العدد 4293 - الأحد 08 يونيو 2014م الموافق 10 شعبان 1435هـ

بدلاً من قوانين «الترهيب» نحتاج لقانون «التجنيد»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتسارع في الأيام القليلة الماضية والمقبلة من عمر السلطة التشريعية، والتي من المزمع انقضاء دورها أواخر الشهر الجاري (يونيو/ حزيران) بحسب التسريبات النيابية، صدور قوانين أقرب ما يمكن أن توصف بـ «الترهيب»، وكان أهمها وأبرزها مشروع بقانون حكومي يتضمّن إجراء تعديلات على قانون الجنسية البحرينية الصادر في العام 1966، ويفتح الباب على مصراعيه لتسهيل إجراءات إسقاط الجنسية عن المواطنين، ولأسباب متعددة.

في إطار ما تطرح البحرين من قوانين عاجلة في الفترة الزمنية القليلة المتبقية من عمر السلطة التشريعية لتمريرها سريعاً من دون مناقشة، طرحت دولة الإمارات العربية المتحدة هي الأخرى قانوناً من نوع آخر، فرضت فيه تطبيق التجنيد الإجباري على الإماراتيين.

الإمارات، لا تواجه أي مخاطر فورية من جيرانها، كما لم تشهد هجمات متشددين، كالتي شهدتها دول أخرى، مثل السعودية، ولا تعاني من قلق عسكريّ خارجيّ أو توتر داخليّ حقيقيّ، بل هي دولة تسعى إلى تعزيز قيم المواطنة، وتعمل على زيادة مساحة الاندماج فيها، وصهر المواطنين في تركيبتها وكينونيتها المؤسسية.

بالعودة إلى المشروع البحريني لإسقاط الجنسية عن المواطنين، فإن المبرر الذي تسوقه السلطة، لتمرير المشروع هو «واجب الولاء».

فقد جوز المشروع البحريني الجديد وبمرسوم، بناء على عرض وزير الداخلية وبعد موافقة مجلس الوزراء، إسقاط الجنسية البحرينية عمن يتمتع بها في أي من الحالات الآتية: «إذا دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقي فيها على رغم الأمر الذي صدر له من حكومة مملكة البحرين بتركها، وإذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية، أو إذا تسبب في الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفاً يناقض واجب الولاء لها».

مفهوم الولاء في البحرين مختلف جدّاً، ومطاط للغاية، وهو بسلطة تقديرية لوزارة الداخلية التي أصدرت من قبل قراراً بإسقاط جنسية 31 مواطناً بحرينيّاً بحجة «عدم الولاء» و«الإضرار بمصالح الوطن»، ومن دون الحاجة إلى إثبات أو محاكمة، فقد اتهمت الوزارة وأصدرت حكمها السريع والعاجل بإسقاط جنسيات مواطنين خلافاً لنصوص القانون والدستور وخلافاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

دولة الإمارات العربية المتحدة، مفهوم الولاء مختلف جدّاً لديها، فهي عاجلت وبسرعة إلى إصدار قانون التجنيد الإجباري لمواطنيها من أجل «غرس وترسيخ قيم الولاء والانتماء والتضحية في نفوس أبناء الوطن»، ولم توسع من صلاحياتها لإسقاط جنسياتهم، والطعن في وطنيتهم، أو المس بحقوقهم، أو حتى وصفهم بـ «أقبح الأوصاف»، كالخونة أو العملاء لتسهيل عملية إسقاط جنسياتهم وتهجيرهم.

من أجل أن تغرس دولة ما مفهوم «الولاء والمواطنة» في وجدان شبابها وشعبها ومواطنيها، فإنها تسارع لإدماجهم، وغرسهم في مكوناتها، ليكونوا جزءاً منها، سواء كان ذلك المكون مدنيّاً أم عسكريّاً.

بعكس دولة الإمارات العربية المتحدة وبقية الدول الخليجية، التي تولي للمواطن قيمة عالية ومكانة متميزة، وتقدمه دائماً على الآخرين في أي من المواقع المتميزة ليكون واجهة حقيقة للوطن، فإننا في البحرين نفتقد هذا الإحساس من التميز، في ظل التوجه العام لفصل المواطنين من مؤسسات الدولة المدنية لأسباب واهية، ومبررات فارغة، وحرمان آخرين من الانخراط في المؤسسات العسكرية لأسباب يعرفها الجميع في مقدمتها «الطائفية».

نعم نحتاج في البحرين إلى قانون التجنيد الإلزامي أو الإجباري لشباب وشابات هذا الوطن، لتنغرس في وجدانهم قيمة المواطنة والتضحية، وليكونوا جنود المستقبل للدفاع عن البلاد في أية لحظة تحتاج إليهم. نعم في البحرين نحتاج إلى مثل هذا النوع من القوانين، التي تعمل وتساعد على إدماج فئات واسعة من الشباب في الخدمة العسكرية.

