قرَّرت المحكمة الصغرى الجنائية الأولى برئاسة القاضي جابر الجزار وأمانة سر محمد مكي، تأجيل قضية متهم فيها 15 موظفاً في فروع صرافة، بإجراء تحويلات مالية مشبوهة وصلت لأكثر من 350 مليون دينار، إلى جلسة (30 يونيو/ حزيران 2014) للرد من النيابة العامة.
وقد تقدم المحامي عبدالرحمن غنيم بمرافعة دفع من خلالها انتفاء أركان الجرائم المنسوبة للمتهمة السادسة عشرة.
وقال إن انتفاء أركان جريمة حجب المعلومات والبيانات عن المصرف المركزى، والامتناع عن إبلاغ الوحدة المنفذة بمعلومات خاصة، وإن النص التجريمى لجريمة الامتناع عن إبلاغ الوحدة المنفذة بمعلومات أو شبهات تتعلق بإحدى جرائم غسل الأموال، على النحو الوارد بأمر الإحالة هو نص المادة (2/6) فقرة (أ) وقد نصت على أنه «يعد مرتكباً لجريمة من الجرائم المرتبطة بجريمة غسل الأموال والإرهاب.
وأضاف غنيم أن من أتى فعلاً من الأفعال المتمثلة
أ)«كل من توافر لديه من واقع مهنته أو نشاطه أو أعماله أو وظيفته أو بأى طريق آخر معلومات أو شبهات تتعلق بإحدى جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولم يبلغ الوحدة المنفذة بها»، ومفاد هذا النص أن هناك معلومات وشبهات تتعلق بجرائم غسل الأموال وصلت إلى موظفي الشركة بحكم نشاط الشركة والوظيفة وهذا العلم يستوجب وجود الدليل لدى الموظف، كما أن معيار الاشتباه الذى يترتب عليه إخفاء المعلومات عن الوحدة المنفذة لجرائم غسل الأموال بأن تكون العمليات تتضمن غسل أموال، هو معيار ذاتى أو شخصي، بمعنى أن المدير المسئول عن المراقبة فى المؤسسة المصرفية قد يتوافر لديه «شك» فى بعض العمليات التى تتعامل بها الشركة. ما مفاده أن فكرة الشبهة من الموظف المختص تستوجب أن تتوافر لديه القناعة بوجود هذه الشبهة من ملابسات التعاملات التى كانت تتم، ولا تقوم سلطة القاضى الجنائى مقام قناعة الموظف المسئول طالما أن ظروف حال الواقعة لا يستخلص منها أن هناك شبهة جريمة غسل أموال أو تمويل إرهاب.
كما دفع بانتفاء أركان جريمة عدم إخطار مصرف البحرين المركزى بكل ما من شأنه أن يؤثر على المركز المالى للشركة المتهمة السادسة عشرة.
وأفاد نصت المادة (58) من قانون مصرف البحرين المركزى والمؤسسات المالية على أنه «يجب على المرخص له أن يبادر إلى إخطار المصرف المركزى بكل ما من شأنه أن يؤثر - حالاً أو مستقبلاً - بشكل جوهرى على مركزه المالى أو يحدّ من قدرته على الوفاء بالتزاماته». ولما كان قوام التجريم فى النص سالف الذكر أن تقوم المؤسسة المصرفية أو أحد مسئوليها أو القائمين على إدارتها بعدم إخطار المصرف المركزى عن معلومات جوهرية خصّها المشرع الجنائى بكونها تلك المعلومات الجوهرية التى تخص المركز المالى للمؤسسة المصرفية والتى تؤثر على قدرتها المالية للوفاء بالتزاماتها تجاه الغير من المتعاملين معها وهو الأمر الذى لا يخص الوقائع محل الاتهام،على اعتبار أن الواقعة المنسوبة للمتهمين لا تتعلق بشيء يخص المركز المالى للمتهمة السادسة عشرة، ولو صح ذلك الاتهام لكان على مصرف البحرين المركزى أن يخطر المتهمة السادسة عشر بتلك المخالفات ويمنحها أجلاً لإبداء رأيها فيما هو منسوب إليها عملاً بنص المادة (125) سالفة الذكر والمادة (111) التى نصت على أنه «يجوز للمصرف المركزي بموجب إخطار كتابي أن يطلب من المرخص له تقديم معلومات أو بيانات أو مستندات أو إحصائيات أو تقارير سنوية أو أية تقارير دورية أخرى تكون لازمة لممارسة مهام المصرف المنصوص عليها في هذا القانون، ويجب على المرخص له المبادرة إلى تقديم المطلوب خلال المدة المحددة في الإخطار المشار إليه، كما يجب عليه إبلاغ المصرف المركزي بما قد يطرأ من تغيير جوهري على تلك التقارير فور حدوث هذا التغيير».
