مثّلت زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى الجمهورية التونسية أواخر الشهر الماضي، حدثاً استثنائياً في تاريخ العلاقة بين البلدين الشقيقين. وما كادت هذه الزيارة تنتهي حتّى أسالت وراءها حبراً كثيراً، لا لطابعها الرسميّ رفيع المستوى فحسب، ولا لتوقيتها السياسيّ المدروس بدقّة، وإنما أيضاً، وربما هذا هو الأهمّ عند غالبية المتابعين، للجانب غير الرسمي من الزيارة، أي ما بعد انتهاء الأيام الثلاثة المقررة للزيارة الرسمية؛ حيث كانت المفاجأة بتمديد العاهل المغربي إقامته في تونس، ولم يكتف بذلك، بل قام مترجلاً بمفرده، بجولات غير مسبوقة ذات طابع سياحي في أنحاء من شوارع العاصمة تونس. فما الرسائل التي تنطوي عليها هذه الزيارة في الشقّ الرسميّ منها عموماً، وفي الجانب غير الرسميّ؛ أي تلك الجولات السياحية خصوصاً؟
تأتي هذه الزيارة، رسمياً، استجابةً لدعوة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي لأخيه الملك المغربي محمد السادس، وردّاً على الزيارة الرسمية التي أدّاها الرئيس التونسي إلى المملكة المغربية سنة 2012. غير أنّ الكثير لاحظ أن ردّ الزيارة قد تأخّر، وذهبوا إلى تأويل ذلك مذاهب شتّى. وبغضّ النظر عن سداد هذه التأويلات من عدمه، تظلّ الزيارة تاريخيةً في العلاقة بين البلدين الشقيقين خصوصاً بما انطوت عليه من مكاسب على جميع المستويات وللبلدين وشعوب شمال إفريقيا عموماً.
إن مثل هذه الزيارات تمثّل مفتاحاً لإعادة تفعيل النظام المغاربي الذي تظل الحاجة إليه ملحّة في ظلّ التكتلات العالمية وما يحرّكها من استراتيجيات عالمية للعولمة تنبني على الجمع ولا تستند إلى القوة الواحدة. إنّ هذه الزيارة تمثل يداً مغربية وتونسية ممدودة لتفعيل مؤسسات اتحاد المغرب العربي، وخطوة أخرى في طريق الإعداد للقمّة المغاربية المرتقبة في تونس في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
نعم، مثل هذه الزيارات تفضح أعداء التقارب ممن حاولوا التشويش على هذه الزيارة بافتعال الأكاذيب واختلاق ما تتمناه أنفسهم المريضة من وجود خلافات بين القائدين في البلدين الشقيقين حول الموقف من الصحراء الغربية، ما دعا الرئاسة التونسية والديوان الملكي المغربي إلى تفنيد هذه المزاعم وإصدار بيانات تنفي قطعياً ما تداولته بعض الصحف التونسية والأجنبية ذات النوايا المبيتة بشأن هذا الخلاف المزعوم.
وإنّما على النقيض تماماً، تأتي هذه الزيارة إلى تونس لتؤكد الدعم المغربي للشقيقة تونس على كافّة الأصعدة؛ فقد رافق خلالها الملكَ المغربيَّ نجلُه وشقيقُه وأحد عشر وزيراً، وعشراتُ رجال الأعمال، وجرى خلال اللقاءات الرسمية مع نظرائهم التونسيين توقيع أكثر من عشرين اتفاقية أو مذكرة عمل بين الجانبين، ما يؤكّد مرةً أخرى أن تونس اليوم فرصة استثماريّة لمن أراد التعامل معها واغتنام الأجواء الإيجابية فيها.
نعم، تأتي هذه الزيارة لتساهم في تيسير إنجاح الاستقرار والتوافق وإنجاح التجربة الفتية في تونس، لاسيما وأنّه تتوفّر فيها كافة شروط النجاح، خصوصاً بما أظهره الفرقاء السياسيون في تونس من حرص على تسويق صورة ناصعة للثورة التونسية، وتأكيد كونها شأناً محليّاً لا يرقى إلى مستوى التصدير وإزعاج دول الجوار والمنطقة عموماً.
وأمّا في شقّها غير الرسميّ، فقد مثّل تمديد الملك المغربي زيارته إلى تونس مفاجأةً استبشر بها الجميع. لكن قد يكون ذلك التمديد أمراً عادياً للراحة أو للاستجمام أو لغيره. أمّا أن تترجّل شخصيّة سياسية في حجم العاهل المغربي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس دون حراسة كبيرة تذكر، إلاّ من بعض مرافقيه وقد كانوا أيضاً في زيّ عاديّ، فذلك حقاً هو المفاجأة بعينها. نعم، قام الملك المغربي بجولاتٍ احتك فيها بالمواطنين البسطاء من عامة الشعب، وقد بدا بزيه الشبابيّ واحداً من عامة الناس، قريباً منهم قلباً وقالباً. نعم، تجوّل ملك المغرب في الأسواق العامة والشوارع بعيداً عن البروتوكولات الرسمية، وكان يمشي منفرداً أو يكاد، في شارع الحبيب بورقيبة ذي المعمار الفريد والنادر، الذي تلتقي فيه عدد من الشوارع الرئيسية، منها شارع جدّه محمد الخامس وشارع روما، وشارع الجزائر، وشارع باريس، وشارع القاهرة. فضلاً لما لهذا الشارع من رمزية في تونس كونه شهد أكبر مظاهرة في الثورة التونسية أطاحت بالرئيس المخلوع ابن علي في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني 2011.
نعم، لقد فنّد الملك المغربي بهذه الجولات في العاصمة ومدينة الحمامات التونسية، الرعب الذي تتمادى بعض وسائل الإعلام، تونسية وأجنبية، في زرعه في قلوب الناس في داخل تونس وخارجها، بغاية تشويه صورة تونس وتقديمها للعالم بعد الثورة على أنها بلد الإرهاب والسلاح والموت. نعم لقد قدّم ملك المغرب دليلاً للعالم كله أنّ التونسيّ أبعد ما يكون عن العنف والقتل، وأنّ ملكاً في حجمه يستطيع الاختلاط بالبسطاء الطيبين من أبناء الشعب التونسيّ.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4294 - الإثنين 09 يونيو 2014م الموافق 11 شعبان 1435هـ
هذه تحسب لتونس
ما أظهره الفرقاء السياسيون في تونس من حرص على تسويق صورة ناصعة للثورة التونسية، وتأكيد كونها شأناً محليّاً لا يرقى إلى مستوى التصدير وإزعاج دول الجوار والمنطقة عموماً.
كم نحن في حاجة إلىمثل هذه التكتلات العربية
ن مثل هذه الزيارات تمثّل مفتاحاً لإعادة تفعيل النظام المغاربي الذي تظل الحاجة إليه ملحّة في ظلّ التكتلات العالمية وما يحرّكها من استراتيجيات عالمية للعولمة تنبني على الجمع ولا تستند إلى القوة الواحدة.
حين يترجّل الملك المغربيّ في شوارع العاصمة التونسيّة...
مقال خفيف لا يخلو من دعاية لتونس
وعموما تستاهل الخير
تونس بلد الأمان
نعم، لقد فنّد الملك المغربي بهذه الجولات في العاصمة ومدينة الحمامات التونسية، الرعب الذي تتمادى بعض وسائل الإعلام، تونسية وأجنبية، في زرعه في قلوب الناس في داخل تونس وخارجها،
قناص
كان المرحوم بأذن الله الشيخ زايد بن سلطان يتجول في مدينة أبوظبي وضواحيها وحيدا بدون ان يكون معه حرسه الخاص أو مرافقين وكان يلتقي ببعض المواطنين وبعض القاطنين في ابوظبي من الوافدين وكان انسان بسيط ومتواضع لأقصى درجات التواضع وذلك بسبب حبه الاطلاع على احوال ابناء وطنه ومجالستهم وكان محبوبا من الجميع سواء ابناء الوطن أو الوافدين هناك . العدل اساس الملك .