أبلغت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، أهالي المدعين من شهداء أحداث مجلس الوزراء بقرارها بالقبول المبدئي للشكوى التي تقدموا بها، فيما يعد أول إجراء من نوعه لملاحقة المتورطين في قضايا قتل متظاهري الثورة أمام قضاءٍ غير محلي.
كانت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" ومجموعة "وراكم بالتقرير" و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" و"الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون"، قد تقدموا بشكوى قضائية للَّجنة كممثلين عن مجموعةٍ من أهالي شهداء أحداث مجلس الوزراء، من أجل مطالبة الحكومة المصرية بمحاسبة المسئولين عن مقتل ذويهم خلال الأحداث التي وقعت في ديسمبر 2011. واتخذت اللجنة قرارها بقبول الشكوى خلال جلستها الخامسة والخمسين التي اختتمت أعمالها في أنجولا في منتصف شهر مايو.
يذكر أن أحداث مجلس الوزراء كانت قد أسفرت عن مقتل 18 شهيدًا، وإصابة أكثر من 900 آخرين؛ نتيجةً للاستخدام المفرط للقوة وللأسلحة النارية، من قِبَل ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة لتفريق المعتصمين المحتجين على قرار تعيين كمال الجنزوري رئيسًا للوزراء آنذاك. ومنذ وقوع الأحداث، قامت السلطات المسئولة باتخاذ إجراءات عدة للحيلولة دون مثول أي فرد من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة (المتورطين) أمام جهاز العدالة، بينما تمت إحالة 269 متظاهرًا –بمن فيهم بعض المصابين جراء الأحداث– إلى محكمة جنائية بعد مرور 4 شهور على الأحداث، ثم تمت إحالة قضيتهم في مارس 2014 إلى إحدى الدوائر المعنية بالنظر في قضايا الإرهاب.
وقد أوضح المتقدمون بالشكوى من أهالي شهداء أحداث مجلس الوزراء، أن طرق التقاضي المحلي قد تم استنفادها علي مدار أكثر من عامين، الأمر الذي دفعهم إلى اللجوء للتقاضي الإقليمي المتمثل في اللجنة الأفريقية. وأشاروا إلى أن محاولات محامييهم الحصول على أي معلومة من قضاة التحقيق بخصوص تطور التحقيقات، قد باءت بالفشل على مدار السنتين والنصف الماضيتين، فضلًا عن أن قضاة التحقيق قد امتنعوا بشكل تام عن الاستجابة لطلبات المحاكم المصرية الخاصة بضم تقرير لجنة تقصي الحقائق، المشكلة بموجب القرار الجمهوري رقم 1 لسنة 2012 للقضايا المتداولة وطلبات المحاكم الخاصة بالاطلاع على تطور التحقيق. إضافةً إلى ذلك، لم يتم النظر في أيٍّ من الشكاوى المقدمة في مكتب التفتيش القضائي ضد قضاة التحقيق، كما لم يتم التحقيق في البلاغات التي سبق أن قُدِّمت للنائب العام بخصوص وقائع التعذيب والإهمال الطبي والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي التي وقعت خلال الأحداث.
وطالب مقدمو الشكوى اللجنةَ الأفريقية بأن تحكم بانتهاك الحكومة المصرية الميثاقَ الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي صدَّقت عليه مصر في عام 1984 بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1984، وأصبحت بذلك ملزمة قانونيًّا بأحكامه التي صارت جزءًا من القانون المصري، بعد أن وافق عليها مجلس الشعب وتم نشرها في الجريدة الرسمية في عام 1992.
كما طالبت الشكوى بقيام الحكومة المصرية بدورها في التحقيق في الأحداث على نحو فوري، وضمان اتخاذ إجراءات مناسبة، غير متحيزة، من أجل ملاحقة ومحاسبة كل من كان له دور في تلك الأحداث وتعويض المتضررين. كما طالبت الشكوى اللجنة الأفريقية بالحكم بضرورة اتخاذ الدولة إجراءاتٍ هيكليةً تضمن عدم تكرار تلك الممارسات، مثل تعديل قانون القضاء العسكري، بحيث يُسمح للمدعين المدنيين والمحاكم المدنية بالتحقيق والتعامل مع الانتهاكات التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة ضد المدنيين، وتعديل القوانين المتعلقة بحرية التجمع.
جدير بالذكر، أن اللجنة الأفريقية كانت قد أصدرت في مارس 2013 قرارًا بإدانة الحكومة المصرية في قضية الاعتداءات الجنسية على الصحفيات والناشطات في 25 مايو 2005، المعروفة إعلاميًّا بواقعة "الأربعاء الأسود"، وألزمت الحكومة بإعادة فتح التحقيقات ومحاكمة المتهمين ودفع تعويضات للشاكيات عن الأضرار الجسدية والنفسية التي تعرضن لها. ولم تقم الحكومة المصرية حتى الآن بتنفيذ قرار اللجنة أو الرد على طلبات الشاكيات بعقد اجتماع مع السلطات المختصة لبحث سبل التنفيذ.