العدد 4296 - الأربعاء 11 يونيو 2014م الموافق 13 شعبان 1435هـ

في مصر ... "التطرف" يواجه "التحرش"

من المطالبة بـ "إخصاء المتحرشين"، إلى "السماح بالحرية الجنسية" مرورا بسجن الطفل المتحرش حتى يبلغ سن الـ 18 عاما ليعدم بعدها، تنوعت آراء إعلاميين وفنانيين وسياسيين ورجال دين بمصر، حول سبل ظاهرة "التحرش".

جاء ذلك على خلفية حادثة تحرش عنيفة تعرضت له سيدة بميدان التحرير (وسط القاهرة) يوم الأحد الماضي (8 يونيو/ حزيران 2014)، خلال الاحتفال بتنصيب الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي.

وتسابقت هذه الشخصيات في إطلاق تلك "الشطحات" (الشطحة في اللغة الابتعاد بالخيال والتفكير)، التي تبدو وكأنها "تحرشا جديدا" بالظاهرة ذاتها، منذ وقوع الحادث، وسط مطالبات من كتاب وخبراء باللجوء إلي القانون لحسمها، وفيما يلي أبرزهذه الشطحات :

إخصاء المدانين بالتحرش

- الفنانة منى زكي، طالبت بـ"إخصاء المتحرشين"، عبر حسابها على "تويتر".

- الإعلامية المصرية، هالة سرحان خلال برنامجها بإحدى القنوات المصرية الخاصة، مساء الإثنين الماضي، طالبت أيضا بـ "إخصاء المتحرشين"، وقالت "مطلب إخصاء المتحرشين ليس جديدا، والاتحاد الأوروبي قرر إخصاء المتحرشين، أو إيداعهم مستشفى المجانين" .

إتاحة حرية العلاقة الجنسية

- المخرج المصري عمرو سلامة كتب الإثنين عبر صحفته الرسمية في الفيسبوك، "قبل أن تسبوا وتلعنوا وتكفروا اسألوا السؤال.. أى الشرين أقل ضررا للمجتمع وللسيدات وأكثر توافقا مع قيمكم وشعبكم المتدين بطبعه" .

وأضاف قائلا: "اللى (الذين) بيحبوا (يحبون) بعض وعايزين (يريدون) علاقة جنسية يكون لهم الحق فى ممارستها والدعارة تكون مقننة ضمن ضوابط قانونية، واللا (أم) تفضل بنات مصر مباحة لأى مكبوت ماشى فى الشارع متحول لذئب بشرى؟".

إعدام المتحرش الصغير بعد بلوغه السن القانونية

- الفنان محمد صبحي، قال في مداخلة تلفزيونية، أمس الأربعاء، إنه "لابد من تعديل قانون التحرش؛ بحيث يسمح بإعدام الطفل الذي ارتكب جريمة التحرش عندما يكبر، موضحًا: "الطفل اللي (الذي) ارتكب جريمة كبار، يسجن لحد ما (إلى أن) يصل لـ 18 سنة وبعدها يتم تنفيذ حكم الإعدام عليه"، على حد قوله.

وتنص المادة 111 من قانون الطفل بمصر على أنه "لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يتجاوز سنه الـ18 ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة".

حادثة التحرير وما شابهها عمليات مدبرة

وهي رواية رجحتها وزارة الداخلية المصرية ومؤسسات حكومية وسياسيون مصريون مؤيدون للسيسي.

- السياسي المصري وعضو مجلس الشعب السابق، محمد أبوحامد، قال إن "تعامل الإعلام الغربي مع واقعة تحرش التحرير، واستغلالها سياسيا ضد مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، يؤكد أنها مدبرة" بحسب تغريدة له على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

- أما مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات العامة اللواء عبد الفتاح عثمان، فقد رجح خلال اتصال هاتفي مع أحد برامج قناة مصرية خاصة، أن تكون حالات التحرش التي شهدها ميدان التحرير "أمرا مدبرا وليس فجائيًا"، معتبرا أن "التحرش الذى حدث بالتحرير مخطط لتشويه صورة المرأة المصرية، عقابًا لها على دورها الوطني".

