2014م الموافق 15 شعبان 1435هـ
ابودهوم
سلام اخت سوسن جميل الوصف للوضع بتوفيق انشاءالله
عبد علي البصري (( هذه مهزله ))
الحرب الاهليه في لبنان سابقا , كانت تتوقف ويوقف فيها اطلاق النار ليس عند سماع الاذان !! لا ولاكن من أجل مشاهده كره لا اكثر ولا اقل . الامام على يقيم الصلاه في وسط الحرب وفي حرب ليله الهرير , ونحن نوقف الحرب في ليله الهرير ؟؟؟!! شتان !! عرست كاكا ابكاكا وأصبحت كاكا عروس سمه تركع ابسمه كلها خوص ابخوص .
عبد علي البصري ((الغريب))
تصفيات كأس العالم للكره ؟؟ للكره ؟؟ لا اكثر ولا اقل , الغريب أن تخسر البحرين الملايين من الدنانير وتتحول بالخساره الى العمله الصعبه للخارج . من أجل مشاهده كره كره لا اكثر ولا اقل . انسان يدفع 130 دينار والخاسر اللي ما احصل أشتراك ؟؟؟!! من أجل مشاهده كره !! لا اكثر ولا اقل , بلد تعيش التقشف تعيش على الضرائب , مو كافي حتى نرى الناس يدفعون الملايين من أجل الحج أو العمره ... ده ده ده آسف استغفر الله !! سامحوني بكول كره كلت عمره .
شكرا أختي على المقال
الله يحفظ العراق ويوحدهم ضد الأعداء والمتمصلحين.
مؤلمة تلك الكلمات
مؤلمة تلك الكلمات وبالرغم من ألمها إلا أنها واقعية جداً !