نعم نحتاج إلى قانون التجنيد الإلزامي لجميع أبناء الشعب لتسقط بذلك تلك الأرقام التي يتداولها الجميع عن أن مكوناً عريضاً وكبيراً ويشكل الغالبية من أبناء هذا الوطن، بينما تمثيله في القطاع العسكري، بمختلف أنواعه، لا يتجاوز الـ1 في المئة فقط.

لا نحتاج في البحرين إلى قوانين ومشاريع هدفها الأول والأخير ترهيب المواطنين بإسقاط حقوقهم الوطنية وجنسياتهم، وذلك بمعايير مطاطة، توضع في يد وزارة.

ولا نحتاج في البحرين إلى قانون يسقط الجنسية عن «المتجنسين» لخروجهم إذا تخلى بعضهم عن إقامته العادية المستمرة في البحرين لمدة خمس سنوات متصلة من دون إذن من وزير الداخلية أو عذر مقبول (بحسب نص المشروع الجديد)، بل نحتاج إلى وقف العملية برمتها والاعتماد على أبناء البلد في الخدمة العسكرية.

لا نحتاج في البحرين إلى المزيد من القوانين التي تقسم وتشطر المجتمع بعناوين فضفاضة، همها ضرب فئة في المجتمع والضغط عليها، ومن ثم زيادة حجم انفجارها وغضبها، وإدخال البلد في المزيد من التأزم الذي لا يرى المواطن بعد أفقاً لحله والانتهاء منه.

ننتظر من السلطة التنفيذية الإسراع في الأخذ بخطى الشقيقة الإمارات في فرض التجنيد الإلزامي على المواطنين، وجعل فرصة الانخراط في القطاع العسكري مفتوحة لجميع المواطنين، فإنه الطريق الأول والخطوة الأولى في مشوار تعزيز اللحمة وفرض المصالحة الوطنية.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4293 - الأحد 08 يونيو 2014م الموافق 10 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 8:02 ص

      ام حسن

      يقولون لك يا اخ هاني شركة عقارية ماتقبل بتوظيف الشيعة تبي الحكومه تفتح باب التجنيد احين حتى السنة مايبون يوظفونهم يبون المواطننننين الجدد الله المعين فى الايام الجاية ويش بصير من قرارات ظالمة

    • زائر 26 | 7:11 ص

      رد على زائر 25

      انه دوار الجهاد دوار الحق دوار العدل الدوار الانتصار وليس دوار مشؤوم ياعبد الدينار سيروا ياشباب فالنصر اتى ولاتيسوا فانه الله معكم

    • زائر 24 | 4:34 ص

      قصة الثعبان

      وقال الثعبان: كيف آمن لك وهذا أثر فأسك.

    • زائر 23 | 4:33 ص

      يعني انت مع الازدواجية؟

      يعني تؤيد ان يحمل الشخص جنسيتين وجوازين للسفر ؟ واحد بحريني واخر إنجليزي مثلا ؟؟ او إيراني او سويدي ؟ او دنماركي ؟؟ أفدنا افادكم الله

    • زائر 22 | 4:16 ص

      لا تحاول

      هم يريدونها لهم فقط

    • زائر 21 | 3:52 ص

      منح الجنسيه

      اذا وزير الداخليه له صلاحية سحب الجنسيه معناه ان له حق اعطاء الجنسيه وهذه المعضله

    • زائر 20 | 3:28 ص

      اي تجنيد

      اي تجنيد وخرابيط الحين الحروب بالاسلحة المطورة ماينفع العدد الحين

    • زائر 19 | 3:16 ص

      الحلم

      يبقى عنوان الولاء عبر التجنيد الالزامي حلم يرواد كل مواطن أصيل يعني لا يوجد أمل ف ذلك لانعدام الثقة بين السلطة والمواطن الاصيل الذي يلقى شتى أنواع الاضطهاد والاغتراب ع أيدي السلطة.

    • زائر 18 | 3:15 ص

      الشرطة في خدمة الشعب

      عشرات من شباب هذا الوطن من العسكريين تم زجهم في السجن للتعبير عن رأيهم ازاء التعامل العنيف لقوات الأمن تجاه المتظاهرين السلميين. منهم الشاب علي الغانمي الذي يقضي محكومية قدرها 12 سنة و غيره من العسكريين اللذين ظلمهم النظام و ظلمناهم نحن بالنسيان. نعم لفتح الباب لتوظيف الشباب البحريني في الشرطة بغض النظر عن الطائفة و نطالب ايضا بالافراج عن معتقلي الرأي من العسكريين.

    • زائر 17 | 2:01 ص

      وااسفي عليك يا رفاع العز

      لقد ولدت في الرفاع الشرقي منذ الخمسينيات وقد كانت مدينة جميلة نظيفة بشوارعها وناسها الطيبين البسطاء أهل الشهامة والكرم ، انظر ماذا حل بمدينتنا أصبحت مدينة الحائط الغذرة وكأننا في مدينة سياتل الامريكية بواليع تهدر ليل نهار مستنقعات ترعي فيها أصناف الحشرات تملك الغرباء كل البيوت تقريبا ً، هجرها أهلها وحل محلهم أصناف من البشر تقطع الشارع من الشمال الي الجنوب فلا تري صديق او اخو . جاؤا بصفة عسكريين وأصبحوا من كبار ملاك العقار بيع وشراء في القهاوى حتي أصبحت جميع محلات الرفاع ملكاً لهم بلا منافس .