كما دفع ببطلان إجراءات التحفظ على أموال المتهمة السادسة عشرة، إذ بيّن أن إدارة مكافحة الفساد والأمن الاقتصادى قامت بتاريخ 8 يناير/ كانون الثاني 2014 بالتحفظ على أموال مملوكة للمتهمة السادسة عشرة قدرها واحد وعشرون مليون ريال سعودى بزعم أنها أموال مشبوهة وقد خلت كل أوراق الدعوى من ثمة دليل على وجود شبهة فى هذه الأموال بل إنه قد تم التحفظ عليها لدى الشركة التى تقوم بنقلها، وقد أكد مسئول هذه الشركة على طبيعة ومشروعية عملية جلب الأموال من أفرع الشركة وإعادة تصديرها طبقاً للإجراءات القانونية المتبعة فى هذا الشأن.
أضف إلى ما تقدم أن مجموع الأموال فى التعاملات محل الاتهام لا يتجاوز مبلغ أربعة ملايين ريال سعودى، وتعاملاتها مع ثماني شركات، فى حين أنه تم التحفظ على واحد وعشرين مليون ريال هي مجموع تعاملات الشركة خلال ما يقارب ستة أشهر فى جميع فروعها مع عملائها كافة.
يذكر أن رئيس النيابة الكلية وائل بوعلاي قد صرح في وقت سابق، بأن النيابة العامة قد أنهت تحقيقاتها في واقعة قيام المسئولين بإحدى الشركات المالية العاملة في مجال الصرافة، بالتعامل في أموال نقدية مشبوهة ومجهولة المصدر مع علمهم بهذا الشأن، حيث أبلغ مصرف البحرين المركزي إدارة التحريات المالية بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني عن قيام مسئولي المؤسسة المالية المذكورة بتلك التجاوزات بالمخالفة للقوانين والأنظمة في مملكة البحرين، وبما من شأنه تعريض مركزها المالي للمخاطر.
وكانت التحريات قد كشفت عن قيام آسيويين بعمليات تهريب لمبالغ مالية كبيرة من إحدى الدول بصفة شبه يومية، وباتفاقهم مع آخرين داخل البلاد على تسلم الأموال المهربة، وتحويلها إلى الخارج عبر الشركة المصرفية بعد تحويلها إلى عملة الدينار البحريني، مع علم المسئولين بالشركة بالعمليات المخالفة وتعمدهم إخفاء هوية الأشخاص المحولين لتلك المبالغ المهربة عبر الشركة عن طريق التزوير في الأرصدة والمستندات المثبتة لتلك المعاملات، حيث درجوا على تحويل المبالغ المهربة إلى الخارج باستغلال أسماء سجلات تجارية لا علم لأصحابها بهذه العمليات المصرفية غير المشروعة، وأيضاً من خلال سجلات تجارية صورية قاموا باستخراجها لاستخدامها في ذلك الغرض، وقد بلغت جملة ما أمكن رصده من معاملات مالية مشبوهة على ذلك النحو ما يناهز ثلاثمئة وخمسين مليون دينار بحريني.
فيما أسفرت تحقيقات النيابة العامة عن تورط أحد عشر مسئولاً بتلك الشركة، وأربعة من الجالبين لتلك الأموال، وقد تم القبض عليهم واستجوابهم وحبسهم احتياطياً على ذمة التحقيق، عدا متهم واحد هارب.وقد أمرت النيابة بإحالة المتهمين جميعاً إلى المحكمة، كما أدخلت الشركة المصرفية المتورطة في الاتهام بصفتها الاعتبارية إلى المحكمة الصغرى الجنائية بتهم حجب بيانات ومعلومات عن مصرف البحرين المركزي، وعدم تقديم السجلات والمستندات المتعلقة بنشاط الشركة، وتزويد المصرف بسوء نية ببيانات ومعلومات كاذبة ومضللة تخالف حقيقة المركز المالي للشركة، وكذا بمعاملات مصرفية وعمليات تحويل أموال من دون اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً لإثبات هوية العميل وحفظ السجلات والرقابة الداخلية، أو أي إجراءات مناسبة لحظر ومكافحة غسل الأموال، فضلاً عن امتناعهم عن إبلاغ الوحدة المنفذة بمعلومات وشبهات تتعلق بإحدى جرائم غسل الأموال توافرت لديهم من واقع مهنتهم، والاشتراك في تزوير مستندات تحويل الأموال. كما نسبت للشركة المذكورة بصفتها شخصاً اعتبارياً ارتكاب الجرائم موضوع التهم السابقة باسمها ولحسابها وباستعمال وسائلها، وكان ذلك نتيجة تصرف وتستر من مسئوليها.
ومن ناحية أخرى وجهت النيابة العامة أثناء السير في التحقيق طلبات إنابة قضائية إلى سلطات قضائية لدى دول عدة لإجراء تحقيقات بشأن أفعال حدثت في الخارج متصلة بالنشاط الإجرامي ذاته، وذلك بغرض الكشف عن مصادر تلك الأموال وبقية المتهمين المتورطين في هذه الجرائم.
العدد 4296 - الأربعاء 11 يونيو 2014م الموافق 13 شعبان 1435هـ