العدد 4292 - السبت 07 يونيو 2014م الموافق 09 شعبان 1435هـ

عدلي منصور .. رئيس مؤقت أدار مصر ولم يحكم

"علي الرغم من إدراكي لطبيعة المهمة... التي اخترت ــ توافقاً معها ــ أن أدير البلاد... ولا أحكمها... فقد آليت على نفسي ألا أخالف رغبة الشعب... ما دامت متوافقهً مع صالح الوطن"

هكذا وصف خطاب الأربعاء الماضي للرئيس المؤقت عدلي منصور، مهمة 11 شهرا قضاها بمؤسسة الرئاسة المصرية مع حضوره اليوم الأحد (8 يونيو/ حزيران 2014) مراسم أداء الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية لرئاسة لمصر وفق انتخابات جرت الأسبوع قبل الماضي شككت فيها المعارضة.

ويحضر منصور هذه المراسم في مقر عمله الأساسي بالمحكمة الدستورية العليا (أعلى سلطة قضائية) التي يعود لها لاحقا هذا الشهر، ليمارس مهام عمله الذي بدأه عام 1992 في المحكمة بعد تعيينه كعضو من جانب الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكرئيس للمحكمة الدستورية في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي قبل الإطاحة به في 3 يوليو/ تموز 2013..

وتظهر المفارقة مع حضور منصور كرئيس مؤقت سابق مراسم تنصيب رئيس حالٍ هو عبد الفتاح السيسي، الذي أقسم أمامه مرتين كوزير للدفاع، أثناء تولي منصور مهمة قيادة البلاد.

وجاء اختيار منصور لمهمة قيادة البلاد، مصادفة، كونه رئيس المحكمة الدستورية في ظل عدم وجود برلمان بعد ترتيبات الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي خرجت ضده احتجاجات شعبية في 30 يونيو/ حزيران الماضي، بحسب البيان الذي أعلنه السيسي وقتها وهو يشغل منصب وزير الدفاع بالتوافق مع شخصيات دينية وسياسية وشعبية.

مهمة "رئيس مؤقت" بدأها القاضي، الذي كان وقتها للتو مغادرا ساحة العدالة، بأول إعلان دستوري بإلغاء مجلس الشوري (الغرفة الثانية بالبرلمان المصري)، التزاما ببيان الإطاحة بمرسي، ثم أنهاها الخميس الماضي بإصدار تسعة قرارات جمهورية تتعلق بمشاريع قوانين أهمها انتخاب مجلس النواب والتحرش وتنظيم الخطابة والحصول علي ضريبة سنوية لمدة 3 سنوات بمقدار 5% من ثروة الأغنياء.

المهمة التي أدار بها منصور البلاد متوليا السلطتين التشرعية والتنفيذية خلال مدة لم تتجاوز العام، شهدت إقرارا شعبيا لدستور جديد في يناير/ كانون الثاني الماضي، وانتخاب رئيس جديد وفق انتخابات تمت الأسبوع قبل الماضي.

كما شهدت مهمة منصور سقوط أكبر عدد قتلى من معارضي السلطة الحاكمة بمصر، وفقا لموقع "ويكي ثورة"، أشهر مواقع توثيق الأحداث عقب ثورة 25 يناير/ كانون ثان 2011.

وبلغ عدد القتلى منذ تولي منصور مهمة إدارة البلاد، وحتى نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي 3248 قتيلاً من المعارضين، في جميع أنحاء البلاد بحسب التوثيق، خلال عدة أحداث، أشهرها في فض ميدان رابعة العدوية (شرقي البلاد) الذي كان يعتصم فيه أنصار مرسي في احتجاج اعتبرته الحكومة في بياناتها يحمل كثيرا من التجاوزات في حق الدولة وليس مقبولا استمراره ..

وفي المقابل يري مؤيدون لمنصور أنه واجه العديد من التحديات على رأسها الإرهاب، ومظاهرات جماعة الإخوان التي تم حظرها، واعتبرها الدولة جماعة إرهابية في عهده، بعد تفجير بمديرية أمن الدقهلية (دلتا النيل) في ديسمبر/ كانون أول الماضي، والتي نفت الجماعة مسؤوليتها عنه، وأدانت الحادث .

