بدلا من ان تكون عملية سرفال العسكرية الفرنسية في كانون الثاني/يناير 2013 في مالي "انتصارا"، فقد كانت "على الاقل نجاحا"، كما يؤكد كتاب وثيقة يصدر في منتصف حزيران/يونيو الجاري، ويكشف ان تعقب الاسلاميين مستمر اليوم في الجنوب الليبي.
فعلى الصعيد الميداني، "كانت الظروف المعيشية صعبة جدا، وطريقة القتال في بعض الاحيان تبدو وكأنها من عصر آخر"، كما اعتبر جان-كريستوف نوتان الخبير في التدخلات العسكرية الفرنسية في كتابه "حرب فرنسا في مالي".
وفي باريس، كانت السياسة حاضرة بقوة في عملية سرفال. فقد كانت "تحديا مطروحا على الجيوش"، فيما كان المسؤولون الفرنسيون "يقسمون بألا يشنوا ابدا" حربا في مالي.
وعلى اثر سيطرتهم في 2012 على شمال مالي بعد طرد المتمردين الطوارق، استولى مئات المقاتلين الاسلاميين من القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ومجموعات متحالفة، على كونا (وسط) في 10 كانون الثاني/يناير 2013. ومني الجيش المالي بهزيمة، وبات جنوب البلاد معرضا للسقوط.
ولم تستعد فرنسا لشن اكبر عملية منذ حرب الجزائر، بناء على ادلة ملموسة بل بالاستناد الى مجموعة من القرائن التي قدمتها الاستخبارات الفرنسية، نظرا الى غياب الصور وعمليات الاعتراض الحاسمة.
واختار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ارسال قوات خاصة في البداية. وكان الامر واضحا "اقضوا على الارهابيين".
وقال نوتان ان "المفردات التي استخدمها هولاند في مجلس الدفاع في 11 كانون الثاني/يناير، اتسمت بمزيد من الحزم:+ لديكم حرية التصرف، وانا اتحمل المسؤولية".
وفي المساء نفسه، اعلن هولاند دخول القوات الفرنسية في الحرب. وبدعم من الطيران، حرر عشرات من عناصر القوات الخاصة القسم الاكبر من شمال مالي خلال ثلاثة اسابيع، في انتظار وصول القسم الاكبر من القوات".
وفي باريس، قاد "اجتماع سرفال" العملية: فقد كانت تعقد ثلاثة اجتماعات يومية صباحا وظهرا ومساء، في مكتب وزير الدفاع جان-ايف لو دريان، في حضور رئاسة الاركان وقيادة القوات الخاصة ورؤساء الاجهزة الثلاثة للاستخبارات العسكرية ودبلوماسي رفيع المستوى.
وسيكون "اجتماع سرفال" هذا "وسيلة ضغط كبيرة من الطبقة السياسية على المسؤولين العسكريين" وسيجعل من لو دريان "المستشار الاول" لهولاند على الصعيد العسكري.
ويكشف الكتاب ايضا نفاد صبر الاليزيه حيال الخسائر الطفيفة للاسلاميين في الاسابيع الاولى للتدخل. وبعد شهر من المطاردة، عثرت سرفال اخيرا على العدو في جبال ادرار ايفوقاس في الشمال الشرقي. وتطرق نوتان الى عدد من المعارك ضد الجهاديين وخصوصا معركة 22 شباط/فبراير التي ابهر تحرك وحدات الكومندوس التشادية فيها (22 قتيلا) الفرنسيين.
وفي اطار عملية سرفال، انتشر "6500 رجل" وألقيت 280 قنبلة "واستخدمت تقريبا كلا قدرات الجيش الفرنسي".
واضاف المؤلف ان "مئات الجهاديين وعددا كبيرا من قادتهم قتلوا، وان قسما كبيرا جدا من ترسانتهم العسكرية قد دمر. وكل ذلك مع الخسائر الفرنسية المحدودة جدا (7 قتلى) والدعم المتجدد للشعب".
الا انه قال "بعد سنة، من المقلق الا نلاحظ حتى بداية تحسن" في معقل الطوارق في كيدال (شمال) حيث طرد الجيش المالي لتوه على ايدي مجموعات مسلحة.
ويتساءل نوتان هل تستطيع فرنسا فعلا الاستمرار في القول انها ليست معنية ب "لشؤون الداخلية لبلد عندما ترسل اليه الافا من جنودها وتعرض حياتهم للخطر والموت؟".
ويحذر من الوضع في ليبيا، البلد "غير المنضبط" حيث "تفيد كل المؤشرات بان الجهاديين يرغبون في اقامة معقلهم في الجنوب".
وقال المؤلف ان مئة من عناصر الكومندوس الفرنسيين يتمركزون في الخطوط الامامية اليوم في شمال النيجر في اغويلال (70 كلم شرق ارليت) مع الجنوب الليبي.
واضاف ان "مهمتهم ليست مساعدة الجيش النيجيري ولا، كما قيل، الاضطلاع بدور الحارس لمجموعة أريفا" الفرنسية التي تستثمر مناجم اليورانيوم في النيجر.