خرج الاسبان أمس (السبت) في شوارع مدريد وخارج المدن الاسبانية بمختلف أقاليمها في تظاهرات حاشدة تطالب بعودة الجمهورية واسقاط «الملكية» في اسبانيا مع تزايد قضايا الفساد لأفراد العائلة الملكية الاسبانية واستمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصأوضاعه الاقتصادية في ظل تخاذل الحكومة وسقوط نجم الأسرة الملكية باسبانيا.

وقد نددت أحزاب سياسية يسارية ممثلة في البرلمان، بأن الوضع بات خطيراً في اسبانيا من جراء استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، الأمر الذي دفع الملك إلى التنازل عن العرش في محاولة متسرعة لفرض ملك جديد من دون أن تؤخذ إرادة الشعب الاسباني في الحسبان وهو ما أثار استياء شريحة كبيرة من الشارع الاسباني.

وكانت عشرات الأحزاب السياسية اليسارية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية، قد دعت المواطنين الاسبان إلى تظاهرات جديدة أمس (السبت) للمطالبة بإجراء «استفتاء الآن» حول مستقبل الملكية في بلادهم. في الوقت الذي يستعد فيه ولي العهد الأمير فيليبي (46 عاماً) للتربع على عرش إسبانيا خلفاً لوالده. وسيؤدي اليمين على الأرجح في 19 يونيو / حزيران الجاري أمام مجلسي البرلمان والشيوخ وفقاً للتقليد الاسباني.

المعارضون الشباب للملكية الاسبانية كانوا أكثر الفئات تحمساً، وكانوا في مقدمة من خرج في تظاهرات مدريد. وبحسب التقارير الصحافية، فإنهم هم من حشدوا قواهم منذ أن تنازل الملك خوان كارلوس (76) عاماً عن العرش لابنه، إذ قال مراقبون إنه ومنذ مساء الثاني من يونيو، بعد ساعات قليلة من إعلان الملك الاسباني قراره التخلي عن العرش، اجتاحت موجة المطالبة بعودة «الجمهورية» في مختلف المدن الاسبانية، إذ ذهب عشرات آلاف من المتظاهرين وهم يهتفون بشعار «إسبانيا ستكون في الغد جمهورية» وهم يلوحون بالعلم المثلث الألوان (الأحمر والذهبي والبنفسجي)، للجمهورية الإسبانية الثانية التي أُعلنت في أبريل/ نيسان العام 1931، ثم أسقطتها دكتاتورية فرانشيسكو فرانكو في العام 1939 بعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية. في مقابل ذلك نزل عدد كبير من مناصري الملكية مطالبين ببقاء النظام الملكي في اسبانيا.هذا في الوقت الذي خرج فيه العلم الانفصالي لاقليم كاتولونيا المعروف أنه من أغنى أقاليم اسبانيا ويضم مدينة برشلونة. اذ ازدادت وتيرة المطالبة بالانفصال عن الحكومة المركزية في مدريد منذ خمسة أشهر مطالبين باجراء استفتاء على تقرير مصير هذا الاقليم، وقد حمل المتظاهرون أمس اعلاما تحمل نجمة بيضاء مع أعلام الجمهورية.

صحيح أن مجلس النواب الاسباني سيقوم في 11 يونيو/ حزيران 2014، ثم مجلس الشيوخ، على قانون يجيز تخلي الملك الاسباني عن العرش، الا ان مراقبين يرون أن النتيجة محسومة سلفاً، غير أن القوة الأولى في المعارضة، تمثل أكثر من 80 في المئة من مقاعد البرلمان المنتخب في 2011. مظاهرات الاسبان الساخطة التي خرجت في أرجاء اسبانيا للمطالبة بإرساء جمهورية ثالثة ما هي الا نقطة تحول في المشهد السياسي لهذا البلد الذي عاش تراكمات سياسية عديدة بدءاً من تاريخ طويل مع القمع والديكتاتورية، وصولاً الى التحول الديمقراطي، والآن العودة مجدداً للمطالبة بالجمهورية بعد تفاقم الفساد في أركان النظام السياسي، أضف إلى ما صاحب من استمرار لأزمة الاقتصادية اثقلت فيها كاهل المواطن الاسباني تماما كما جاء في تغريدات الاسبان التي تحمل هموما كثيرة على موقع «تويتر». لننتظر ما قد تحمله الأيام المقبلة في المشهد الاسباني، حيث يبدو أنه سيكون صيفا حاميا قد يقلب الموزاين في شكل وصورة السياسة الاسبانية.