    • زائر 16 | 1:49 ص

      محرقية

      انا اختلف مع الكاتب بالنسبة عن الامارات لان كلهم في الهواء سواء ليس لحماية الامارات انما لحماية الكراسي هذا هو مفهوم التجنيد الاجباري

    • زائر 15 | 1:44 ص

      لا يسموا ابداً

      صم بكم عمي فهم لا يعلمون

    • زائر 14 | 1:43 ص

      صدقت

      في كل مكان في العالم ابناء البلد هم حماته الا هنا، فالغرباء مؤتمنون والشعب مخون

    • زائر 13 | 1:42 ص

      الولاء في البحرين

      لا يريدون الولاء للاوطان بل يريدونه ولاء لافراد... هذه مشكلتنا

    • زائر 12 | 1:41 ص

      دائماً مبدع

      مقارنة رائعة

    • زائر 11 | 1:37 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،يا اخ فردان للاسف لن اضم صوتي اليك هذه المره ،،اتقارننا ب دول الخليج ،، هذا هو الخطآ بام عينه ،،دول الخليج ترهق شعبها باعطائه مسؤليه الشرطه والدفاع ،،نحن هنا ما شاء الله الحكومه اوجدت البديل ،،ف الاجنبي هو الذي يحمل السلاح عنا وعلينا ،،دول الخليج تهم ب توظيف مواطنيهم بالدرجه الاولي ،،اما نحن ،،ف الحكومه ريحتنا من كل هذا ،، ف الوافد يعمل { ونحن ناكل هوا } مسامحه للاطاله ،،يا مسهل .

    • زائر 10 | 1:33 ص

      احكام قراقوشية

      يا استاذ هاني ..يبدو لي ان السنور محكور في زاوية وقاعد يشمخ اللي رايح واللي جاي ..عشان جذيه راح تشوف القرارات القراقوشية

    • زائر 8 | 12:39 ص

      خلنا على حالنا

      اذا صار لا سمح الله شيء احنا موب مال حرب وخاصة ان حروب هالايام كلها تكنولوجيا يعني موب رشاش ولياقة بدنية..فخلونا بعيد عن هالموضوع ولا تشعلوها

    • زائر 5 | 11:46 م

      غريبه

      مايحدث ليس حلآ لأنهاء مشكله أنما تعقيد مايمكن حله مستقبلآ

    • زائر 4 | 11:30 م

      سياسة الإفلات من العقاب هي السبب

      وإذا كانت الثقة مفقودة في المواطنين ؟ هل بإمكان السلطة أن تثق في مواطنيها كي تدمجهم في السلك العسكري إذا كانوا يسرحونهم من السلك المدني ؟ ماذا تتوقع من سلطة كل همها القمع وسجن كل يحمل رأيا مخالفا لتوجهاتها ، ألم تخون المواطنين فقط لأنهم طالبوا بجزء من حقوقهم ؟ هي لديها تجربة سابقة في هذا المجال ولم يحاسبها أحد لا برلمان محلي ولا العهدين ولا الدستوري ولا النظام العالمي لذلك استمرت على هذا المنوال وهي واثقة من إفلاتها من العتاب وليس العقاب. سياسة فرق تسد هي السائدة في بلدنا فلا تحزن يا هاني

    • زائر 25 زائر 4 | 4:37 ص

      ابحث عن السبب

      يا سيدي من الطبيعي توقع ان لا تثق الطولة وجزء كبير من مكونات البحرين في من كان يطالب بإسقاط النظام والرحيل ونصب المشانق في الدوار المشؤوم ؟ واذا تريد ؟ هل المطلوب ان نضع حبل المشنقة على رقابنا ؟ هل نأخذهم بالأحضان ؟ الواقعية تقول اننا سيعيش اكثر من عقد في هذه الدوامة الى ان تنمحي اثار الدوار المشؤوم سيئ الذكر

    • زائر 3 | 11:29 م

      لا مقارنة بين السماد والذهب ...

      ننتظر من السلطة التنفيذية الإسراع في الأخذ بخطى الشقيقة الإمارات ..

    • زائر 2 | 11:12 م

      بعدين ما عندهم حجة التدريب الخارجي

      اذا تم تدريب الطائفة المغضوب عليها بعد حجج التدرب على يد الحرس الجمهوري الايراني او حزب الله شلون يلفقونها .

    • زائر 1 | 11:08 م

      اسقاط الجنسية

      اسقاط الجنسية والضغوطات التي يواجهها المواطن يجعل الدولة هشة وضعيفة في قبالة أي اعتداء خارجي لا سمح الله. من يتصور أن عصر الغزو واحتلال الدول انتهى .. فالقرم التي انظمت لروسيا مؤخرا اكبر دليل على بطلان هذا التصور.

اقرأ ايضاً