الرئيس المصري المنتهية ولايته عدلي منصور الذي كان يدير ولا يحكم، واجه صعوبات في بداية هذه الإدارة، وسخرية أيضا، ووفق استطلاع رأى أجراه المركز المصرى لبحوث الرأى العام «بصيرة» (غير حكومي) ، يوم 23 يوليو / تموز 2013 ، بعد أقل من 20 يوما من تولى منصور مهام رئاسة الجمهورية، كان 44% من المصريين في ذلك الوقت لم يكونوا يعرفون اسم الرئيس.

وأطلق نشطاء علي موقع التواصل الاجتماعي ألقاب على منصور من بينها الرئيس الصامت وأن السيسي هو الرئيس الحاكم الفعلي، غير أنه أعلن مرارا عدم تدخل أحد في إدارته للبلاد، وفي أكثر من حوار صحفي قال منصور "أقسم بالله أن الرجل (يقصد السيسي) لم يطلب منى فعل شيء أو الامتناع عن فعل شىء، وأقسم بالله أيضا، غير حانث، أنني أمارس حقوقى الدستورية بمنتهى الحرية"".

ولم ينه هذا القسم، من رئيس مؤقت، حالة الانتقادات ضده من جانب النشطاء الذي رأوا في قانون تنظيم التظاهر الذي أصدره منصور في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قانونا يحد من حرية التظاهر، لاسيما وتم القبض علي نشطاء بارزون شاركوا في ثورة يناير/ كانون ثان2011 وعارضوه منهم أحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل المسجون حاليا.

واستمرت حالة الانتقاد من جانب المعارضة مع عدلي منصور حتي آخر لحظات إدارته، حيث اعتبر حزب مصر القوية (المعارض) في بيان له السبت أن منصور "طوعا أو كرها سيواجه بمسؤولية عن القتل الجماعي لبعض المصريين والفشل في حماية حياة بعض آخر، وتقنين الاعتقال السياسي من خلال السماح بتمديد الحبس الاحتياطي لمدى الحياة، وتجريم التظاهر، وحبس البنات وضربهن في الشوارع والجامعات، و الانقسام المجتمعي الحاد"

في المقابل حددت الكاتبة الصحفية المصرية سكينة فؤاد، والقريبة من منصور كونها مستشارة له، رأيها فيه بكتابة مقالا رأي بعنوان "عدلي منصور.. ذلك الرئيس النادر المستعصي".

وقالت إنه "رئيس مدهش وغريب على المقاييس التي اعتادوا عليها، فلا فساد ولا إفساد، لا عصبة ولا عصابة ولا أصحاب مصالح، ولا جماعة أو عشيرة تحركه بأزرار، ولا تنظيم دولى يتحكم به، رئيس تقلد وشاح النزاهة والاستقامة، يحتكم لسيادة القانون ويحترم مؤسسات الدولة"

فيما تراه مواقع محلية مصرية أنه استطاع أن "يعيد الهيبة لمنصب رئيس الجمهورية، ولقصر الاتحادية الرئاسى، الذي تعرضت أسواره للانتهاك وأبوابه للاقتحام في عهد الرئيس المعزول محمد مرسى".

وكرم مسؤولون محليون بمصر منصور خلال اليومين الماضيين بإطلاق اسم علي ميادين عامة أو مشروعات، سواء في بني سويف (وسط مصر) بإطلاق اسم عدلي منصور علي جسر بني سويف الجديد المزمع إنشاؤه على النيل، فيما أطلقت محافظة بورسعيد (شمال شرق مصر) اسمه أيضا علي واحد من أكبر ميادين المحافظة.

وبهذه الفترة، ما بين مؤيد ومعارض لما شهدت، يخرج عدلي منصور كثاني رئيس مصري بحريته وحياته، بعد صوفي أبو طالب رئيس المجلس الشعب السابق، الذي تولى منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت لمدة 8 أيام، عقب اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وقبل تنصيب الرئيس الأسبق حسني مبارك.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً