قفزت الصين في السنوات الـ 15 الماضية من مركزها كشريك اقتصادي صغير نسبياً لأميركا اللاتينية، لتصبح الآن الشريك التجاري رقم واحد لبعض أكبر اقتصادات المنطقة. وفي كثير من الحالات، أطاحت الصين بمكانة الولايات المتحدة التجارية في ما تعتبره واشنطن ساحتها الخلفية: أميركا اللاتينية.
وعلى رغم حقيقة أن حجم الصادرات إلى الصين آخذ في الازدياد، فإن الطبيعة الأساسية لصادرات أميركا اللاتينية تقوض النمو وتخلق مشاكل معلقة لميزان المدفوعات. وطالما استمرت قيم أسعار السلع الأساسية في الانخفاض، فسوف يستمر أيضاً هذا الاتجاه خلال العام 2014.
وتؤدي مواصلة الصين التفوق على الولايات المتحدة كشريك تجاري رئيسي لأميركا اللاتينية ككل، إلى انخفاض النفوذ الأميركي في الإقليم.
ومن المرجح أن يؤثر تزايد الاعتماد على الطلب الصيني على السلع الأساسية، على العديد من تحركات أميركا اللاتينية في مجال السياسة الخارجية في المستقبل القريب. فبالفعل استخدمت الصين نفوذها الاقتصادي في المنطقة للحد من النفوذ السياسي لتايوان في أميركا اللاتينية.
في هذا الشأن، يعتبر القوميون الصينيون الجزيرة الصغيرة كامتداد لأراضيهم، وبالتالي يسعى العديد من القادة الصينيين لتطويق أي دعم دولي لتايوان مستقلة.
وهكذا، وفي حال وصول هذه القضية يوماً ما إلى الأمم المتحدة أو محكمة العدل الدولية، ستكون الصين قد ضمنت الدعم من كل بلد تقريباً في منطقة أميركا اللاتينية.
كذلك فتعمد بعض الدول اليسارية تقليدياً في أميركا اللاتينية إلى التملق إلى الصين لأسباب سياسية (فترى الصين كبديل لهيمنة الولايات المتحدة)، وربما الأهم من ذلك، لأسباب اقتصادية أيضاً. كما تعتمد الدول المنتجة للنفط مثل فنزويلا والبرازيل والإكوادور، اعتماداً هائلاً علي العلاقات الاقتصادية للصين، ونتيجة لذلك، تميل إلى أن تحذو حذو الصين على الساحة الدبلوماسية الدولية.
وفي الواقع، خلصت إحدى الدراسات الحديثة إلى أنه كلما تاجرت دولة ما مع الصين، كلما أصبحت أكثر ميلاً للتصويت لصالح الصين في الأمم المتحدة. وهذا سوف يضع قيوداً على التدقيق الدولي للسجل الصيني في مجال حقوق الإنسان.
وفي نهاية المطاف، وطالما تواصل الصين توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في أميركا اللاتينية، ستجد الولايات المتحدة نفسها أقل وأقل شعوراً بالارتياح في ما تعتبره واشنطن «الفناء الخلفي للولايات المتحدة».
جيل ريتشاردسون
وكالة إنتر بريس سيرفس
العدد 4294 - الإثنين 09 يونيو 2014م الموافق 11 شعبان 1435هـ