قالت الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ريما خلف إن التجربة اليمنية في الانتفاضة تعتبر فريدة من نوعها، موضحة "من مزايا الحوار في اليمن أنه كان شاملاً للجميع دون استبعاد أي طرف، ونأى عن الدعوة الى العزل والتطهير والإقصاء. ما تحقق في اليمن هام جداً، ولكنه ليس سوى البداية. والنجاح في المستقبل هو رهن بالقدرة على تحويل الأفكار والتوصيات على الورق، إلى وقائع وحقائق على الأرض."
وأضافت "أن انعقاد الحوار في اليمن كان نجاحا، وأن نتيجته كانت توافقا على تماسك الكيان اليمني حيال مخاطر داخلية وخارجية جسيمة، مضيفة "
جاء ذلك خلال اختتام اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) اجتماعا رفيع المستوى استمر ليومين تحت عنوان "مؤتمر الحوار الوطني في اليمن: إختتم المؤتمر، بدأ العمل".
والاجتماع الذي عقد بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومؤسسة "مبادرة المساحة المشتركة لتبادل المعرفة وبناء التوافق"، ركز على تقديم الحوار الوطني اليمني كحالة دراسية إقليمية لمواجهة التحديات متعددة الأوجه خلال مرحلة التحول السياسي، وتوفير منصة للجهات الفاعلة الوطنية للبحث في الخطوات اللازمة لتحقيق وتنفيذ قرارات الحوار الوطني.
وأكدت خلف على أهمية أن تستمد العملية التشريعية والدستورية والانتخابية أسسها من هذه المساحة التي وفرها الحوار الوطني، فتأتي نتيجة للتوافق، كي لا تتحول إلى تسويات فوقية بين الأطراف القوية في المجتمع والسلطة، تفرض على عموم المجتمع.
وفي كلمته، أشار القائم بأعمال سفارة الجمهورية اليمنية في بيروت علي أحمد الديلمي ، إلى أن اليمن ماضٍ في بناء دولته الجديدة التي ينعم فيها كل أبنائه بالحرية والعدالة ويشاركون في حكمه ويحصلون على حصّتهم من ثرواته مهما كانت الصعوبات والتحديات، مبيناً "لأن الجميع في اليمن جسّدوا إدراكهم بأنّ مستقبل البلد لا يمكن أن يكون آمنا ومستقرا إلا إذا شارك كل اليمنيين في صياغته وبنائه. ولا شك أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووقوف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والدول الصديقة كان له الأثر الكبير في نجاح اليمنيين في تنفيذ المبادرة."
وكانت التوترات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية في اليمن قد أدت إلى إيصال البلاد إلى حافة الفوضى والعنف المجتمعي. وقد لعبت مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية في نوفمبر 2011، دورا أساسيا في الحد من احتمالات انهيار الدولة والانزلاق نحو حرب أهلية، حيث أدت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية؛ ولجنة عسكرية للنظر في إعادة هيكلة الجيش؛ وانتخاب رئيس جديد للبلاد؛ وإصلاح دستوري وانتخابي وحوار وطني.
هذا ما أوضحه أيضا المستشار السياسي لرئيس الجمهورية اليمنية ورئيس وزراء سابق عبد الكريم الإرياني: "هذه المبادرة مرّت بمراحل متعددّة، ولكنها أفضت إلى ما توافق عليه الناس سلطة ومعارضة، إلى نقل سلس للسلطة من رئيس الجمهورية السابق إلى نائبه، وأفضت إلى انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا شعبيا، تلاها تشكيل حكومة وفاق وطني. والخصوصية اليمنية تكمن في ان الناس يتخاصمون ولكنهم في النهاية يتحاورون ويتصالحون. وهذه الظاهرة عامة عبر عشرات القرون من تاريخ اليمن."
ويعتبر المراقبون أن نجاح مسار الحوار الوطني في الحد من خطر الصدام الأهلي وتحول الاحتجاجات إلى مواجهات مسلحة مفتوحة، ودفع البلاد والقوى السياسية والاجتماعية إلى مسار سياسي بديل، هو بحد ذاته انجاز كبير. كما ان نجاح مؤتمر الحوار في التوصل إلى النتائج التي توصل إليها رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها البلاد، هو إنجاز هام أيضا، يسجل في خانة القوى اليمنية، والقوى العربية والدولية الداعمة لهذا المسار، وهو أمر يستحق دراسة معمقة لفائدة اليمنيين وغيرهم.
من هنا تكمن أهمية الاستفادة من تبادل التجارب العربية والدولية المتعلقة بجوانب النجاح أو الصعوبات في مسار التحول الديمقراطي، وتعزيز دعم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي والدور الذي تقوم به الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في ترسيخ الإجماع الوطني الذي تحقق حتى الآن.
يذكر أن الانتفاضات العربية بدأت في ديسمبر 2010، وسرعان ما امتدت إلى عدد كبير من الدول بما فيها اليمن.
وقد ركزت احتجاجات المواطنين على قضايا الفساد وانعدام وجود وسائط حكم تشاركية خاضعة للمساءلة وعلى قضايا العدالة السياسية والاجتماعية بما في ذلك الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وبناء الدولة التي يطمح إليها الشباب، و"الديمقراطية" في تعريفها الموسع والتي تتضمن الحكم والمساءلة والحرية والكرامة والطريقة التي تتم فيها التنمية الاجتماعية والاقتصادية.