- المجلس القومى للمرأة (حكومي) أعلن فى بيان له يوم الأحد الماضي، أن هناك "جهات غير معلومة ذات مصالح وتوجهات معينة، دبرت لارتكاب تلك الأفعال النكراء بصورة منظمة، لإفساد فرحة المصريين، وتشويه صورة العرس الديمقراطي الذى تشهده مصر أمام العالم الخارجى".

مسئولية جماعة الإخوان عن الحادث

- المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون للدرسات الإنمائية (غير حكومي) داليا زيادة، قالت عبر تصريحات تليفزيونية الأحد الماضي، إن "التحرش بفتاة في ميدان التحرير، تم بـطريقة انتقامية"، متهمة جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس المعزول محمد مرسي، المصنفة كجماعة "إرهابية" من قبل النظام الحالي بأنها وراء تلك الواقعة .

- إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، بميدان التحرير الشيخ مظهر شاهين، كتب أول من أمس، الثلاثاء، عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "حالات التحرش الجنسي التي وقعت بميدان التحرير يوم تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي، تعد جريمة إخوانية متعمدة ومدبرة للانتقام من المرأة، ولإحراج السيسي وخلق أزمة لخطف الأضواء من حفل التنصيب وإفساد فرحة المصريين".

في المقابل، استنكر الكاتب المصري أكرم القصاص خلال مقال نشره، أمس الأربعاء، بإحدى الصحف المصرية الخاصة، "تسيس" الظاهرة ، مشيرا إلى أن "التحرش ظاهرة مستمرة منذ عقود، وتصاعدت فى التسعينيات، وتشكل نوعا من التطرف يحتاج مرتكبه لعلاج نفسى مع العلاج القانونى والعقوبات".

وتابع القصاص، "سارع عدد من أعداء السيسى إلى اعتبار أن من يقومون بالتحرش، إنما هم من نزلوا للاحتفال بالرئيس وتوليه السلطة، ومن جانب آخر هناك من حاول إلصاقها بالإخوان، والقول بأنهم يخططون لإفساد الاحتفال والإساءة للميدان. وسواء هؤلاء أو أولئك، يقودون الأمر إلى طريق آخر".

فيما يري عضو وحدة الرأي العام بمركز الأهرام للدراسات الاستيراتيجة يسري عزباوي، أن "ظاهرة التحرش موجودة منذ فترة وفي بلاد أخرى، وليست وليدة اللحظة، وبالتالي فهي ليست مدبرة أو مخططة ولا يمكن قبول أي تبرير على هذا النحو".

وحول ما تم تداوله من مطالبات بـ "الإخصاء" و"إتاحة الحرية الجنسية" واتهام الإخوان بافتعال الحادثة، قال عزباوي في حديث لوكالة الأناضول: "هذه موجة عابرة فيها مغالاة شديدة وآراء متطرفة، ونحن فقط نطالب بتطبيق القانون".

وتابع "بعيدا عن هذه الشطحات، نريد تطبيق القانون بحزم وترسيخ القيم في المجتمع وعدم التمسك بالتدين الشكلي".

أما أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة إبراهيم البيومي غانم، فيري أن "الأفكار المطروحة في تفسير وحل الظاهرة، هي أفكار عبيثة منفصلة عن واقع ظاهرة موجودة في مصر منذ فترة".

وأشار إلى غانم خلال حديث لوكالة الأناضول عبر الهاتف، أن هذه الظاهرة "زادت لدي قطاع من الشباب لا تحتل القيم عنده أولية متقدمة".

وتابع "المطلوب لحل ومواجهة الظاهرة، هو إيجاد مناخ يحترم التدين والقيم، ويحاول غرسها في المجتمع، ولا يواجه المعتدل فيهم بشكل أساسي، خاصة وأن هذه الوقائع وقعت بعد أيام من ظهور قانون يواجه التحرش".

وجاءت واقعة التحرش بعد أقل من 3 أيام من صدور قانون مكافحة التحرش، الذي أصدره الرئيس السابق، عدلي منصور، بهدف تغليظ العقوبة للمتحرشين.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً